( جرّة الاذن الملونة والاسلوب الأبلغ أنسنة )
ميشيل ألكسندر ، مؤلفة كتاب The New Jim Crow
هذه رواية بسرد مذهل تهدف للكشف عن إعادة ولادة نظام يشبه الطبقية في الولايات المتحدة ، وهو نظام أدى إلى حبس الملايين من الأمريكيين الأفارقة خلف القضبان ثم هبوطهم إلى وضع دائم من الدرجة الثانية – حرموا من نفس الحقوق المفترض التمتع بها في حراك الحقوق المدنية. منذ نشره في عام 2010 ، تميّزت الرواية من كونها الأكثر مبيعًا لأكثر من عام ؛ أطلق عليها العديد من المعلقين لقب “الكتاب المقدس العلماني لحركة اجتماعية جديدة” ؛ وكما ساهم في جهود التوعية في الجامعات والكنائس والمراكز المجتمعية ومراكز إعادة التأهيل والسجون على الصعيد الوطني.
من روايتها بالانجليزية نطالع :
“ليس بمقدوري القول إنني أؤمن بالتقمص ، لكنني أفهم لماذا يفعل ذلك بعض الناس. واقعاً مررت بتجربة غريبة حقا اثناء مراهقتي جعلتني أتساءل عما إذا كنت قد عرفت شخصًا ما في حياتي الماضية.
كنت ذاهبة إلى المدرسة يومها ، غارقةً في التفكير. استدرت عند منعطف شارعٍ واسع تصطف على جانبيه الأشجار، لاحظت رجلاً على الجانب الآخر يتجه نحوي. للحظة ، ألقينا نظرة على بعضنا البعض، غمرتني موجة ذهول من الإثارة والرهبة. ركضنا بشكل عفوي تجاه بعضنا، كما لو كنا نسعى لنعانق صديقًا أو قريبًا أو حبيبًا فقدناه منذ أمدٍ طويل. لكن ما ان اقتربنا من بعضنا بما يكفي لرؤية وجه الآخر ، حتى صدمنا الإدراك بأننا لا نعرف بعضنا في الواقع. وقفنا في منتصف الشارع مذهولين. تمتمت ، “أنا آسفة جدًا – اعتقدت أنني أعرفك”. أجاب بالحرج نفسه: “يا إلهي ، هذا أمرٌ غريبٌ جدًا. ماذا يحدث الآن؟ ” تراجعنا محرجين – أنا فتاة سوداء في سن المراهقة ؛ وهو رجلٌ أبيض في منتصف العمر. لم أره بعدها.
هزتني الحادثة بعمق. لم تكن هذه قضية خطأ في الهوية. حدث بيننا شيء عميق وغامض كلانا عرفه. مع ذلك ، فأنا لست من بين 33 بالمائة من الأمريكيين (بما في ذلك 29 بالمائة من المسيحيين) ممن باتوا يؤمنون بتقمص الأرواح.
واخيرا، على الرغم من كل هذا ، فكرت ماذا لو عدنا الى بداياتنا الاولى كبشر لا تفرقنا فوارق، قد يغيّر ذلك من كل ما نعانيه اليوم في عصرنا الراهن.”
(انتهى.)
التقدمة طويلة لكنني احاول قنص بعض اضاءة ..
يبدو ان السلوك المتعالي الذي تطبّع عليه لاحقا الرجل الابيض تجاه الملونين يعود الى تمكّن الرجل الابيض من استغلاله لجهد الملونين المسالمين بعد ان غزا مجتمعاتهم البدائية الوحشية العفوية والمسالمة بما توفر لديه من تقنيات واكتشافه للبارود وادوات للانتاج وللعمل خصوصا بحثه عن معادن الأرض والاستفادة مما يتوفر فيها وعليها من اخشاب في غابات الجزر التي كان يستكشفها. لم يكن الرجل الملون ليستكشف البلدان او حتى وسائل السفر عبر مسافات بعيدة كالتي كنا نقرأ عنها في التجوال عبر محيطات وبحار مواقع الرجل الأبيض!
من هنا نما سلوك الرجل الأبيض – الاملائي-. من ثم شرع عامل التملك للارض والاستحواذ على معادنها من ملح وتبر وكبريت وفحم ونفط أن يبقى متسيدا وباحثا عن ايد عاملة يوظفها في سفره وترحاله واحماله لتسهيل مهامه اللاحقة. كذلك نما وتراكم الرأسمال وصار بالضرورة يستغل قوة عمل (العبيد) ملونين وحتى بيض وكما عزز من الحاق (العبيد) به بعد ان طور دور العبادة وأقام محاريب ومنصات عاليه للكهنة.
مما قرأنا عنه اثناء يفاعتنا ان الرجل الأبيض حين يمرض يجلس على كرسي في حديقته الغنّاء ويريح ساقيه على ظهر طفل زنجي مستلقيا على بطنه ليستمد طاقة شفائه من جسد الصبي الاسمر.
والى وقت قريب في حاضرتنا كان من يعاني من الم بين اضلاعه ومفاصله يُنصح بنكاح امرأة زنجية لما تتمتع به من طاقة تشد له اضلاعه فتحسّن من شفائه السريع!
من ذلك تلاقحت الحكايات والخرافات مما انعكس في طريقة التخاطب في مجتمعات تقدمت ببحوثها واكتشافاتها السريعة والى ما وصلت اليه المدنية اليوم .
من ذلك حدثني صديق توظّفَ في نايجيريا اثناء اقامته هناك ان استاذاً اجنبيا كان يلذ له الاتصال بفتيات زنجيات ويفضلهن على سواهن اثناء احتفالات اعياد الميلاد! – هل يحن لاستذكار غزواته في الماضي !-
من ذلك نلمس مثلا طريفةً في التخاطب بين الرجل الابيض والملون ..
في امريكا وهي تسعى لتعزيز سياسة المساواة بين شعوبها ومحاربة التمييز العنصري نلمس بعض شذرات مما تخلف بسبب ذلك الأثر. واليك هذا المشهد في طريقة طرح السؤال بين رجل ابيض وآخر من ملوني الافارقة، استلطفتني فيها مثل هكذا مفارقة:
The white man- outside – often wonders:
– Do you know what am I talking about?
Whereas the African man may wonder:
– Do you feel me, man?
الرجل الأبيض في الخارج – غالبا ما يتساءل حين يستغرب أمرا: هل تعرف ما الذي أتحدث عنه؟
في حين يتساءل الرجل الملوّن الأفريقي بذات الفحوى:
– هل تشعر بي يا صاحبي!
جبناها على جرّة اذن ” الملونين”!