التراث في منظار فاروق مواسي، ومساهمته فيه
أجرى الحوار: إدريس جرادات
رئيس مركز السنابل في سعير (قضاء الخليل)
– الترحيب بك أولاً، فقد طالعت سيرتك الذاتية في موقعك:http://faruqmawasi.com/sera.htm
ثم قرأت كتابك “حوارات كانت معي”، وهو مثبت في موقعك أيضًا:http://faruqmawasi.com/hiwarat.htm
وجدت هذا الغنى المعرفي، وزخم كتاباتك وما كتب عنك في “بيبليوغرافيا فاروق مواسي” في الموقع نفسه، كما أعجبت جدًا بركن “اسأل فاروق مواسي” في اللغة والأدب. لكني هنا سأسألك مقتصرًا على الجانب التراثي، فلك كما يبدو لي وللمتصفح في موقعك صولات وجولات وقولات .
هل لك يا أستاذنا أن تعرف التراث من منظورك؟
– التراث فعله (ورث)، فهو ما نرثه عن السابقين والمعاصرين، ومع أن الفعل يتركز على الانتقال بعد موت الموروث، إلا أنه في المجاز اللغوي يصح أن يكون كل امتلاك بعد الموروث حيًا أو ميتًا.
ولما أن كنا نعرف أن قواعد اللغة مثلاً هي للإملاء والنحو والصرف والأصوات والبلاغة …إلخ إلا أننا قصرنا المعنى على النحو والصرف، فهكذا فإن التراث هو معنى عام، ولكنا نقصره على الأثر الذي نعايشه وتوارثناه عن آبائنا، وخاصة الشعبي منه من فولكلور وعاديّات.
– ماذا تقصد بالأثر؟
– هناك آثار مادية، وآثار إبداعية، وآثار عادات وتقاليد وأعراف.
– أرجو توضيح وجهة نظرك؟
– الأثر المادي يكون في المقامات والمباني، في حجر معين، أو شجرة مما نلمسه ونتبرك به غالبًا، في بعض “الكفريات” التي ترتبط بوجداننا.
الأثر الإبداعي يتجلى في الأمثال، في الغناء، في الرقص، في التعديد للموتى وفي الألعاب وفي الحكايات، والأحازير وغير ذلك.
الأثر العاداتي يكون في ممارساتنا، في طريقة الأعراس، وفي بيوت الأجر، في طريقة الخطبة والإملاك، في عقد الراية، وغير ذلك من مظاهر حياتنا اليومية في الطب الشعبي والرقى، والنظام العشائري أو القبلي أو العائلي. بالطبع فإن في كل منطقة اختلافًا هنا وهناك في هذا التفصيل أو ذاك.
– هل هذه في رأيك إيجابية؟ وإلى أي حد؟
– فيها الإيجاب، وفيها السلب. أما الإيجاب فنجده في التكافل الاجتماعي، وفي الجماعة وهي تغني معًا وتصب الباطون معًا، تقف في العرس صفًا واحدًا، وتشارك في دعم كل مجهود مالي، وجسمي. في الإيجاب نضيف احترام الكبير، والاعتزاز بالمرأة حتى تكون مصونًا، فإذا ما كبرت في السن أضحت ذات مكانة مميزة.
لكن السلب أكثر من يحصى، فمن قتل باسم الشرف…
– لكن هذا الأمر الأخير كما يجري في الواقع مخالف للدين.
– حقًا، ومن العجب العجاب أن العادات والتقاليد مستحكمة في عقولنا أكثر من القواعد الفقهية وشريعة الدين، وليس أدل على ذلك من تعاملنا عامة مع ميراث المرأة وحقها، ومن عدم استشارتها أحيانًا في أمر زواجها، فهل يقبل ولي أمر أن يكشف الخاطب عن جزء من ساق ابنته أو أخته لينظر فيه الخاطب؟؟؟!!!
وكم منا من يقاوم المنكر حسب “من رأى منكم منكرًا فليقومه…”، فمعظمنا يردد: ابعد عن الشر وغني له”، وشتان بين القولين!
– أرجو أن تواصل حديثك عن السلب في العادات والتقاليد، وتقدم نماذج من ذلك!
– أليست “الطوشة العمومية” مظهرًا من القبلية والعائلية، و”معهم معهم عليهم عليهم”!، وما الفرق بيننا وبين القول في الجاهلية “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا”؟
بالطبع فإن الرسول عندما قال القول فيما بعد كان يعني أن تنصر أخاك الظالم بالأخذ على يده وردعه، فبالله عليكم هل تصل نسبة من يقتدون بسنة الرسول واحدًا بالمائة؟؟!!
