حيدر العبادي
تحليل شخصية في دراسة علمية
أ.د.قاسم حسين صالح
تعدّ استطلاعات الرأي من أفضل الاساليب العلمية في دراسة الظواهر الاجتماعية والاحداث السياسية اذا توافر فيها عنصر الموضوعية.وتكمن اهميتها ليس فقط في تشخيص ايجابيات وسلبيات الواقع المعاش بهدف معالجتها بل وفي تقديم مؤشرات تنبؤية فيما يخص المستقبل واتخاذ ما ينبغي من اجراءات.
وانطلاقا من مسؤوليتنا الوطنية والعلمية،ولكون السيد حيدر العبادي هو المسؤول الأول عن أمور الناس والوطن فقد استطلعنا آراء المواطنين عبر مواقع الفيسبوك والبريد الآلكتروني.ومع ان العينة لا تعدّ ممثلة للمجتمع العراقي،غير انها يمكن ان تعدّ ممثلة للمثقفين،لأنها شملت نخبة بينهم كتّاب وأعلاميون واساتذة جامعات ومدرّسون ومعلمون.
كنا توجهنا لهم بالسؤال الآتي:
- نقوم باعداد دراسة عن السيد حيدر العبادي،فما هي من وجهة نظرك الموضوعية أبرز ثلاث صفات في شخصيته..ايجابية أو سلبية؟
امتازت معظم الاجابات بالصراحة والموضوعية والادراك الشخصي والوطني لأهمية الرأي في دراسة علمية،وامتاز بعضها بتشخيص دقيق للواقع يدل على وعي سياسي وحرص وطني وخوف من شرّ مرتقب.
ويتحدد دورنا هنا باجراء العمليات الاحصائية وتصنيف وتنظيم (267) اجابة ..مستبعدين منها تلك التي حملت مفردات (انفعالية)..فكانت النتائج على النحو الآتي :
الصفات الايجابية:
تحددت هذه الصفات بشخصية السيد حيدر العبادي بالآتي:
- التواضع والبساطة وطيبة القلب وحسن النوايا،والتحضر والاجتماعية
- المسالمة واللاطائفية وعدم وجود نزعة لديه لأيذاء الآخرين
- النزاهة وطيبة الضمير..والنظافة من الداخل
- الحيادية
- لديه افكار رائعة من اجل التغير،ويحب ان يخدم
- اجادته لغة الحوار والدبلوماسية مع الجميع بمن فيهم الخصوم
- ايمانه ببناء دولة مدنية
- امتلاكه عقلية اقتصادية جيدة
- لديه القدرة على امتلاك اعصابه وتخطي الازمات .
- علماني ويستحق كلمة سياسي
- لديه علاقات طيبة مع بريطانيا وامريكا
- يستشير ولا ينفرد برأيه
- تخرجه في جامعة بريطانية وتأثره بثقافة المجتمع البريطاني.
ولقد شكلت نسبة هذه الصفات الايجابية (21%) من اجابات المستجيبين.
ثانيا: الصفات السلبية.
تنوعت هذه الصفات وتعددت..ولغرض توصيفها بشيء من الدقة فقد قمنا بتصنيفها وتوزيعها على المحاور الآتية:
- القيادة والأداء.
