خاطرة
لِنُعْلنَها مَعًــا…
” كَفَـــــــىٰ! “
لـَو كُنتُ شـاعِرًا أَكتُبُ باللَّهجَةِ الدَّارِجَةِ، لِنَظَّمْتُ قَصيـدَةً بـَــدْءَهــا :ــ
{ أَحِبْ جَرْحَكْ.. وَ اَرْتـاحْ لُـوْ تِطْعَنِّــي!}
وَ فِعلًا.. هَمِمْتُ أنْ أَخُوضَ هٰـذَا المِضمـارَ عَلـىٰ قَـدَرِ ما لَـديَّ مِن صَورٍ شاعريَّةٍ في لَحظـاتٍ مِـنْ العُمـرِ.. لٰكِنْ!
ذاتَ مَرَّةٍ…
اِلْتَفَـتُّ مَفزُوعًـا عَلَىٰ نِداءِ وَ تَقريعِ حَفيدَتي ( وَردَة ) الَّتي شَـرَعَتْ تَغْسـِلُ مَلابسَهــا تَحتَ صنبورٍ(حَنفيةِ ماءِ tap water) شِتاءً.
بِالكــادِ.. تَدخلـْـتُ لِمنعِ عقُوبَة مِنْ أَبيها، لٰكنِّي تأَلَّمـــتُ كَثيرًا، لَيسَ عَلىٰ وَردَةِ عُمري، وَ هي قَطعًا تَسـتَحِـقُّ.. إنَّمــاــ مَعَ اِفتراضِ الفُرُوقاتِ النِّسبيَةِ، في الزَّمانِ
وَ المكانِ وَ الأشخاصِ وَ المواقفِ طَبعًاــ أقُـــولُ:-
نَحنُ لا نَقوَىٰ عَلَىٰ دِرءِ المَخاطِرِ عَنْ كاهِلِ فَـلــذّاتِ أكبادِنـــا، في أحيانٍ كَثيرَةٍ، عِنــدَما يُمارسُــــونَ حياتَهُم في العَملِ
وَ التَفكيرِ وَ العلاقاتِ الإجتماعيَةِ في الشّــارعِ أو في المَـدرسةِ أو في المُؤسـّسَـةِ…
هٰـــذا مِنْ جانبٍ.. عَلَينا أنْ نَقُرَّ بِهِ.
وَ في الجــانبِ الآخــرِ…
ــ هَــلْ تحقيـقُ اللَّذَةِ، يَتمُّ عَنْ طَريقِ تَعذيبِ الآخرينَ؟ بِمَعنَىٰ:
ــ هَـلِ الحُصـُولُ عَلىٰ المُتعـَـةِ مِنْ خِــلالِ ألَــــمٍ وَ معانـاةِ الآخرينَ، سواءٌ نَفسيًّا أو بَدنيًّا أو جِنسيًّا؟
أعتَقِدُ هٰذا ما كَتبَهُ الأديبُ الفرنسيُّ “الماركيز دي ساد”
Marquis de Sade1740/1814
في أَشْهَرِ رواياتِهِ(جوستين و جوليت)
بِحيثُ تَتَميَّزُ شَخصيَّاتُ رواياتِهِ بالإندفاعِ القَهري إلىٰ تَحقيقِ اللَّذةِ عَن طَريقِ تَعذيبِ الآخرينَ، للحصُولِ عَلىٰ المُتعَةِ!
وَ إيقاعِ الألمِ عَلىٰ الآخَرِ أو عَلىٰ الذَّاتِ.. هُو شَرطٌ أساسيٌّ لإثارةِ الرَّغبَةِ وَ الوصُولُ إلىٰ الذَّروَةِ، فَيَتلذَّذُ السَّاديُّ بِوَخزِ الطّرفِ
الآخرِ أو عَضِّهِ أو ضَربِهِ أو أحيانًا سَبِّهِ
(أَلَمٌ نَفسيٌّ)، وَ قَدْ تَصلُ درجةُ الألَمِ إلىٰ حَدِّ القَتلِ!
وَ أعتَقِدُ أيضًا، ما نَلمسَـهُ في يومِنا الإعتياديِّ، بِحـجَّــةِ اِسـتتبــابِ الحـالِ،
أَصبَحَ لَيسَ مِنَ المحالِ، عَنْ طَريقِ القَهرِ
وَ التّعامـلِ الفَضِّ مَعَ أطفالٍ وَ شبابٍ وَ إراداتٍ طَمُوحَةٍ وَ أفكارٍ جَديدَةٍ، وَ أَحلامٍ مَشرُوعَـةٍ.. هي صَورٌ أُخرَىٰ مِنْ سلُوكِياتٍ مَرفُوضَةٍ!
فَهَلْ هٰذِهِ السُّلُوكيّاتُ تُعَدُّ مِنَ المَفاسِدِ؟
“أَرجُو أنْ لا أكونُ مُخطِئًا إذْ أَجِيبُ بــِ نَعَـمْ!”
وَ قَـديمًـا.. اِسْتَنبـطَ العُلمـاءُ قـاعدَةً مِنَ الأدلَّـــةِ الشَّرعيـَّةِ مَفـــادُهـا:ــ
[دَرْءُ المَفاسِدِ، مُقَدَّمٌ عَلىٰ جَلْبِ المَصالِحِ.]
بِمَعنـىٰ ــ كَونُ الإنسانِ يَــدْرَأُ مَفْسَــدَةً، أَعظَـــمُ مِنْ كَونِهِ يَجْـلِبُ مَـصـلَحَــةً!
فَهَـلْ نَرعَـوي يا أُوُلي النُّـهَىٰ، وَ نَصطَفُّ بِوجهِ الظُّـلمِ وَ القَهرِ وَ التَّنكِيلِ وَ السَّبِّ
وَ اللَّـعـنِ.. جُزَافًا؟
وَ نـَصْــــرَخُ مَعًــــا.. كَـفَــىٰ !!!
أخيرًا…
هاكُمْ البَراءَةَ وَاحكُمُوا عَلَىٰ جُزئِيَّةِ حِوَارٍ دَعانِي أَنْ أُرَدِدَ..
{ أَحِبْ جَرْحَكْ.. وَ اَرْتـاحْ لُـوْ تِطْعَنِّــي!}
(صاحب ساجت/العراق)