رندة صادق
من المواضيع التي تتندر بها النسوة، وما يثير قلقهن ، في مجالسهن، ما تعارفن عليه (بجهلة الأربعين) عند الرجل؛ فعمر الأربعين عمر خطر للرجل في نظر الكثير من النساء، لاعتقادهن انه قد يمر فيه (بجهلة) تترك آثارها السلبية على عمره كله.
فهن يسردن عنه الحكايات والقصص كل واحدة حسب تجربتها، ووجهة نظرها؛ فترى أن كل رجال الأرض قد تصيبهم هذه المصيبة، إلا زوجها فهي تظن أنها امرأة تعرف كيف تحتفظ بزوجها.
لكن لو نظرنا إلى رقم الأربعين، في حياة الإنسان، بشكل عام، لا يمكننا أن نتجاهل انه عرف بعمر الحكمة في الكثير من الديانات، كالموحدين الدروز،مثلا. كما انه العمر الذي نزلت به الرسالة على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. وفي دراسة قرأتها من الناحية العلمية تؤكد عقل الإنسان يتوقف عن النمو فعليا بعمر الأربعين ,فهل لهذا علاقة أم أنها مجرد مصادفة؟. أم أنها تغيرات هرمونية،إذا كانت هذه الحالة أزمة منتصف العمر التي تصيب النساء، كما تصيب الرجال؛ فالفرق أن النساء يستسلمن لإحباطاتهن. أما الرجال فيحاولون استعادة الزمن بعلاقات أخرى خارج عش الزوجية، محاولة أن يعيشوا مراهقة متأخرة. فغالبا ما نرى الرجل يميل إلى الفتيات الصغيرات، فيأخذ بتغيير مظهره، وعاداته. وحين تلاحظ المرأة ذلك بفطرتها تبدأ الخلافات الزوجية لتتحول إلى أزمات لا تنتهي.
من ناحيته علم النفس يؤكد أنها أزمة منتصف العمر عند الرجال، ولكنها لا ترتبط – كما عند المرأة- بتغيرات بيولوجية. إنها حالة نفسية، ورغبة تسيطر على الرجل؛ وكثيرا ما يحصد من وراء انقياده لها دمار أسرته، أو تورطه بعلاقات خارج مؤسسة الزواج. من هنا على الرجل أن يعي ما يمر به، فيحاول أن يسيطر على تلك الرغبة، في المراهقة المتأخرة، كما تفعل المرأة وهي تعي وضعها وتتعامل مع الأمر بحكمة.
يمكن للرجل أن يعرف انه يمر بسن اليأس، ويحاول استدراك الأمر, وهو على تخوم (جهلة الأربعين) حين يلاحظ على نفسه بعض الأمور منها، تعكر المزاج,بدء عوارض الاكتئاب والفتور ،والشعور بالخيبة والتعب، والوهن بالقوى العضلية، مع ازدياد الم في الظهر. وكل هذه العوارض تترافق مع نوبات غضب لا مبرر لها. تتفاقم أزمة الرجل لأنه لا يتعامل بجدية مع الأمر، بل هو لا ينتبه إلى أن ما يمر به ليس حبه الضائع أو حقه بالحياة. إنما هي مرحلة سن اليأس التي تبدأ مع الأربعين، وتستمر إلى الخمسين وما بعد الخمسين. الحل قد يكون بقبوله انه يكبر وانه في الجانب الآخر من العمر ،وانه لا يمكنه أن يدمر تاريخه، وماضيه من اجل مستقبل مشوش. ولعله في بعض الحالات لا يجب أن يتردد في استشارة طبيب نفسي.
لا يمكن القول أن هناك حلولا ناجعة. ففي معظم الأحيان يبدأ الرجل في العمل ضد مصلحته ومصلحة أسرته، ولكن يمكن أن ينصح الرجل بالانتباه، وعدم الانجراف وراء هذه التغيرات الطارئة . طبعا دور الزوجة هنا مهم جدا في استيعاب شريك حياتها، واستيعاب انه يعيش تقلبات نفسية، وربما جسدية، وان عليها أن تستوعب الأمر. والخوف أن لا تسلم الأسرة من تداعيات (جهلة الأربعين) هذه..