لا أنكر أيضًا أن الثأر من بقايا الجاهلية فينا، ونحن لا نعرف الإسلام ولا أي دين في كل ثأر!
السلبيات تجدها في كل مبالغة حتى في الكرم، فهل يصح لهذا الكريم (عن أب وجدود، أو مثل العرق في العود) أن يبذر، وأن يستدين حتى يظهر وكأنه حاتم الطائي، بل إن حاتمًا عندما ذبح فرسه كان قد جاد بفعله بلا ضرورة أيامها. طبعًا هذا بمنطقنا اليوم.
– باختصار: هل أنت مع التراث أو تتحفظ منه؟
– قلت في مقدمة ديواني غداة العناق”: “أستمد من تراثي ما هو الأنقى، ولا ينقطع الخيط”.
– هل لك مساهمات في الجانب التراثي؟
– نعم، وقد أعددت كتابين لم أصدرهما: الأول: تاريخ باقة الغربية، وفيه التقيت شيوخ البلدة قبل رحيلهم، وعكفت عليه من السبعينيات، وفيه تأصيل لكل عائلة، وذكر لكل أثر تاريخي، وانطباعات من زيارات لقرى كانت مسكنًا لبعض عائلات باقة اليوم، فزرت قرى كفر الديك، وعنزة و سانور وعلار على سبيل المثال: عنزة لأتأكد أن بعض عائلات باقة ممن جاءوا من عنزة (في أرض نجد) أن هذه عنزة التي قرب جينين ليس فيها عائلات تحمل أسماء عائلات باقة. وفي كفر الديك فحصت كذلك أسماء عائلاتها، ذلك لأن أهالي باقة الأوائل قدموا من عنزة واستوطنوا كفر الديك فعلار. باختصار بذلت جهدًا بعضه أكاديمي، وبعضه الأخر تسجيلي مباشر. الكتاب في بطاقات، ولم أرتأ أن أنشره لأنه ليس من اختصاصي، فأنا لست مؤرخًا، مع أنني اشتغلت عليه أكثر من سنة هاويًا. ولا أدري ما سيكون مآله.
– والكتاب الثاني؟
– الأمثال الشعبية الفلسطينية، وفيه اختلاف عما سبقه ولحقه- أنه يضم كل الأمثال الفاحشة بجرأة وهي كثيرة جدًا لا يمكن للباحث أن يغفلها. بدأت بجمعه أيضًا في السبعينيات –قبل أن تظهر كتب كثيرة في هذا المجال- ورتبته حسب الحروف الهجائية للفظة البارزة، فستجد مثلاً أمثال الكلب متتابعة.
لم أجد الناشر الذي يقتحم هذا الباب، فقد طغى الجو التزمتي، وهذا عيب وهذا حرام، مع أن كل كتاب قديم من السلف الصالح حوى العبارات بحرّيّة، وصاحبه شيخ علاّمة.
– هل كتبت مقالات تعالج مسائل تراثية؟
– في كتابي “أدبيات” مقالة حول معنى أسماء المواقع الفلسطينية، وفيه مشروع دراسة لبحث الأسماء وكيف تأتت.
في كتابي “حديث ذو شجون ” مقالات تعالج عادات مألوفة كزواج البدل، ولكني أرى من الضروري هنا إثبات أحدها هنا في هذا الحوار،وهو بعنوان “لنحفظ آثارنا”!
لنحفظ آثارنا !
قال لي باحث آثار أجنبي وهو محاضر في موضوعه:
” إن الاهتمام بالأثر يكاد يكون معدومًا لدى العرب في هذه البلاد، وأنا أعجب لماذا لا يتفرغ بعضكم للتخصص في هذا الميدان”.
وآدم زرطال – إذا أحببت التعرف إليه – تلفيه سعيدًا، وهو يقلب قطعة آثار أو عملة قديمة أو وثيقة ما.
دعاني ذات مرة إلى كيبوتس (عين شيمر) حيث يقيم، فوجدت له متحفًا مصغرًا، فهنا قطع نحاسية، وهناك نقود حسب الفترات التاريخية – ومن بينها النقود الإسلامية – التي استخرجها من هذه الأرض، وثمة أدوات العمل المختلفة، وفي زاوية أخرى خارطات (أطالس) من فترة إلى فترة. وباختصار لديه مشغل ومعرض يزجي فيه فراغه وينمي هواياته.
