حليب أسود…على غرارأليف شفق
د. تارا إبراهيم
لدى قراءتي لرواية أليف شفق بعنوان حليب أسود، رأيت ان هنالك شيئا مشابها ما بيني وبينها..علما انني لست بكاتبة محترفة مثلها ولم اكرس حياتي كلها للكتابة بل كاتبة هاوية أحاول ان اعبر عن نفسي وعن امور اجدها ممتعة او قابلة للتفكر واود ان اوصلها الى القراء. في هذه الرواية، تتكلم الكاتبة عن قلقها إزاء انجاب طفل كون انجابه سوف يعيق مهنتها ككاتبة، وكل الرواية تدور حول هذه المسالة من خلال مناقشات بينها ومابين اربع نساء صغيرات تعشن في داخل الكاتبة كل لها شخصيتها وكل منها لديها وجهة نظر خاصة في هذا الموضوع ما بين مع او ضد.
التوافق مابين العمل والعائلة أمر صعب وخصوصا لدى المرأة العصرية التي تحاول ان تلحق بركب ما يحدث حولها من امور، ما بين اساليب التربية الحديثة ودراسة سايكولوجية الطفل، وما يحدث في عملها من خلال تقديم افضل ما لديها كي تكون فعالة، ولها وقع في مكان عملها..وفي نفس الوقت فهي إمرأة تحاول ان لاتنسى انوثتها وتسعى أن تكون زوجة جيدة ومثالية..
تصلني رسائل كثيرة تتساءل لماذا انقطعت عن الكتابة، فقرائي الذين تعودوا على قراءة مقالاتي كل يوم خميس ولسنوات خاب ظنهم واصبحوا يتضائلون شيئا فشيئا…فالكتابة تحتاج الى اهتمام، اهتمام بالقراء وبما يفكرون وتحتاج الى التواصل الذي فقدته انا..فمنذ ولادتي لطفلي الثاني اصبح الوقت لايتسع لكل ما أود ان افعله او أن أوفي بكل الالتزامات، فقررت التضحية بالكتابة..في بعض الاحيان كانت تراودني افكار لمقالات وكنت ادون هذه الافكار كي لا انساها .. وتنتهي هذه الافكارعلى اوراق ومن ثم في سلة النفايات..
ان السبب الذي منعني من الكتابة ربما يكون وقتي الذي لايتسع للكتابة والحصول على مكان صغير هادىء انثر فيه افكاري على اوراقي المتناثرة هنا وهناك… والسبب الاخرهو التغيير الذي طرأ على وجهة نظري للحياة حيث اصبحت الآن انشد الراحة النفسية التي كنت ومازلت ابحث عنها…البساطة في التفكير تبعدنا عن التعمق في لب الحياة، ولكن البساطة لاتوجد في قاموس كلماتي.. فابسط الاشياء لدى قريناتي قد تكون بديهية، ولكنها امورترهقني في التفكير وتجعلني اتعمق في هذه الاشياء البديهية وبالتالي وعلى عكس قريناتي فانا لا أتقبلها ولا أتبناها.. وأشعرأحيانا ان لدي أفكارغريبة واتكلم لغة اخرى غير معروفة…
نطاق تفكيري ايضا ليس محصوراعلى امور انثوية بل بامور دينية دنيوية وجودية فلسفية ترهقني وتعكرعلى حياتي..بعض من الناس اتهموني بالتشاؤم والبعض الاخر بالكآبة…والبعض الاخر سخرمن عقليتي وطريقة تفكيري…أحاول ان اجد معنى للحياة..تشبثت مرة بقراءة الكتب الفلسفية..وبعدها بكتب انثوية…ومن ثم بكتب التصوف للرومي…لدى الرومي وجدت ارتياحا شديدا..فكلماته مؤثرة وتمنح راحة غريبة..الرومي وجد اجوبة لاسئلتي العديدة ..في بعض الاحيان كنت اعرف الاجابة ولكني كنت اود ان اسمعه او اقرأه من شخص ما..
حبي للكتابة يمنحني أملا في الحياة واستطيع القول انني لا اراديا اصبح سعيدة عندما اكتب، فهل كان انقطاعي عن الكتابة هو الذي منحني الاحساس الغريب الذي كنت احس به. الكتابة بالنسبة لي ليست ارضاءً لغروري، ومنحي شخصية تحت الاضواء، فانا افضل ان اصبح في الظل، في ظل نفسي.. وليست لاثبات الذات بل هي مشاركة روحية بيني وبين الآخرين …ففي ظل حياتنا المعقدة هذه، الكتابة اصبحت اسلوبا للهرب من الواقع…للهرب من عالم مادي الى عالم معنوي راقي كل ما في سلطته هي الكلمات..فسلطتي اذن هي كلماتي..مملكتي هي اوراقي ودفاتري, وحاسوبي الذي اعتبره من اعز الاصدقاء تربطني به علاقة حميمية.. كلماتي ليست بسلاح فانا لا أحب الحروب ولا أريد أن أسمع عن العنف..كلماتي هي زخات مطر… باقة ورود … نسيم منعش…عشب طري…كلماتي هي أنا…
حليب أسود…على غرارأليف شفق
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا