جاء فجراٌ
كان صوت قدومه أقوى من كل شيء , و ها هي هائمه على وجهها لا تعرف الى أين الطريق؟ ظلام الليل بدد كل الأمان الموجود بالقلب , و رغم ذلك كان هو ايضا ستر هذه الصبية . فرد جناحيه منذ ساعات قليلة و كانت عيونها اللائجة تكتم سراً عظيماً . و الدموع المتساقطة تحكى عن إلما يمزق أقوى القلوب الناظرة . و تأمل في هذا الكائن الصلب القادم من الخلف كي يخطفها و يرحل بعيدا بعيدا عن عيون الناظرون , جاءها حامل معه كل الأماني الحزينة فألقت على هذا الجامد الصلب ألمها و أوجاعها ليأخذها و يرحل
رمت نفسها على المقعد الخشبي تخطط لاغتيال البراءة و الى جوارها سيدة عجوز تحمل حكمة الزمان الغابر . وضعت يداها على الصبية و ضمتها الى صدرها و غابت الصبية عن الوعى تماما جاء الصوت الرقيق اللين والتي لا تعرف مصدره . و لكن شعرت بوكزات بأجنابها . و الصوت يقول : أرجوك سيدتي لا تطرديني حتى أكمل أيامى دعيني . وثقت أنى غير مرغوب فيه و لكن ما هو ذنبي؟
لم أكن هنا بأر ادتي فلو لا كي ما كنت أنا . تحت أستار الظلام صنعت هكذا أراد الرب أن اكون فليس لي سوى السكون . أعدك أيتها الفتاة الجميلة ذات الوجه الملائكي . لن اجلس معك كثيراً و لا لحظة واحدة , فلو أردتٍ القيني في هذا النهر الجاري أو تحت سفح جبل عالي أو حتفا للهلاك لا أبالى فهناك من
يرعاني . أنا لا أخاف عندما يكون لي الآمر وسوف احتويكٍ كما أنت ألان تحويني . فلماذا تريدي ألان قتلى ؟
و أعدك يا عزيزتي و مهجة فؤادي لن أحزن إن وجدت في الدنيا وحيداُ
و لماذا انتِ حائرة تطرقين أبواب موصدة . أتريدي نزع العار عنك و أي عار الذى بدون شك هو أنا ما هو جرمي . وما هو ذنبي ؟
و أبداً ما كنت أكرهك عديني يوم أن تلديني على ذراعيك احمليني و ضميني و بأدفأ الانفاس احتويني.
صفر قطار المحطة بعنف فذهب الصوت الهين و صرخ الطفل في حضن امة يبكى يتحسس ثدي أمه بأنامله الرقيقة . نظرت اليه بمشاعر ملتهبة و دموع جارية مسحتها يداه الصغيرتان و الى جوارها أمها تمتدح جمال الصبى و زوجها يدخل ليطمئن عليه قائلا لازال هناك أمل
سامج ادور سعدالله