عبير حميد مناجد
اخيرا افرجت الحكومة العواقية عن موزانة العام الحالي وصادق عليها برلمان السيد الجبوري بعد تعثر أسابيع لأسباب تتعلق بالظروف الأمنية والسياسية والأقتصادية الحرجة التي يمر بها العراق والمنطقة برمتها , منذ اجهاض ثورات الربيع العربي قاطبة والألتفاف عليها لصالح الأنظمة الفاشية القمعية الفاسدة . وهذا مالاتخطئه عين فاحص ومتابع للأوضاع السياسية بموضوعية وفهم . فأعلن السيد رئيس البرلمان الجبوري بأن الحكومة والبرلمان لن يسمحا بتأخر مصالح الدولة والأضرار بمصالح الناس أكثر من ذلك , رغم ما أعتادت عليه بعض الكتل والأحزاب والفئات الأجتماعية علي التعطيل والمماطلة في الافراج عن الموازنة وأعلانها, احيانا لأسباب منطقية , أو لمجرد تعطيل البرلمان واطلاق الشائعات واحيانا كورقة ضغظ سياسي وابتزاز او لمجرد الجدل من اجل الجدل لفرد العضلات وأثبات القوة والأغلبية .
الا ان موازنة هذا العام وهذه الحكومة لاتشبه مااعتاد عليه الشعب في الحكومات السابقة ,حيث اعتاد ان تصرف موازنات عملاقة وفضفاضة دون حسيب او رقيب ,هي الي تقديم الرشي الانتخابية وكسب الأطراف و الدعم الحزبي اقرب منها الي موازنة لحكومة دولة نزيهة ومسؤولة وتحترم مقدرات بلدها ومواطنيها وتحترم القانون .
موازنة هذه الحكومة وهذا العام حملت عنوانا دقيقا وواضحا ومعبرا عن حراجة الظرف ” التقشف ” بحيث وضح المسؤولين عنها بأنها ستكون موجهة ضد موظفي الدولة الذين تزيد مخصصات رواتبهم عن نصف المليون دينار . مما لايدع مجالا للشك بأنها موجهة لكبار موظفي الدولة في مختلف الاختصاصات والدرجات الوظيفية ا,ولئك الذين اعتادوا ان يعيشوا في بحبوبة وسعة من العيش ورغده , جراء الجهد الذي يقدمونه لوطنهم وهو جهد محمود ومثني عليه ولاشك في وطنيته ابدا , الا انه برأي كل فئات الشعب لايستحق المبالغ والرواتب والتخصيصات الخيالية التي تنعموا فيها لعقد من الزمان . الدكتور العبادي وحكومته الرشيدة يثبتون يوما بعد أخر انهم حكومة الشعب وجهدهم وقراراتهم وموازناتهم المقبلة ستنصب في خيره و مصلحته فقط . ذلك أن الحكومة وحتي الشعب يدركون انه ومنذ سقوط نظام الطاغية الصنم يعيش العراقيين البسطاء والموظفين العاديين حياة التقشف والترشيد والكفاف طوعا لا كرها , لأنهم أملوا بعد السقوط ان تنفرج الأحوال ويعود العراق بهيا كريما غنيا وسيد قومه والعرب كما تعود من قديم الازمان , لهذا صبروا وصدقوا وعود الحكومات المتعاقبة, وشدوا الحزام وعملوا بجد واخلاص علي عبور كل الفترات والأزمات القاسية التي مرت , وغفروا وسامحوا وتصالحوا وعضوا علي الجواح طويلا, لأجل الوطن ولأجل أن تعيش الأجيال الجديدة والقادمة بحرية وكرامة وفي ظل أحترام العلم والتعليم وسيادة الدولة والقانون. وما ان انتهي تصويت البرلمان علي موازنة التقشف واقراراها في جلسة علنية اثلجت صدور المواطنين الشرفاء والأحرار والمخلصين جميعا, حتي بدأت بوادر التذمر منها من قبل جهات معينة تظهر للعيان واضحة وجلية , فالمليشيات المسيسة طائفيا والمسلحة التي اعتادت ان تعيث في البلد الفساد وتعلو فوق الحكومات وسيادة القانون والتي تمرغت بحقوق وامتيازات وموازنات توازي حقوق وامتيازات دول واقليات لن يعجبها طبعا ان تتقشف وتلتزم وتكون أداة طيعة للدولة وتحت حكم القانون , لابد ان تعلن تمردها وعصيانها المدني وتهدد بالعودة الي دائرة العنف وتفجير السلم الاهلي ,وهكذا كان حيث تفجرت ازمة الوضع في منطقة الكرادة رغم حساسية وخطورة المنطقة المحاذية للمنطقة السيادية الخضراء ومايعنيه ذلك .
الحملة التي تقودها الحكومة الرشيدة علي المليشيات والعصابات المسلحة والمزتزقة لن تمر علي الحكومة ولا علي العراقيين بسهولة وسلام , سيدافعون عن مصالحهم وثرواتهم ومناطق نفودهم بالدم وبالتحالفات والمؤامرات المعتادة . وكلما اثبتت الحكومة جديتها وصلابتها وعدم تهاونها في سيادة الأمن واعلاء كلمة العدالة والقانون علي الجميع كلما كانت الغلبة لها وبالضربة القاضية ان شاء الله .