الدكتور زاحم محمد الشهيلي – الشمري
تشير الاحصائيات والدراسات العلمية الى ان كل دول العالم التي تعرضت للحروب والكوارث الطبيعية تم اعادة اعمارها بموجب خطط مدروسة من قبل خبراء ذوي “”اختصاص”” في التخطيط العمراني وبمساعدة منظرين اقتصاديين وسياسيين نذروا انفسهم لانجاز هذه المهمة على أحسن وجه كما في اليابان والمانيا في اطار جدوى اقتصادية ذات مردود ايجابي.
اما في العراق فالحال مختلف تماما، فبعد تدمير البنى التحتية وحل مؤسسات الدولة واستمرار حرب الارهاب التي اتت على الاخضر واليابس وانهكت ميزانية الدولة العراقية ، ناهيك عن الهجرة الكبيرة للسكان من القرى والقصبات النائية والقريبة الى مركز العاصمة بغداد على مدى أكثر من ثلاثون عاما طلبا للعيش والعلم …
صار لا بد من التفكير مليا لايجاد افضل الحلول والطرق المناسبة لإعادة اعمار هذا البلد برمته – اذا ما توفرت الارادة الحقيقية!! – وبالشكل الذي يوفر وفرة مادية لتنفيذ المشاريع المؤمنة أمنيا والمسيطر عليها من ناحية الفساد الاداري والجودة في التنفيذ، ويجعل الهجرة طوعية من العاصمة التي اصبحت تغص بالسكان والعجلات الى ارياف ومدن المحافظات، حيث من غير الطبيعي والمنطقي والممكن ايضا اعادة المهاجرين الى محافظاتهم قسرا خاصة وان محافظاتهم اضحت مدمرة ولا تتوفر فيها ابسط سبل العيش من السكن والعمل والرعاية الصحية والمواصلات والاراضي الصالحة للزراعية.
وليس من المنطقي ايضا ان تقوم الدولة بتنفيذ مشاريع ضخمة في جميع المحافظات في آن واحد في ظل ميزانية استنزفت مواردها الحرب على الارهاب والفساد والدين الداخلي والخارجي التراكمي … وعليه لا بد من الشروع بخطة علمية وعملية لاعادة اعمار البلاد بحيث لا تشتت أموال وجهود الدولة هنا وهناك بدون نتائج ملموسة وكما موضح في الآتي:
1. وضع خطة خمسية لاعادة اعمار المحافظات البعيدة تبدأ من الحدود باتجاه العاصمة بغداد وضمن مراحل … المرحلة الاولى: تشمل المحافظات الكبيرة البصرة ونينوى… المرحلة الثانية: ذي قار والانبار … المرحلة الثالثة: ديالى والمثنى … المرحلة الرابعة: ميسان وكركوك … المرحلة الخامسة: النجف وصلاح الدين … المرحلة السادسة: القادسية وكربلاء … المرحلة السابعة: بابل وواسط … والمرحلة الثامنة والاخيرة تختص باعادة اعمار العاصمة بغداد في طرازها القديم والحديث.
2. تخصص ميزانية الدولة الاستثمارية السنوية لإعادة اعمار محافظات المرحلة الاولى اعلاه وهكذا تباعا بالنسبة للمراحل اللاحقة ومن جميع النواحي (البنى التحتية، المجمعات السكنية المتكاملة في طرازها الشرقي الملائم لثقافة الشعب العراقي وعاداته وتقاليده، المجمعات السياحية، المدارس والجامعات والمستشفيات، انشاء المطارات وسكك الحديد، يرافق ذلك انشاء المصانع الانتاجية خارج المدن التي تستوعب ايدي عاملة فنية وغير فنية توزع على المحافظات (صناعة التعليب، صناعة المواد المنزلية، البتروكيمياويات، صناعة الاصباغ، صناعة السكر، صناعة الجلود، صناعة الاقمشة والخياطة، صناعة الاجهزة الالكترونية، صناعة الطابوق، صناعة الاسمنت، صناعة الورق، صناعة الزجاج، صناعة الحديد والصلب، صناعة الالبان، صناعة الادوية، صناعة المنظفات والعطور، صناعة الاسمدة …الخ)، يرافق ذلك استصلاح الأراضي الزراعية وانشاء القرى العصرية النموذجية وربطها بشبكة طرق مع المدن ومراكز المحافظات، والاهتمام بالثروة الحيوانية الداجنة وتحسين صنوفها، وتربية الاسماك، وتوفير اماكن بيع وشراء المنتوجات الزراعية المدعومة… الخ.