- – غير قادر علئ اتخاذ قرارات مصيريه
- – شخصية سياسية منقادة وليس قيادية
- – تراجعه في تنفيذ ورقة الاصلاح
- – لم يحترم ارادة الجماهيرالتي خرجت بتظاهرات في كل العراق
- – غير قادر على الوفاء بوعوده
– يعتمد رد الفعل وليس الفعل في ادارته
- – تابع..لا يقوى على ان يخرج من جلباب حزب الدعوة
- – لم يعتمد مبدأ الشفافية في اضهار الحقائق
- – ضعيف امام كتل حديدية
- – غير حازم
- الشخصية
- – ضعيف الشخصيه
- – نرجسي جداً
- – لايملك كاريزما
– شخصيته مضطربة تعاني صراع الاقدام والاحجام
- – عاجز عن التوفيق بين صفاته الشخصية و متطلّبات المنصب
- – شخصية توافقية ضعيفة
- – عدم القدرة على المواجهة
– يخاف من الحيتان التي حوله اكثر من خوفه من غضب الشعب
- صفات اخلاقية
– مراوغ رغماً عنهُ،ويمارس اللف والدوران لأخفاء الهفوات والسلبيات
– يبالغ في وعوده ويجيد التمثيل
– داخله أسوأ من ظاهره
- الحالة الوجدانية
– خائف متستر وكأنه لديه سرقه
– متوتر، متردد، مرتبك، هياب
– مهزوز في داخله
- التفكير
– مشتت الفكر
– موهوم انه قادر وهو عاجز
– منشغل برضى اميركا من عدمه
– يمتلك فما يتكلم فيه غير ما يرى ويسمع
- السلوك اللفظي
– ثرثرة زايده وبدون أفعال
– الاسترسال عند الحديث
– كثير الاقوال قليل الاثبات
– التسرع بالارتجال
– استخدام مفردات مهدئة وهادئة
- الشكل والهندام
– غير انيق الهندام ولايعرف كيفية تنسيق الالوان وترتيب ذقنه
– لا يسيطر على حركة اقدامه
– تركيبته الجسدية متقزمة
– يتعثر بحذائه حين يمشي
– صوته نشاز على اذن المستمع واحياناً ينرفز
ولقد شكلت هذه الصفات نسبة 79% من اجابات الاستطلاع.
هذا وكان في بعض الاجابات شيء من الطرافة كقول احدهم:” حماوه..ما اعرف شلون اترجمها”..وقد يعني بها ” حراره زايده ما بيها فايده”.
استنتاجات
في ضوء النتائج اعلاه فان الصفات السلبية هي الغالبة في شخصية رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي.وفيما تحددت معظم صفاته الايجابية في شخصيته كانسان (الطيبة وحسن النوايا والبساطة..) فان معظم الصفات السلبية تحددت في دوره كرجل دولة من حيث ضعف القيادة والأداء والسلوك السياسي بالدرجة الاولى فضلا عن مواصفات تتعلق بشخصيته وحالته الوجدانية.
ان العقدة الأكبر في مشكلة السيد حيدر العبادي هي ان الغالبية المطلقة ترى ان الحل يكون بتحرره من حزبه ( حزب الدعوة) فيما هو تابع له ويأتمر بأمره.ويبدو انه لن يستطيع الخروج منه.ففي مقالنا الموسوم (نصيحة صادقة الى الدكتور حيدر العبادي) والمنشور في صحف ومواقع عراقية في 24 كانون الأول 2014 جاء فيه بالنص:” تنطلق نصيحتنا هذه من حقيقتين،الأولى:ان الانتماء لحزب سياسي يلزم رجل الدولة الأول(رئيس مجلس الوزراء) بتوجيهات حزبه التي قد تتعارض مع طموحاته الشخصية وما يتطلبه الواقع من اجراءات تمس مصالح حزبه.والثانية:ان المجتمع العراقي يفضل،بل يريد ان يكون رئيس مجلس الوزراء مستقلا سياسياً”. واضفنا ،”انه بانتمائه لحزب الدعوة فانه يتحمل شاء أم أبى،ما ارتكبه من سياسة غير حكيمة على مدى ثماني سنوات كان فيها امينه العام (السيد نوري المالكي) رئيساً للوزراء..في افشل وافسد حكومة في تاريخ العراق”. واوضحنا بأن ” المجتمع العراقي ينفرد بتعدد مكوناته وتنوعها..قومياً ودينياً ومذهبياً..فضلا عن تعدد احزابه واختلافاتها المتضادة من الاسلامية المتطرفة الى العلمانية والماركسية،وان التاريخ السياسي للعراق يثبت ان الحزب الذي يتولى الحكم فيه ينفرد بالسلطة ويحتكر الثروة..وان الوضع السياسي والاجتماعي والأمني المعقد والمخاطر التي يتعرض لها العراق..تحتاج رئيس وزراء مستقلا سياسياً..متحرراً من القيود الحزبية..”. وختمناها ” انك ان فعلتها فستدخل التاريخ وسيدرك العراقيون ان اجراءك هذا هو من اجل ان يتوحّدوا فيكونوا هم حزبك وظهيرك،وستكون حديث الساعة في الفضائيات بدءا من سي أن أن و بي بي سي ،وانتهاءا باكثر من خمسين فضائية عراقية..تجمع كلها على انك وطني عراقي..شجاع وأصيل..فهل ستفعلها؟” وللأسف..لم يفعلها.