قلت في نفسي وأقول لكم: لماذا نحن لا نحفل ببلادنا إلا من خلال المشاعر الرومانسية من غير أن نترجم ذلك عمليًا؟
لماذا يحس رزطال بانتمائه إلى هذه الأرض تطبيقًا أعمق منَا؟؟
لقد تقدمنا في كل ميدان، فما بالنا لا نخوض في هذا الخضم التاريخي؟ لماذا لا نهتم بكل أثر وكل حجر؟
هل نبقى نتحدث عن المأثور، وكأنه مقصور على ما ينقل شفاها؟
أعرف في قريتي شخصًا يهتم ويجمع ويحفظ، اسمه إبراهيم أحمد مواسي، وهو يتذمر من سوء تقدير المجتمع له. فإذا عاد إلى بيته يحمل جرة قديمة مروا به يتغامزون، وكأنه قد مس في عقله. يعجب صاحبنا ويتساءل: لماذا لا يدرك طلابنا أهمية التنقيب عن الآثار في رحلاتهم واهتماماتهم؟
ولو اقتربنا من مسار الزمن لرأينا ضرورة ترميم بيت قديم مما كان مألوفاَ قبل مائة سنة، يكون مركزًا سياحيًَا يرتاده المهتمون بنا وبتاريخنا، ويكون في هذا البيت معروضات من الألبسة والأواني وأدوات العمل… الخ.
وقد زرت مثل هذا المعرض الرائع في بيت المؤرخ إحسان النمر في نابلس قبيل وفاته، ولا أدري مآله اليوم.. ولا بد من إضافة (البدَ) و (المقر) و (الطابون) وغيرها في ساحة البيت، وعندها سيعترف الدارس على المعروضات وأسمائها (القراميل) وما (بشت البوز) وأقسام عود الحراثة.. الخ.
كتب الصديق صبحي بيادسة من باقة الغربية زجلية طويلة حشدها بالتعابير الفلسطينية- التي لا بد من وجود معجم خاص لها ولسواها ينهض له دارس جاد ومثابر. ذلك لأن أبناء هذا الجيل لا يكادون يعرفون مثل هذه التعابير، يقول صبحي:
والسدَة من تحت السقف متعربشة
وجنب القطع في عليقة للثياب
أو في متبنة تخمين كاينة معششة
قرقه بقلبه… وفي طواله للدواب
والسراج قاعد على الرف مكنفشه
يا ما بنوره تعللوا شيب وشباب
والفتيلة منه مكركره ومقحمشه
لا زيت يرميها بكت تشكي العذاب
والقصيدة تروي وصفًا دقيقًا لبيت فلسطيني في قرية (قاقون) المهدومة.
وبعد!
فهل يقوم مركز لإحياء التراث، وذلك لإقامة متحف في أكثر من قرية، حتى يكون ثمة مبرر لمعنى اسمه (إحياء التراث)؟ وما أحوجنا أن نتذكر الماضي قليلاً، حتى نعي الحاضر كثيرًا، ونستشرف المستقبل أزهى، ولا ينقطع الخيط.
– مقالة معبّرة حقًا، ورسالتك فيها جديرة بالاهتمام. لكني لاحظت انك لا تسرد الحكاية الشعبية في تضاعيف نصوصك!
– أسردها في مكانها، فمثلاً في مقالة لي عن المتطفلين المتسلقين ختمت مقالتي بقصة ، فكتبت:
“……. الغريب العجيب أن بعض هؤلاء (الوصوليين) يعرفون أنفسهم حق المعرفة، ومع ذلك يتمادّون في الانتهازية والادعاء، ولم يقابلوا الأمر بالسخرية كشأن (بكري) بطل هذه القصة التي سأسوقها :
وأصبح بكري قاضيًا!
– يحكى أن شخصًا كان يعتدي على الحرمات، ويكثر من السرقات، وكان اسمه بكري.
رأى الوالي أن أفضل وسيلة للتخلص من شرور بكري هي أن يعينه قاضيًا.
وبينما كان القاضي بكري على رأس جنازة ضخمة لعالم من علماء المسلمين، وإذا به يأمر الجنازة أن تقف في عرض الطريق، ويأمر أن ينزلوا النعش على الأرض، ويكشفوا عن وجه الميت .. استاء الناس كثيرًا لهذا التصرف الغريب لما فيه من إساءة لحرمة الميت .. لكن بكري تقدم إلى الميت، وأخذ يهمس في أذنه، ثم أمر بمواصلة موكب الجنازة .. …
شكا الناس هذا التصرف إلى الوالي، فلما حضر القاضي إليه أخذ الوالي يعاتبه على فعلته المنكورة، وبكري يطرق رأسه لا يحير جوابًا.
– ولكن ماذا همست للميت؟.. سأل الوالي، ووعده إذا أجاب صادقًا أن يعفو عنه.
