فريدة النقاش
طالب المستشار (طه الشريف ( النائب الأسبق لرئيس محكمة النقض بإضافة المرجعية الدينية إلى الفقرة الثالثة من المادة 4 من الإعلان الدستوري، وهي الفقرة التي تنص على عدم مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني، ويقول المستشار كان يجب أن يضيف للحظر المرجعية الدينية أيضا. كما دعا المستشار لجنة الأحزاب إلى دراسة برامج الأحزاب الجديدة لتبين ماهية المبادئ التي ستطبقها عند سن التشريعات الجديدة في المجلس النيابي، أو إذا تقلدت مناصب الحكومة خاصة المبادئ ذات المرجعية الدينية مثل رأيها في عمل البنوك والبورصة والسياحة وعمل المرأة وولاية غير مسلم على المسلم، والجزية وتطبيق الحدود.. إلخ.
وتوقف المستشار أمام واحدة من أخطر القضايا التي تطرحها الجماعات الدينية السياسية وهي الخلافة، ونحن نتذكر في هذا الصدد التصريح الذي أدلى به الدكتور «حلمي الجزار» أحد قادة الإخوان المسلمين إذ قال إننا – أي الإخوان وحزب الحرية والعدالة سوف نعمل على استعادة الخلافة الإسلامية.
ويقول المستشار الشريف: إن مبدأ الخلافة يهمل الارتباط بالوطن من أجل تحقيق تجمع ديني دولي.. وهو ما كان قد أكده المرشد السابق للإخوان المسلمين «مهدي عاكف» حين قال قولته الشهيرة إنني أقبل أن يحكمنا ماليزي و«طظ» في مصر.
وكان الإخوان المسلمون قد كفروا الدكتور فرج فودة واتهموه بالإلحاد بسبب ما كتبه عن عصر الخلفاء في كتابه «الحقيقة الغائبة»، وقام أحد الشبان بإطلاق الرصاص عليه وأرداه قتيلا تنفيذا لفتوى التكفير، وتقدم الشيخ «محمد الغزالي» أحد مفكري الإخوان المسلمين بشهادته «الدينية» أمام المحكمة قائلا إن عقاب «المرتد» هو القتل، وهذا القتل هو من اختصاص ولي الأمر، وأن الشاب الذي قتل «فرج فودة» انتزع لنفسه مسؤولية ولي الأمر، قال الشيخ ذلك رغم أنه من المعروف وهو خير العارفين أنه لا يوجد حد ردة في القرآن الكريم، فضلا عن أن «فرج فودة» لم يكن مرتدا ولكنه كان باحثا عن الحقيقة التي أزعجت الإخوان المسلمين حين كشف عبر البحث العلمي النزيه عن أن عهود الخلافة لم تكن جنة على الأرض، وأن الصورة المثالية التي يقدمها الإسلاميون لهذه العهود هي صورة زائفة، وقد ابتغى صانعو هذه الصورة إخفاء حقائق الصراع «السياسي – الاقتصادي» الضاري الذي عرفته هذه العهود حتى أن ثلاثة من الخلفاء ماتوا قتلا.
ويقول المستشار طه الشريف «أرجو ألا نصدق التدليس على المواطنين بأحزاب ظاهرها الأخذ بالحرية والديمقراطية وباطنها تنفيذ مبادئ الوهابية أو ولاية الفقيه أو الخوارج الذين برزوا الآن ليزداد الإرهاب وتعم الفوضى».
وتمهيدا للانتخابات العامة التي تتصور جماعات الإسلام السياسي بكل أطيافها أنها سوف تكسبها، رفض هؤلاء وثيقة المبادئ الأساسية للدستور، مستهدفين إلغاء المادة الأولى فيها التي تنص على مدنية الدولة ومبادئ المواطنة، ليكشفوا عن هدفهم الحقيقي ألا وهو إنشاء دولة دينية وكتابة الدستور منفردين على أساس المرجعية الدينية، معتمدين تفسيرهم لمبادئ الشريعة ومتمرسين خلف المادة الثانية من الإعلان الدستوري التي تقول إن الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ورغم أن المحكمة الدستورية العليا أكدت أن هذه المادة موجهة للمشرع وحده وليس للقاضي فإن قاضيا من الجماعات الإسلامية قام بالتعامل مع هذه المادة كأنها موجهة له وأصدر حكما بتطليق الدكتورة «ابتهال يونس» من زوجها «نصر حامد أبوزيد» الباحث في علوم القرآن بدعوى أنه «مرتد» ولا يجوز لمسلمة أن تعيش مع مرتد.
ورغم أننا نعيش في عصر يرفض العقوبات البدنية انطلاقا من مبادئ حقوق الإنسان فإن الدعوة لتطبيق الحدود أي قطع الأيدي والجلد ماتزال تنطلق في أوساط الإسلاميين وعلى لسان منظريهم مثل الدكتور «محمد سليم العوا» الذي قال إن المجتمع ليس جاهزا بعد لتطبيق الحدود، أي أنه حين يكون جاهزا من وجهة نظره سوف يطبق الإسلاميون الحدود إذا وصلوا للحكم.
وبناء عليه قام أحد السلفيين بقطع أذن مواطن مسيحي،وبهذا يبشرنا الإسلاميون من حراس الشريعة بالعودة إلى الوراء قرونا باسم الدين، وسوف تبين لنا الأيام القادمة إن كان المجتمع المصري بقواه السياسية والثقافية وبتاريخ الدولة المدنية التي عاشت لقرنين من الزمان سوف يسمح لهم بذلك أم لا؟