كشف آخر التقارير العلمية حول التنمية الثقافية في الوطن العربي عن تدني وتدهور نسبة القراءة في عالمنا العربي لامور يمكن أن نعزوها الى عزوف المواطن عن القراءة لاسباب مختلفة قد تكون لغوية كما هو الحال في بلاد المغرب العربي، وثقافية متعلقة بالاهمال وعدم الاهتمام بالجانب التثقيفي للفرد وتفشي الامية، ومجتمعية تعزا الى الكبت الاجتماعي وتراكمات الماضي وافرازات الحاضر وآفاق المستقبل غير واضحة المعالم بسبب الفوضى التي تعم المجتمعات العربية، ونفسية تتمحور في طبيعة تكوين الشخصية الإنسانية ومداركها وما تعانية من أمراض وآلام نفسية، وعلى عكس المواطن الغربي الذي يعيش الحياة المثالية ويحرص دائماً على مواكبة القراءة المستمرة للكتب رغم التطور التكنولوجي والاعلامي الهائل الذي يشهده العالم الغربي على وجه التحديد، والذي قلص الجهد المبذول من قبل القارئ أوالباحث في الحصول على المعلومة وسبل متابعتها.
حيث وصل متوسط نسبة قراءة الفرد الأوروبي نحو 200 ساعة سنوياً، أمام تراجع وتناقص متوسط نسبة قراءة الفرد العربي التي وصلت الى 6 دقائق في السنة، الأمر الذي الحق ضرراً كبيراً في التنمية الثقافية للبلدان العربية بشكل عام، وهي نتيجة وصفت “بالمخيفة” من قبل معدي التقرير وبعض المحللين والنقاد والمهتمين في الشأن الثقافي العربي، الامر الذي أدى بالنتيجة الى حدوث أزمة تستدعي الى وقفة حازمة وتأمل بشكل موضوعي لايجاد الحلول الناجعة لمعالجتها، هذه الازمة التي انعكست بشكل أو بآخر على محدودية عدد القراء وثقافة الفرد وكذلك على مبيعات الكتاب العربي الذي أمسى يبحث عن قراءه وسط كل هذه التراكمات والتناقضات التي لم تتم معالجتها بشكل جذري من قبل القائمين عليها.
ومن أجل تجاوز هذه الأزمة وتحويلها الى “ثورة ثقافية من أجل القراءة” من خلال تشجيع الناس من مختلف الفئات العمرية والثقافية والعلمية على القراءة في كافة الحقول الثقافية والعلمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ندعو مخلصين القنوات الفضائية ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات الدول العربية ذات العلاقة ومنها الجامعة العربية الى اطلاق حملة أو مسابقة “اقرأ” ضمن برامج توعية ثقافية الى جانب برامجها الاجتماعية الأخرى، بحيث يخصص مبلغ مالي كمكافأة للشخص عن قراءته لكل كتاب شريطة أن تزداد هذه المكافأة المالية طردياً مع زيادة عدد الكتب التي قرأها بعد أن تقوم لجنة مختصة بالاشراف والتقييم ومن خلال توجيه اسئلة عامة بسيطة للمتقدم يتم على اساسها تحديد مستوى قراءته للكتب ولكي يتم على هذا الأساس منحه الجائزة التي يستحقها.
وبذلك نستطيع ان نحفز ابناء مجتمعاتنا الاعزاء على القراءة والمطالعة المستمرة واستثمار وقت الفراغ في حياتهم اليومية للنهوض بواقعهم الثقافي والعلمي والمادي والمعنوي، وكذلك تشجيع الكُتاب على مواصلة الكتابة والتأليف والابداع والتألق.
وبهذه المناسبة ندعو مخلصين ايضاً جميع الاصدقاء الاعزاء والمهتمين بالشأن الثقافي العربي والعراقي الى المساهمة والمشاركة الجادة والفعالة في نشر ودعم هذه الحملة التي سيكون لها مردوداً ايجابياً على مجتمعاتنا التي هجرت الكتاب منذ زمن بعيد ولكي تنتعش التنمية الثقافية في ربوع وطننا الحبيب … ومن الله التوفيق.
مع خالص احترامنا وتقديرنا لآراء المعلقين والنقاد ولمن سيساهم مخلصاً في هذه الحملة التثقيفية المهمة.
الدكتور زاحم محمد الشمري