– قلت له إن سألوك في العالم الآخر عن أحوال الدنيا فقل لهم:
– ” لا تسألوا، أصبح بكري قاضيًا”.
وهم بالطبع سيستنتجون حقيقة الأحوال يا سيدي.
– يبدو لي أنك تولي الاهتمام بالتراث خلاف ما يظنه الظان عنك، وأنت الحريص على الفصيح، وكل تراث فصيح.
– في كتابي تمرة وجمرة هناك مقالات من الضروري أن تقرأ، كمقالتي “عن الإبحار في الذاكرة”، و”عن المثل الشعبي الفلسطيني”- نقد لكتاب شكري عراف، ومقالة عن دار الكتب الوطنية في الطيبة، وأخرى عن مركز التراث في طمرة ( تجدها في الرابط:
– http://www.bettna.com/books/tamra-jamra.asp
– هل كتبت في شعرك موقفًا من بعض التقاليد والعادات التي تراها سلبية؟
– نعم، فقد كتبت قصائد اجتماعية، منها “جاهلية” عن (الطوشة) في القرية، فقلت فيها:
جاهِلِيَّة
ما زالَتْ تَنْخَرُ فِينا رُوحُ القَبَلِيَّهْ
وَتَهيجُ دِمانا إذْ نَغْضَبْ
إنْ تُرْشَدْ عائِلَةٌ نُرْشَدْ
إنْ تَجْهَدْ أَعْداءً ـ مِنْ عائِلَةٍ أُخْرى ـ نَجْهَدْ
نَنْصُرُ إخْوانًا
لَنْ نَتَرَدَّدْ
فَسَبيلُ النَّخْوةِ أَنْ نَقْتُلَ حَتَّى نُقْتَلْ
بَلْ إنَّا نَقْتُلُ لا نَرْحَمْ
والقاتِلُ فِينا الأَكْرَمْ
وَنِساءُ (جَماعَتِنا) زَعْرَدْنْ
وَ(فَحَصْنَ) الأَرْضَ بِأَرْجُلِهِنّْ
وَ (لَميسٌ) تَحْرِقُ بَيْتًا
للجارِ الأَظْلَم !؟
وَ (كِباشُ) القَوْمِ تُغَذِّينا بالثَّارْ
نَنْسى خُبْزًا مَعْجونًا بالمِلْحْ
نَنْبِذُ كُلَّ دُعاةِ الصُّلْحْ
ـ اِسْمي مَحمُودُ المردانْ
بَيْتي لا أَتْرُكُهُ لَيْلاً
ـ وَأَنا يَقْظانْ
أَعْصابي تَرْقُبْ، حَرَكَاتِ القِطَّهْ
وَعُواءَ الكَلْبِ الْجَوْعانْ
– اِسْمي مَسْعودُ الأَسعدْ
سَطْحُ البَيْتِ كَمينْ
وَمَعي أَمضى سِكِّينْ
– اِسْمي لا أَدري إنْ كانَ عَلِيًّا؟
خَوْفي كانَ وِراثِيًّا
وَأَنا في الْجُبْنِ سَجينْ
وَأموتُ مِرارًا يَوْمِيًّا
( أَمَّا بَعْدْ )
ـ مَنْ أَعْتِبُ إنْ كانَ الطَّرَفانِ عَلى وَعْيٍ مِنْ
نِيِّاتِ الغاشِمْ؟
لن أَعْتِبَ إلاَّ الذَّاتْ
فَقَديمًا فينا القَسْوَةُ والثَّارُ ولا عاصِمْ
لا نَتَسامَحُ ( إلاَّ في النَّادِرْ )
وَعِنْادٌ وَفَسادْ
قُلْنا قالوا قُلْتُم قالَتْ قالْ
ق ظ ض ص ع ف ق ق
فَمَتى تَرْفُضُ هذا الأَجْيالُ ؟
والضِّفْدِعُ تَصْمُتْ
إنْ كانَ النَّيِّرُ فينا للشَّرِّ يُساوِمْ ؟؟؟
أما قصيدتي عن القتل فهي “باسم الشرف”في ديوان “خاطرتي والضوء”: أقتبس منها:
وشجْرةٌ مدَّتْ يدًا
تصافحُ البريئةَ التي ارتدت ْ
فستانَ دَمْ
دم دم …………
ببلطةٍ يَحزُّ رأسَها
أو طلقةٍ
أو قطعةٍ من سُمِّ فأرْ
أو خنقِها
أو شنقِها
تأديبُها من الأخِ الحنون
من دمِها نداؤُها
يا
يَمَّاهْ ..!!
ظلتْ على أصداءِ آآآهْ
يا
يَمَّاهْ !!!
