“حقِيقتي”وقصص أخرى قصيرة جدّا.
بقلم: حسن سالمي
قانون الآباد
منذ قرون وأنا أصارعه، بيد أنّ الهزيمة دائما من نصيبي. أتشادّ معه فلا أدري كيف يتملّص منّي ويسدّد لي ضرباته القاتلة. ولولا أن كتب الله لي طول العمر لذهبت ريحي منذ زمان.
أشعلت شمعة فوقف خارج دائرتها يرمقني ولا ينفذ إليّ. أدركت بعد طول عناء أن ليس شيئا أحاربه به مثل النّور…
الحافّة
حاول أن يتملّص منهم كعادته، ولكنّه شعر بالوهن وبشيء كالبخار يلتفّ به ويتسلّل إلى عقله…
ألفى نفسه عاريا في زنزانة مظلمة وبجسده تتّصل أسلاك كهربائيّة. بغتة انتفض في عنف وشعر بآلام رهيبة…
- من هم رفاقك؟
- (…)
وينتفض انتفاضة أخرى أشدّ ألما…
- اعترف وإلّا…
ويتسلّل صوت الجماهير هادرا كالبحر:Dégage…Dégage…
حقيقتي
مذ رقيت السّلّم وأنا أرى العجائب… أرى بنيتي تتكوّن من ملايين الذّرّات، كلّها تطوف كما تطوف الأفلاك. بين الذّرّة والأخرى بؤر يقطر منها شيء لامع غريب أشبه بالسّراب. ويخيّل إليّ أنّ ذلك الشّيء هو حقيقتي فعلا… في لحظة مّا تتنادى تلك القطرات وتتشكّل على هيئة فرس جموح، أحيانا تركبني كما يركب أحدنا حماره وتسوقني إلى منابت الظّلام. وأحيانا أقدر على لجمها فتضاء لي الدّروب…
معارك مفتوحة
من بعيد تصاعدت أبواق سيّارات الشّرطة تشقّ سكون اللّيل.. وسمع من في الحيّ صوت ركض شديد وطلقات ناريّة تخرج من جهات متنافرة…
خرج النّاس يستجلون الخبر في حذر، وراقبوا من بعيد رجال الجيش والأمن وهم يحاصرون بيتا تأتي من جهته بين الحين والآخر زخّات رصاص وصرخات فزع منكرة…
وتناقل العالم هذا المشهد الدّامي لحظة بلحظة، وها هو الفجر يلوح والعمليّة لم تحسم بعد…