خارج السيطرة -/ جرائم ضد الانسانية
فاطمة سعدالله
معارج الفكر .. المانيا / برلين /ملف فاجعة الكرادة
“الكرادة” قيرنيكا جديدة رسمتها مخالب الشيطان ..سوق عكاظ خُطت قصايدها بحبر الشهادة ..سنابل خضراء حصدتها آلة جهنمية ..سارعت الى دهسها قبل الأوان ..البيادر متشحة بأكفان حمراء /خضراء/سوداء لا بياض فيها سوى ابتسامات تجمدت وهي تتهيأ للعيد ..الكرادة براعم كانت تعشق النور والحياة ..لم يمهلها الوجع قيْد ثانية لكنها ستحتفظ بشوقها للعطر والنقاء ..
لوحة مكتظة بالأشلاء ..لا يستر سوأتها إلا الدخان والحريق ..السواد صمت مبحوح الحناجر ..أنات تخترق السكون ..تتخلل الركام ..تشق طريقها متعثرة ..نحو السماء ..ألسنة حمراء تأكل كل شيء ..تحرق كل شيء ..رائحة الشواء لم تعد تحرك شهية الأمعاء ..ماتبقى من العيون تبحث عن الدموع ..الحشرجة تستجدي البكاء ..الوهن سيد الموقف ..السنابل الخضراء كااانت ..ولم تعد ممشوقة الكبرياء ..كااانت ..ولم تعد تحلم بجدائل ذهبية الانسياب على أكتاف الصيف ..هشيما صارت ..هشيما يسري في شرايين الحصاد ..آلة دارسة ..آلات حاصدة ..آلات جهنمية تمد أذرعها الأفعوانية …تقطع ..تدوس ..ترحي ..تلدغ ..لا تتوقف ..برمجة الموت خارج السيطرة ..من يوقف حقد المناجل ؟ هل من ترياق مضاد لسموم للتوحش ؟ من يؤجل الحصاد ؟من؟ الكرادة ..قيرنيكا جديدة لم يرسمها بيكاسو ..بلا “رتوش ” من غير دقوس ..هي هنا ..والوجع هنا يتوالد ..يتزايد ..يتوافد ..يتمازج : صرخة رضيع في وادي بلقع ..دمعة طفلة لم تجد وجنة تتكىء عليها ..نداءات أب ..عينا أم تجوب الفضاء ..ارواح تبحث عن أجساد آوتها ..عانقتها زمنا ..
الكرادة “عروس” كانت ..ولم تعد تبحث عن الحناء ..خضابها الساخن أغرق الأيدي والأرجل والجدائل حولها بكل سخاء ..ألعاب كثيرة ودمى كانت في انتظار العيد ..كانت تهزج طفولة وأناشيد ..الحناء لم تجد كف العروس ..الدمية لم تهنأ بحضن الطفلة/ الام ..سالت الألوان على الألوان ..لبست الأكفان الحداد والخجل ..الساحة صامتة ..الفضاء مثقل بالأشلاء والوجع ..الصراخ فقد طريقه الى الحناجر ..ضلّ العيد طريقه ..تاهت الأفراح ..الركض يركض نحو الهروب ..والشمس تبحث عن الغروب ..الدخان ..الازدحام ..زالصمت ..السنابل مهشمة ..الجماجم متفحمة ..العروس توقفت عن البحث/عن الركض ..تأخر العيد عن الحضور ..كان يقطف ورود الفرح البيضاء ..يملأ أكف الأطفال حلوى ..الأكف قطعت ..الورود خلعت ثوب البياض ..لا هدايا يحملها العيد سوى الابتهال ..
الأكف المقطوعة ترفع الرجاء رغم النزيف ..بعض الألسنة تلهج في صمت : اهطلي يا رحمة السماء ..أوقفي هذا المارد ..
وصل العيد ..لم يجد الحياة ..الكرادة ترفل في حلل الشهادة ..بكت السماء عطرا ونورا ونماء ..
ستنبت السنابل من جديد ..ستتفتح البراعم كل عيد ..
ـــ تونس ـــــ 6/7/2016