لميس كاظم
قبل المناقشة أتوجه للمتظاهرين: الرجاء عدم التقاطع مع خطاب المرجعية لأن الحكومة لا تزال هي الخاسرة وتنتظر هذه الفرصة الذهبية لتشن هجومها الكاسح وتبطش بالمتظاهرين مبررة أنهم خرجوا عن توجيهات المرجعية. لا يزال المشهد لصالحكم وعليكم التخلي باليقظة والحلم والبصيرة.
ملاحظات أولية قبل تحليل خطاب مكتب المرجعية لهذا اليوم المصادف 22/11/2019.
استهل الكربلائي ـ ممثل مكتب المرجعيةـ حديثه بالتذكير بحديث نبوي عن العفو. وأراد به تمرير فكرة عفو المتظاهرون عن جرائم الحكومة التي ارتكبتها بحقهم.
كما وردت عبارة في حديثه “هذا ما جاء من مكتب المرجعية”. هذا يعني أن الخطاب صادر من مكتب المرجعية وليس عن المرجع الأعلى السيد علي السيستاني نفسه. هذا الأمر مختلف ويقبل التأويل. لأن المرجعية ممكن أن تتنصل منه بحجة سوء فهم مكتبه أو يتنصل منه أي عضو منه لأن المكتب يضم عدة أعضاء ويصدر قراره بالأغلبية.
وهنا أتساءل: أليس من الأجدى بالمرجع الأعلى السيد علي السيستاني، أن يلقي الخطاب بنفسه وليس عبر ممثليه، في مثل هذا الحدث الجلل الذي يعيشه أبناء طائفته، ليحسم الالتباس الشائع حول وفاته.
الملاحظة الأخرى أن خطاب مكتب المرجعية، وحديث السيد الكربلائي نفسه، لم يترحما على شهداء الأنتفاضة.
أعود لخطاب مكتب المرجعية، المقتضب جدا، الذي ركز على ثلاث نقاط:
1. تؤكد سلمية المظاهرات وخلوها من العنف وأحقية مطالب المتظاهرين.
2. تشدد على حرمة الدم.
3. ضرورة إسراع الأحزاب السياسية بتشريع قانوني الانتخابات والمفوضية لانهما يمثلان تجاوز الأزمة.
واضح أن الخطاب غازل الطرفين في آن واحد. ففي النقطة الأولى أكد على سلمية التظاهرات وحصرها في ساحات التظاهر لتجنب مواجهة القوات الأمنية وحقنا للدماء. وخشية أن يدب الشلل العام في مصالح الدولة. وهي نقطة لصالح المتظاهرين وبالوقت ذاته همس للحكومة.
وجاءت النقطة الثانية منصفة للمتظاهرين حيث شدد على حرمة دماء المتظاهرين لكنه لم يفتِ بتحريم القتل أو المطالبة بمحاسبة الجناة.
اما النقطة الثالثة فكانت لصالح الأحزاب السياسية حيث حثها على الإسراع في تشريع قانوني المفوضية والانتخابات كخارطة طريق لحل الأزمة. كانت هذه الإشارة لتعزز بقاءها في سدة الحكم. ونوه الخطاب إلى ضرورة التشريع العادل الذي ينصف الشعب. وهي إشارة خطابية ليس إلا. لأن المرجعية تعي تمامًا أن هذه الأحزاب الفاسدة ليست قادرة على تشريع قوانين منصفة لشعبها. وبهذا الخطاب تكون المرجعية قد أبقت الأمر معلقًا بين الطرفين مع ميلان الكفة لصالح المتظاهرين.
خاب أمل الأحزاب السياسية في هذا الخطاب لأنه لم يتطرق لوثيقة الشرف التي وقعت الأسبوع الماضي. وهي إشارة إلى عدم مباركة المرجعية لهذه الخطوة .
ثم تطرق الكربلائي في حديثه الشخصي عن الرحمة والمحبة واللطف، وضرورة استماع الحكام الى المظلومين والاستجابة لمطالبهم ولا يجوز الحاكم الاستئثار بالسلطة. وختم حديثه أن جميع ثورات الشعوب خرجت نتيجة الظلم لإسماع مطالبها للحاكم. كان حديثه موجها إلى حكام العراق الظالمين الذين انتخبهم الشعب ونبههم إلى ضرورة الكف عن أستخدام العنف المفرط والانتباه لمطالب شعبهم. لكنه لم يحملهم أدنى مسؤولية عن قتل المتظاهرين أو محاسبتهم.