* * *
قُبيلَ دفنِها الذي يتمُّ في استحياء
صاحتْ هناك هامةٌ لم تَطلبِ السِّقاء :
على جبينِها الضَّحيهْ
سؤالُها نداء-
بأيِّ دينٍ تحكمونْ ؟!
من ذا الذي أعطاكُمُ قرارَ موت
يا أيها الطغاهْ ؟
بل أيَّ ربٍّ تعبدون ؟
هل ظهر في أشعارك تشجيع لمن يعمل في هذا المجال التراثي :
نعم، فمما كتبت كان هناك نص يحيي السيدة فدوى يونس التي تقوم على مشروعات تراثية في وادي عارة، فقلت:
أصافح فدوى يونس
جوهرة كانت تبحثُ عن كنز لآل
تجمع كل تراث وتراث
درسًا للأجيال :
أغنيــةً …تــهليـلــــــــه
جِدَّ أصيلـــه
وأنا
أسمع أنغام الماضي حتى صرت أغنــــي
وأغني
سرت على درب الفن
تتراقص في دربي الآمال
جدي يسمو في الدرب ….
ويـــختــــال !!
والجوهرة
ظلت
تبحث عن كنز لآل ….
– لك قصص قصيرة، فهل تجلى الحفاظ على التراث أو نقده فيها؟
– من قصصي “فشخ في الرأس” وكيف أن طالبًا جامعيًا يعود من أوربا فيجد أهله في عراك عائلي، فيحصل على “هديته”، ولي قصة “الحكاية” وكيف يتجاهلون فيها القراءة ويتركزون على لعبة المنقل والصينية، وأما قصة “وخرجت زرقاء اليمامة” فهي قصة مستمدة من الأدب التراثي حول تنبيه الحكيم، وعدم الاستجابة له. قصص فيها إلماعات تراثية منها ما أوافقه ضمنًا، ومنها ما أسخر منه.
وعلى ذكر السخرية فلي كتاب “أستاذ قد الدنيا” أسخر من أوضاع التعليم، وفيه أمثال وعبارات وحكايات تراثية، فحبذا رجوع المهتم إليها في الرابط:
http://www.faruqmawasi.com/austath.htm
– كنت قرأت لك قصة عن مقام الشيخ تيم في باقة الغربية ووجوب الحفاظ عليه، فهل هناك مغزى من ذلك؟
القصة قصيرة جدًا، وهي من مجموعتي “مرايا وحكايا”، وإليك القصة- تيمائيـــل:
زرت أطلال عين غزال، وجدت قبرًا يقوم على نشز من الأرض …
قال لي المرشد: هذا مقام الشيخ شحادة رحمه الله. وهذه اللافتة وضعها مجهولون وعليها: “هنا يرقد الرابي عوفر بن تسفي ” .
عدت إلى بلدي ، وتوجهت حالاً إلى مقام الشيخ تــيّـِم الذي يقوم في مركز البلدة. رأيت بعض الناس يقيمون النذور ويعلقون البيارق، ويقرءون الفاتحة.
قلت للجيران الذين يرعَون المقام :
انتبهوا – الله يخليكم – ، لئلا تجدوا لافتة غريبة، وعليها: ” هنا يرقد الرابي تيمائيل ” …..
طبعًا، تجد هنا السخرية والتحذير معًا من هؤلاء الغرباء الذين يسرقون تاريخنا وتراثنا وحتى مقاماتنا.
– وأخيرًا، كيف ترى مشروع “الدراسات للتراث الشعبي الفلسطيني في مركز السنابل في سعير- الخليل؟
– أنا مندهش جدًا أولا بقدرة الدكتور إدريس جرادات على الاستقصاء في تفاصيل التراث، فهو باحث مميز وبارز، وما وهبه الله به كذلك أنه محدث راو يشد النفس، وهو يسرد التفاصيل، ويردد الأقوال، ويستحضر التاريخ موثوقه ومرويَه.. قرأت دراسة إدريس عن الصلح العشائري، فوجدت هذه المعرفة التي لا بد منها في تاريخنا الفلسطيني. باختصار هو جدي، وأنا أبحث عن مثل هذه الجدية. آمل أن ندعوه في أكاديمية القاسمي قريبًا للمشاركة، حيث سيقدم محاضرة عن مقام الشيخ الهدمي- نموذجًا من شيوخ الصوفية.
أما عن مركز السنابل فأكثر ما أعجبني هو استضافة الدارسين، وإعداد الكتب والمجلات، والدراسات، ومتابعة الآثار واستقصاؤها حتى يظل شعبنا متماسكًا له جذوره وأصالته.