خيري هه زار
سئل جحا ذات مرة عن المدينة الفاضلة فأجاب قائلا :
ذات يوم من الصيف … وعندما مال الطيف … نزولا الى الغروب … ولرؤية الكروب … كنت مارا بالأسواق … فداهمتني الأشواق … ان اخرج للخلاء … لما عاينت البلاء … بأم التوأمتين … وسواد المقلتين … من لدن مطففين … حمقى متأففين … وجعلت المدينة … بالأحوال الحزينة … خلفي ولم ألتفت … كأنني في التبت … رأيتني بالفلاة … ففزعت للصلاة … وأثناء سجودي … في محل وجودي … رأت عيني خاتما … فاستذكرت حاتما … وكيف كان الكرم … يسوق من العدم … اليه الرزق الوفير … يهجع دون خفير … فالطباع السخية … للأحوال الرخية … سائقة مسوقة … للكرام مخلوقة … فلما أتممتها … بالسلم ختمتها … رفعته للبنصر … ممتنعا للخنصر .. . وحين ألبسته … كان ما أحسسته … أغرب من الأحلام … وفانتازيا الأفلام … رأيت اني اطير … خلف السحاب المطير … على بساط أحمر … فوق جبال أزمر … وأعبر المناخات … في الصحارى والواحات … فحط بي أخيرا … بعد الحوم كثيرا … أمام باب عظيم … يدهش المرء الكظيم … من أعلاه للأسفل … بالرتاجات مقفل … ليس له بواب … يحرسه كالنواب … عند بحث الخدمات … وتخفيف الصدمات … في صدور الناخبين … الحمقى والصاخبين … فأقعدتني الشكوك … هل هذا حي البنوك … وغادرني البساط … دون مأوى او فسطاط … ثم أعلنت النفير … بعد الشهق والزفير … بين بنات الفكر … ليسرعن في الذكر … ويغثن بالمخرج … للكفيف والأعرج … فأنقدحت شرارة … من كثافة الغارة … مثل الشهاب الثاقب … عند ذكرالمناقب … جعلتني بالحجر … أدق بلا ضجر … على رتاجات الباب … ويصتك في الناب … من الخوف والرهبة … والفضول والرغبة … في هذا الصيف القائظ … حيث قيمة الفائض … يزيد في الاحساس … لدى سواد الناس … بالغبن وبالغضب … على وجه قد نضب … من بقية الحياء … للساسة في الرياء … وعلى البرجوازي … داعم الفكرالنازي … وبعد طول القرع … خشيت من الصرع … حين لم ألقى ردا … واليأس اجتاز حدا … لم أره في المألوف … له ريح او خلوف … فقلت على مضض … موت بدون مرض … وها أقبل الأجل … زاد في نفسي الوجل … فكدت أن أكتفي … من ضرب قد لا يفي … لكنها هي الروح … دأبها خلف الشروح … لظاها لا تنطفأ … تسعى ولا تنكفأ … دفعتني الى الدق … لكشف باطن الحق … من الظاهر المريب … صرخت هل من مجيب … حينها جاء الفرج … صوت يشبه الهرج … ولكنه مسموع … نبره هنا ممنوع … وقال من لدى الباب … قلت من أولي الألباب … شخص يكنى بهلول … هل يسمح بالدخول … قال بهلول بغداد … ليس لك هنا زاد … قلت انا بدوري … سائلا ومن فوري … ماذا هنا خلف الباب … قلبي من فضول ذاب … من انتم من الأقوام … هل تبليكم الأعوام … كيف هي السليقة … عندكم والطريقة … في الحكم والادارة … وهل أنتم امارة … أم حكم للطبقات … ومبرموا الصفقات … أصدقني لا فض فوك … كيف يحكم الملوك … فانني على شوق … ومن خلف هذا الطوق … لكي اسمع المزيد … من فمك ما اريد .
