حَادي الرّحِيل
أحمد شبيب دياب
ذَهَبَ العُمْرُ…..هباءً وَسُدَى
وَجَرَعْتُ المُرَّ من وَقْعِ الرَدَى
ورماني الدهرُ ما يرمي به
من مَزيدِ العَسْفِ أو كَيدِ العِدَى
وجرى دمعي على خدِّي كما
جَادَتِ السُّحْبُ سيولاً في المَدَى
لا تلمْ دمعي.. فإنّي بشرٌ
قد جُبلتُ يومَ عصفٍ أمردا
مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ ماءٍ وهَوا
وَهَوَيْتُ فَوْقَ قَاعٍ أجردا
عَلِمَ اللَيْلُ بأنّي قَادمٌ
فارتدى ثوباً قديماً أسوَدَا
طَالَ لَيلي واستحى منه الصباحْ
فأَتَانِي راجفاً مُرْتَعِدَا
هكذا كُنتُ وكَانَ مَقْدَمِي
وكذا أمسي ويومي وغدا
هذه الدّنيا حظوظٌ للوَرَى،
ولَعَمْرِي.. كانَ حظّي أنْكَدَا
فاشهَدِي يَا سُحْبُ إنّي صابرٌ
وَاتْرُكِي للروحِ أَنْ تَجلُو الصدا
وبقَلبِي فاسكني يا رَوعَتي
وَدَعِينِي أسألُ اللهَ الهُدَى
ها فُؤادِي حَادِياً في رِحْلَتِي؛
ويطيل الآه ِ مع صوت الْحِدَا
يَا خِيَامَ اللَيلِ هِلَي وافْرَحِي
فَغَدَاً للحبِ أضحى مَوْعِدَا
عتم لَيلي قَدْ تَجَلّى صُبْحُهُ
نَاثِرَاً لِلزَهْرِ قَطْرَاتِ النَدَى
ونَديمُ اللَيْلِ بالخمر أتىِ
نَاعِسَ الطَرْفِ عَليلاً مُجْهَدا
عَبِقَاً بالسحر من عطر الرُبَى..
أَيّ وَجْدٍ في فؤادِي أَوْقَدَا؟
كَي يُواسِينِي ويشْفِي لوعتي
سَكَبَ الكأسَ وَغَنّى وشَدَا
بَثَّني شكواه كَيّ يُعْلِمَنِي
أنني في العشقِ لستُ الأوحدا