ولأننا نحن المعنيين بعلم نفس الشخصية والمهتمين بعلم النفس والاجتماع السياسي نفهم الانسان ونحلله بشكل علمي، فقد فهمنا حقيقته وكتبنا عنه مقالة رابعة في آب 2015 بعنوان ( حيدر العبادي..هاوي بس ما ناوي)..ختمناها بالقول “ ان قراءتنا السيكولوجية للسيد حيدر العبادي هي انه لم يستثمر فرصة تاريخية تجعل منه رجل دولة وبطلا شعبيا.ولأنه اضاعها، فانه سيعود الى سابق وضعه..بعد ان اوصل الناس الى قناعة بأنه (هاوي..ولكن ما ناوي)..مع انها “المرة الأولى بتاريخ الحكم في العراق..يحصل فيها رئيس وزراء على تفويض من اكبر قوتين:الشعب والمرجعية الدينية للقيام بمعالجة اقبح وأوسخ ظاهرة في تاريخ الدولة العراقية“.
وجاءت مصداقية تشخيصنا المبكر هذا بتوكيد المرجعية الموقرة في كانون الثاني 2016 بقولها انه اضاع فرصة تاريخية قد لا تتكرر،بل ان هذه الفرصة ما حصلت حتى للأمام علي بن ابي طالب بتعبير القاضي وائل عبد اللطيف..واتفاق عينة الاستطلاع في هذه الدراسة بأنه (أضاع علينا فرصة لن تتكرر).
وما يزيد الامر تعقيدا ان هيبة الدولة تمر بحالة تناقض،فهي تحرز انتصارات ضد تنظيم داعش الارهابي تجعل المواطن يشعر بالفخر،فيما تتعرض الى انتكاسات خطيرة في اهم محافظتين، ديالى والبصرة،حيث يفتقد فيهما السلم الأهلي وتجعل المواطن يشعر بهشاشة هيبة الدولة والخوف من شر مرتقب..فضلا عن وضع اقتصادي مرتبك ينذر بأزمة خطيرة اجتماعيا وأمنيا.
الحقيقة المؤكدة أن العلاقة بين رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي وبين العراقيين تعيش حالة مأزقية،فهم يرون ان حلها يكون بأن يتخلى عن حزبه ويكون مستقلا سياسيا،فيما هو لا يستطيع ذلك،لأنه( اسير دولة القانون ولا يمكنه التخلي عنها لانه سيكون مكشوف الظهر وسيبتزه الجميع مثل الصدريين والمجلسيين وغيرهما ،ولأنه ينتمي لحزب اسلامي طائفي،لا يؤمن بالديمقراطية ،ويعتقد ان عقيدته هي الاصح والاصلح للامة..مع انه يحمل شهادة عليا من جامعة بريطانية رصينة،وعاش في بلد ديمقراطي زمنا طويلا،تعلم منه ماذا يعني الفصل بين السلطات) بتعبير الدكتور طاهر البكاء..فيما رأي الأغلبية ينطبق عليهم المثل القائل:”شجابرك على المرّ غير الأمر منه!؟..بمعنى ان علينا ان لا نفرّط به الآن.ومع ذلك فان نتائج الدراسة توحي بان بين العراقيين من لا يزال ممسكا بالأمل.
ختاما
مع أن العراقيين،وهذه حقيقة تاريخية،هم اصعب خلق الله في علاقتهم بالحاكم وان عليهم ان يتعاملوا بحكمة في اخطر مرحلة يعيشونها الآن،فان المستفيد الأول من هذه الدراسة هو السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي بوصفه المسؤول الأول عن امور الناس والدولة. ولا نشك في انه سيعتمد حكمتنا العربية القائلة( رحم الله امرءا اهداني عيوبي)..لأن في اصلاح عيوبه التي شخصت بموضوعية،ما ينعكس ايجابا على شخصه وخيرا على الرعية.مع صادق تمنياتنا بالموفقية.
14 كانون الثاني 2016