( حاول أن تكون كوردياً ساعة واحدة )*
سالم أسماعيل
عندما يرفض شخص مثل ( مانديلا ) جائزة تمنح له من قبل الأتراك ففي ذلك دلالات عميقة لرفضها وليس بأمر يسير وإنما يؤشر لموقف مبدئي من إنسان عاش بلا أزدواجية وَخَشى أن يسجل عليه التاريخ ولو سطراً أو نقطة سوداء بالضد من مبادئه وقيمه . .لذا أثناء زيارته لتركيا عام 1992 رفض جائزة أتاتورك، وعندما سأله أحد الصحفيين عن سبب رفضه. قال مانديلا: “حاول أن تكون كوردياً ساعة واحدة، ثم أخبرني عن شعورك وستعلم لماذا رفضت تسلم الجائزة”. وكأن لسان حاله يَقُول حين تشعر بالظلم الواقع على هذا الشعب من قبل أولائك الذين مَنَحوني الجائزة فلا يكون أمامك إلا رفضها للإنسجام مع قيمك وانسانيتك التي ترفض الظلم من أي ظالم كان وضد أي مظلوم كان ، في هذا إنما هو أرسل رسائل عديدة ، رسالة لساسة الترك بأنكم تظلمون هذا الشعب والطلب منهم الكف عن الظلم وأخرى للمظلوم كأنه يقول له بأني أرفض الظلم الواقع عَلَيْك ورسالة لكل أحرار العالم بأن لا تكافؤا المعتدي وتجاملوه فتقبلوا منه جوائزه التي تفوح منها رائحة الجرائم والعفونة . فماذا في رسائل الأمريكان حين تقاربوا مع الأتراك ، ونحن لَسْنا ضد تقارب الآخرين على أن لا يكون تقاربنا للعدوان علينا نٓحنُ الكورد . أَيُّ رسائل يريد سيد أوباما أن يتركها في تاريخه السياسي قبل أن يرحل عن كرسي الرئاسة وأيُ أزدواجية سيتركها التقارب الأمريكي مع أوردوغان الخارج تواً من إنتخابات بنتائج خائبة ، هل يعقل أن يكون للأمريكان تحالف مع الكورد الممسكون بالأرض من جهة والتخلي عنهم من جهة أخرى وتركهم أمام أجرام أردوغان وغيره . كيف ساق اردوغان أوباما لهذا الوضع المنحرف والازدواجية في المواقف ؟؟ أو كيف الأمريكان قبلوا بهكذا فعل ؟!والقول بأن أمريكا تعتبر حزب العمال الكوردستاني بأنها منظمة أرهابية وكذلك قول الترك على لسان أردوغان ذلك لا يعني أن الأمر كذلك بل الآخرون يَرَوْن أردوغان أرهابياً ويشن حملة ظالمة ضد الكورد ويتخذ العنف سبيلاً لحل مشاكل التاريخ الماضي الذي فيه أخطاء جسيمة بحق الكورد لابد أن تعالج بالسلم والحوار وأعطاء كل ذي حق حقه .. هل العنف والضغط على زر لأطلاق القنابل على روؤس الكورد يخدم تركيا ويقدم لمشاكلها الحلول ؟؟، متى الحروب قدمت حلول وإن فرضت حلول تكون ملغومة تنفجر لا حقاً ف( القنابل ) التي تنفجر اليوم من صنع الأمس والتي تنفجر غداً من صنع اليوم ، أنظروا إلى ما آلت اله البشرية من وضع كارثي نتيجة الحلول القسرية عبر التاريخ الماضي وانظروا الى التاريخ بشكل شامل سوف ترون فيه حماقات القوة الغاشمة وحلول ترقيعية أدت لا حقاً الى كوارث بشرية .إنه في قضية مثل قضية الكورد لا يجدي اللجوء الى العنف والغطرسة وقبل أردوغان الآخرون حاولوا بالسلاح الكيمياوي حل القضية وآخرون حاولوا حل القضية بالأعدامات فماذا كانت النتيجة إلا مزيداً من الفوضى وعدم الأستقرار . نحن لا نستغرب من الموقف التركي المدان ولكن الغرابة كُلُّ الغرابة أن تسحل تركيا أمريكا الى هذا الموقف الغريب من خلال التقارب التركي الأمريكي . إن الحياة التي يعشقها ويعيشها الكورد في الجبال وحمل السلاح حياة غير طبيعية وإنما حياة المضطر للدفاع عن نفسه ، لأن الطبيعي هو أن ينزل المقاتل الكوردي الى السهل إلى مدينته والعيش فيها بحرية وبكرامة ولكن أخطاء الماضي وحماقات الحاضر والغبن والجور والظلم هو الذي دفع بهم لحمل السلاح . قد أختلف مع حزب العمال في بعض أساليب الدفاع عن أنفسهم ولكن لا يعقل أن نقول عنهم أرهابيين في الوقت الذي هم يحاربون أرهاب الدولة المنظم والمكثف بحق الشعب الكوردي . ما يعاب عليها تركيا أنها تبحث عن الحل من الخارج وليس من الداخل وعسكرياً وليس سلمياً .. المشكلة عندها وفي تفكيرها وفي معالجاتها الخاطئة إنها تعلن صراحة وعلى لسان أردوغان الذي صرح على الملأ بأنه لا يقبل الشأن الكوردي في غرب كوردستان إذا نتجد عنه بروز شي مماثل لما موجود في جنوب كوردستان والذي لليوم أيضاً غير ناجي من حماقات أردوغان حيث القرى الحدودية في جنوب كوردستان غير آمنة نتيجة للقصف التركي العشوائي وكان على أردوغان الذهاب صوب السلام إلا إنه لا يستطيع ذلك فهو لا يستطيع أن يكون كوردياً ولو لساعة واحدة ليشعر بمعاناة الكورد ويقر بحقوقهم بحياة كريمة . بدأت رحلة تهجير جديدة مع المآسي وكأن هذا الشعب مكتوب عليه إما الرضوخ الكلي مع العذابات أو الترحيل والتهجير وقصفه بالمدافع والطائرات والصواريخ وإذا قرر الدفاع عن جغرافيته وتاريخه وكرامته يُتهم بالأرهاب ويفصّل عليه بالتفصيل . فهم في نظر الآخرين ليسوا كورداً وإنما أتراك الجبل وكأن الترك أنواع فأتراك الجبل والسهل والوادي والبحر والمنتجعات وأتراك السماء الذي يشمل فقط أردوغان !؟ من حقنا رفض التقارب الأمريكي والتركي ربما يقول البعض من حق تركيا وأمريكا مراعات مصالحهما نقول لا طالما مبني على جماجم الكورد ويُعطي الضوء الأخضر لأردوغان لقصف الكورد .. نعم نرفض وندين هذا التقارب لأنه مبني على جماجم الكورد .وأخيراً نقول لو خيروا الآخر ممن يملك المدافع والطائرات والصواريخ أن يدخلوا في السلام أو الحرب مع الكورد لأختاروا السلام وذهبوا بلا خجل للحرب عليهم . ———— * العنوان مستوحاة من كلام ” نلسن مانديلا