3. انشاء (لجنة اعادة الاعمار) باشراف مباشر من قبل رئيس الوزراء تضم خبراء في جميع الاختصاصات مسؤولة عن المتابعة واعداد التصاميم وادارة الاموال ومراحل تنفيذ المشاريع المختلفة وكل حسب اختصاصه، وهي الجهة المسؤولة امام القانون عن الجودة في التنفيذ وصرف الاموال.
4. طرح بعض المشاريع الكبيرة للاستثمار بعد توفير بيئة استثمارية آمنة تستقطب الشركات العملاقة، حيث تفضل الشركات الامريكية والالمانية واليابانية ((الرصينة)) لتنفيذ المشاريع التعاقدية والاستثمارية.
5. يتم الاستعانة بشركات وخبراء عرب واجانب مختصون بالتخطيط العمراني وبناء المدن وغير ذلك.
6. فرض طوق امني على المحافظات التي تبدأ فيها حملة الاعمار لتوفير بيئة آمنة للشركات والمستثمرين.
7. تتم مصادرة العقارات والاراضي المملوكة للمواطنين ويعوض اصحابها في حال الحاجة اليها لتنفيذ مشاريع عامة.
8. يبدأ التنفيذ من خارج المدن الى الداخل بعد الانتهاء من اعداد المخططات لتوفير سكن بديل وملائم يتم اجلاء المواطنين اليه من مراكز المدن المزدحمة بالسكان.
9. يصاحب حملة الاعمار صيانة وانشاء الموانيء ومحطات وانابيب النفط والغاز والمصافي، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والخطوط الناقلة، بالاضافة الى كري ورصف ضفتي نهر دجلة والفرات واقامة السدود والبحيرات والمنتجعات السياحية عليها.
الفوائد المتحققة:
1. الاستفادة من اموال الميزانية الاستثمارية في تنفيذ عدة مشاريع حقيقية في محافظة واحدة او محافظتين وعدم هدرها على مشاريع عشوائية غير مرئية مبعثرة في المحافظات تشجع على استمرار الفساد ونهب المال العام، ناهيك عن توفير وفورات في الاحتياطي المالي عبر السنين.
2. وجود ادارة موحدة صارمة مسؤولة امام القانون عن صرف الاموال وتنفيذ المشاريع وجودتها يؤمن مسالة القضاء على الفساد من ناحية وعدم هدر المال العام من ناحية اخرى.
3. حصر المشاريع في محافظة واحدة يؤمن الحماية الامنية الضرورية لها.
4. سهولة المتابعة بجهد اداري واستخباراتي اقل.
5. توفير فرص عمل كثيرة للعاطلين عن العمل من جميع الاصناف والاختصاصات.
6. اختصار الزمن في اعادة اعمار العراق خاصة اذا ما تم الالتزام بفترات التنفيذ من قبل الشركات حيث لا تتجاوز الفترة (25) عاما لكل المحافظات.
7. ضمان هجرة طوعية معاكسة لسكان المحافظات من بغداد الى محافظاتهم التي تم اعادة اعمارها وتوفرت فيها فرص العمل والسكن والحياة الحرة الكريمة.
8. توفير مناخ افضل لاعادة اعمار العاصمة بغداد بعد افراغها من السكان نسبيا، ناهيك عن الاستفادة من الاخطاء التي رافقت اعادة اعمار المحافظات ليتم تلافيها في اعادة اعمار العاصمة.
ملاحظة: تشمل المحافظات الشمالية في الخطة في حال تم استقطاع مبلغ اعمارها من حصة الاقليم.