هاتف بشبوش
جميع الشعراء العرب العظماء لادينين ويكرهون الترويجَ للدين والتديّن، إبتداءً من المتنبي إذ كان جالسا في مجلس سيف الدولة الحمداني وقال له أحدهم بضغينةٍ دفينةٍ : كيف سمحت لنفسك أن تسميها ( المتنبي) والرسول الأعظم قال ( لانبي بعدي) فأجابه المتنبي في الحال وبروحٍ بدهيةٍ ممازحة : أنت لاتقرأ صحيحاً ياصاحبي : فالرسول قال ( لانبيُّ بعدي) وأنا إسمي (لا) ..فسكت الجميع تهيباً ونصراً .
أما أعظمُ ماقيل في الحداثة في الزمن العربي الغابر والذي يعطي انطباعا كارهاً ساخراً من الدين هو لأبي نؤاس ( عاجَ الشقي على رسمٍ يسائلهُ/ وعجتُ اسألُ عن خمّارة البلدِ ) وهو الذي قال أيضا (ديني لي ودين الناس للناسِ) .
أما أبو العلاء المعري فهوالقائل ( إثنانِ أهلِ الأرض / ذو عقلٍ بلادينِ / وآخرُّ ديّنُّ لاعقلَ لهُ ) ثم نزولاً الى بقية الشعراء اللادينين من الجواهري وسعدي يوسف وأدونيس ويوسف الخال والماغوط ونزار قباني وأمل دنقل ومظفرالنواب ومحمود درويش . ولذلك لايمكن أن نجد شاعرا كبيراً على مر التأريخ وقد حج بيت الله ، أو ساهم في تحريك قدور القيمة في الولائم العراقية التي يُخسرعليها آلاف الدنانير بدون وجه حق ، أو تشاركَ في الترويج للدروشة وخزعبلات الطوائف. كما وإنّ التدين صفة مداّحة للسطة في كل الأحوال مثلما نرى اليوم البعض ممن يدعون الشعر لكنهم أصبحوا وعاظاً لسلاطينهم ولتقاليدهم القطيعية المملّة . والشاعر لايمكن له أن يكون موظفا أو صديقا للسلطة الدينية ، وإذا أصبح هكذا فلايمكن له أن يكون شاعراً حقيقيا تذكره الأجيال ، بل سيبقى كومبارس الأدب والشعر مهما حاول صعود سلّم الرقي .
عاج …مالَ
رسم….أطلال الماضي