“مصيبة كبرى عندما لا يُفرّق السياسي بين الخيار الاستراتيجي والخيار باللبن .. عندها لن ترى أي فرق بين
السُلطة والسَلَطة”
محمد الماغوط
جنين هينس بلاسخارات.. رئيسة بعثة الامم المتحدة في العراق”اليوماني” تثير بين فترة واخرى ضجة في الشارع العراقي، وخاصة تصريحاتها التي يعتبره الكثيرين تدخلا سافرا في الشان العراقي ونقلها صورا غير حقيقية عن المشهد العراقي، ولاول مرة نرى صورها واحاديثها تتزاحم فيها صفحات الصحف ومنصات التواصل الاجتماعي بخلاف من سبقوها في هذا المنصب وحتى ما ترتديه من ملابس !! وهناك من يطالب بطردها من بغداد لانها تجاوزت مهام وظيفتها وخاصة لقائها بشخصيات عسكرية وقادة ميليشيات عراقية وجهات لا تمتلك اي سلطة قانونية حكومية رسمية وعليها علامات الاستفهام ومثيرة الجدل مثل لقائها مع رئيس كتائب “حزب الله” عبد العزيز المحمداوي الملقب بـ “أبو فدك”، وهذا ما اكده بيان” هيئة الحشد الشعبي” التي تضم فصائل موالية لإيران، ومنها كتائب “حزب الله” و”العصائب” و”النجباء” و”بدر” و”كتائب علي بن أبي طالب” و”الخراساني” وغيرها، جاء فيه أن عبدالعزيز المحمداوي استقبل بلاسخارت في مقر الهيئة ببغداد!! مع العلم بان فصيل”حزب الله” مصنف على قائمة الإرهاب الأميركي وجدير بالذكر بان ثوار تشرين اطلقوا لقب الخالة على جنين بلاسخارت ولقب الخال على”ابو فدك” ووصف البعض ما تقوم به خارج السياقات الدستورية وعدم استحصال الموافقات الرسمية للدولة وخاصة عند اقتحام المنطقة الخضراء من قبل فصائل الحشد الشعبي ولقائها مع مسؤولين عسكريين سبق واصدروا اوامر لاقتحام المنطقة الحكومية لاطلاق سراح قاسم مصلح والمتهم وفق المادة 4 ارهاب ولم ترد على تفسيرات الحكومة بهذا الصدد لدرجة اشعلت غضب الشارع العراقي بصورة واسعة ! بحيث سبق وان طالب المنتفضون بطردها عندما غردت على حسابها الخاص بانتقادها ثوار تشرين بقطع الطرق وتعطيل البنية التحتية الحيوية في بغداد والمحافظات الاخرى وكذلك عندما احتشد مغتربون عراقيون في بروكسل عاصمة بلجيكا في وقفة احتجاجية للمطالبة بطرد جنين بلاسخارات وتغير موظفي البعثة في العراق مع العلم بان ميثاق الأمم المتحدة ينص بعدم التدخل في شؤون البلد بموجب المادة الثانية الفقرة السابعة(2/7) والظاهر بان “الخالة” همشت هذه المادة !!
اما الشخصية الثانية التي لها حرية التجول واللقاءات والاجتماعات مع شخصيات غير رسمية في العراق بدون علم الدولة و بحماية مرافقين مدججين بانواع الاسلحة ، هو السيد إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس لحرس الثورة الاسلامية والذي له دور بارز في كافة مفاصل الدولة وعلاقات وثيقة مع عشرات من الميليشيات المسلحة!! كما تثير لقاءات جنين بلاسخارات جدلا واسعا في الساحة العراقية، كذلك تثير لقاءات إسماعيل قاآني جدلا واسعا في الشارع العراقي، حيث الزيارات المتكررة ( خرّي مرّي )* مع زعماء مليشيات مسلحة والبحث معهم في شؤون العراق السياسية والعسكرية و بادق التفاصيل والعلاقات الخارجية والداخلية العراقية اضافة الى شؤون الميلشيات وسلاحها واطلاق الصواريخ!!وعملها وتحديد موقفها مع الحكومة!! والمتابع للساحة السياسية العراقية، يعتبر إسماعيل قاآني او قبله الممثل الرسمي لايران في العراق ويحمل كل الصلاحيات في التجول بحرية اكثر من حريته من التجول في طهران او المدن الاخرى في وطنه ايران!! لان عندما يتجول في ايران لابد ان يستحصل على امر اداري بايفاده في مهمة رسمية اي على موافقات من قادته ولكن في العراق لا يحتاج الى موافقة احد من المسؤوليين، ضاربا عرض الحائط هيبة الدولة العراقية ودستورها وبروتوكالاتها مع العالم ! والمضحك المبكي بان الكثير من زيارات إسماعيل قاآني غير معلنة وسرية وكثير من الاحيان تعقد في منازل قادة المليشيات السياسية الدينية ومنها الاجتماع الذي عقد في منزل زعيم تحالف الفتح هادي العامري بمنطقة الجادرية المحاذية للمنطقة للخضراء، من بينهم زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، والقيادي البارز في ميليشيا كتائب حزب الله عبد العزيز المحمداوي”أبو فدك” وهذا لا يثير الاستغراب عند المواطن العراقي فقط ولكن في العرف الدولي هو انتقاص للدولة ودستورها!! و ربما يسال احدهم ، اين الكاظمي من هذا كله، والاجابة بان الكاظمي اخذ بنصيحة قيس الخزعلي عندما قال له غلس، فغلس، ومازال مغلس!!
والسؤال هنا الذي يطرح بقوة، اذا كانت الحكومة العراقية تسمح بالتدخل الخارجي في شؤونها الداخلية! فكيف تستطيع الحفاظ على سيادتها وهذه السيادة تسلب من الاخرين من الخارج او الداخل! وهذا التدخل يعتبر هو احد الاسباب في عدم استقرار البلد وظهور الصراعات الطائفية والمذهبية بين حين واخر، وسؤال اخر، هل سمع احدنا بزيارة مسؤول او وفد عراقي الى ايران بلقائه جهة او شخصية ايرانية غير رسمية بدون علم الحكومة الايرانية! هل يستطيع احد المسؤوليين العراقيين بزيارة الاحواز العربية او احد ثوارها! وهل يستطيع ان يتدخل في الانتخابات البرلمانية او الرئاسية في الشقيقة “ايران”.
ان هذه التدخلات خلال ثمان عشرة سنة كانت بسبب اخفاقات و فشل الحكومات المتعاقبة في الحفاظ على استقلالية القرار العراقي لانها رهينة الاجندة الخارجية ورسم سياسات العراق في مطابخ الاخرين ! ولا يخطأ اثنان بان هذا الانفلات يستمر ولكن ما زال العراقيون بكافة اطيافهم ومذاهبهم و معتقدائهم، ينتظرون الامل من خلال ثورة تشرين الشبابية .. ولابد بانتصارها مهما تعددت اساليب الميلشيات الحزبية البوليسية لتصفية الثوار وقمع ثورتهم.
• يفسر المثل بانه المكان الذي لايعرف فيه الداخل من الخارج فيقول الناس هذا المكان خري مري . والمقصود به الدخول والخروج من غير إستئذان أو نظام. .