فرد الحارس بلسان طلق قائلا :
اسمع ايها البهلول … للعلة والحلول … نعيش في مدينة … من الخير بدينة … ويحكمنا مجنون … مضطرا غيرممنون … يصدق في قوله … للناس من حوله … وأننا عقلاء … حين الوزن ثقلاء … فما جدوى للعاقل … يلبس ثوب الناقل … وشعبه البليد … تحت قرالجليد … محال اذابته … وشاق ادامته … الا بنارالجنون … لا يرثه البنون … ليست فينا قبيلة … فقط هل النبيلة … وغيرها حثالى … وفي العزم كسالى … كذلك لا أحزاب … يعمل لها انصاب … وبينها والقدر … رغم الأسى والكدر … عقود من البقاء … ليس فيها للنقاء … رائحة أو أريج … هي في أمر مريج … قد أمضت وأبرمت … وغيرها أجرمت … تلفظها من السوح … وتقرعها في الروح … كأنها خلقت … والباجة علقت … في اعناق بنيها … من الحكم تدنيها … وفي كل التقاليد … بيدها المقاليد … نيتها والهوى … وفي مكان سوى … في ملتقى الغواية … تنحوها كالهواية … تلعب بالنفوس … بمقتضى الفؤوس … وفي هذه البلدة … تم اقتلاع الجلدة … من ساحة السياسة … وحقوق الرياسة … متاحة للجميع … للمطيع والسميع … لقانون العدالة … وليست للزمالة … ولا لدفع الرشوة … لكي تبلغ النشوة … في تسليم المناصب … للمحتكرالغاصب … فنغمة التفرد … نشازفي التغرد … في هذه الامارة … دارة اثردارة … في التناول السلمي … وفق المنهج العلمي … وفينا قاضي القضاة … لا يركع للطغاة … ويجيرالمظلومين … من أشرارمعلومين … بالبنود والآيات … لا يلتفت للرايات … على سطح المقرات … التي بالمعرات … متخمة مملوءة … وبالفسق موبوءة … لا يعلم قاضينا … في اليوم وماضينا … كيف هو التزلف … اوصنعة التكلف … في الطعون والحسوم … وبين كل الخصوم … ولا يهاب الساسة … متقد الحماسة … في تفعيل القانون … وكلنا منقادون … للبنود والأحكام … رعية او حكام … بكامل الارتياح … لا نقبل الاجتياح … من احد لسوره … بعد اقباس نوره … من ثنايا المعمعة … لا نرضى بالجعجعة … دون طحن وثمار … فلقد خضنا الغمار … لهذا اليوم البهي … حيث الأُكُلُ الشهي … يأتيه من كل حدب … لا يرى قحطا وجدب … للقانون سيادة … عندنا وريادة … بعكس ما عندكم … فهو الآن عبدكم … أي لأولاة الامور … كالتابع والمجرور … بقوة الكلاليب … فهل تأت الشآبيب … من الرحمة والخير … انتم بعدوة الغير … لا صلاح للأمة … ان لم يرقى للقمة … حب قانون يسري … في مجرى الدم يجري … من عروق الأفراد … بوعي واضطراد … والسلطة الرابعة … فينا غير قابعة … في دهاليزالأقلام … وتحت ظل الأعلام … بالنثر والقصيدة … وأجمل كشيدة … فننساق للتعبير … وبألوان التحبير … فنقول ما نعنيه … بكل قوة الفيه … ولا نخشى اللائمة … نتحاشى العائمة … حيث نملأ الرقاع … ونصدح في البقاع … بالصوت والكلمات … وكل المسلمات … حرية الصحافة … باتت من النحافة … لديكم حيث تدمى … في القمامة ترمى .
ثم اعقب مقالته بهذه الكلمات قائلا :
هذه اختصارات … من جملة انتصارات … في حياة الشعوب … أتتنا باللغوب … في المجالات الهامة … والى حين الطامة … سنرعاها في الآماق … ونغزو بها الآفاق … وهناك أخريات … لها فينا مجريات … لم يسع لنا المجال … بهذا الرتم العجال … ان نسوق للأسماع … قد تقحمنا الأطماع … من اناس غيرنا … يعيقون سيرنا … ولو اردت النسيء … وثنيت في المجيء … سأسهب في القادم … انا الشرطي الخادم … في هذه المملكة … دون ادنى فذلكة … ادعوك لأن تبصر … ما سمعت وتقصر … ولا تدعو للتهريج … اذا اردت التفريج .
فرد عليه جحا والحنق يكاد يقضي على انفاسه وقال له :
ما هذه الحرية … في تلكم البرية … وراء هذا الرتاج … وكأنكم نعاج … ليس لكم في الأمر … غيرالدق والزمر … فما قيمة الفرحة … مالم تتلوها الترحة … او تسبقها حينا … فهل اشتقتم دينا … من مثل أفلاطون … ومن طب بقراطون … وهل هي المادية … في الأحوال العادية … من فلسفة ماركس … علا دهرا وأركس … فاقتبستم الأثر … من منهج اندثر … كانني بالخوان … الذي من الصوان … بهذه التشكيلة … فكانت الكفيلة … ان تعيشوا معزولين … واراكم مرذولين … فلا بارك الاله … بهذا العيش والجاه … تستخفون من الناس … للقلة من الباس … انني ارى العدم … قد حط فيكم قدم … وهذه المملكة … آيلة للمهلكة … ليس لنا من ناصر … في ثنايا العناصر … التي ذكرتها … في البحث أبكرتها … فانها اربعة … تجلس مربعة … على عروش الفكر … انها من الذكر … جاءنا من الغيوب … معطرا بالطيوب .
ثم أدار الخاتم في اصبعه فهبط عند اقدامه البساط واعتلى ظهره وتمتم في نفسه بهذه الكلمات :
ليت شعري هل اعود … اذا ما دوت رعود … دون هطول المطر … منبأة بالخطر … وبساط سليمان … يأتيني عبرالزمان … الى هذه البلاد … كي اجدد الحداد … على روح الحرية … في هذه البرية .
والسلام ختام