ثورةُ النُّقْطة
د. أسماء غريب
/
غَدا سَأخرجُ في مُظاهَرةٍ صَاخبَةٍ أيّها الحَرْفُ
وسَأعْلنُ للعَالمِ أجْمَعَ حَالَة تَأهُّب قُصْوى
وسَأسْتَدْعِي الجنودَ المُجَنّحينَ الحُمْرَ والأطِبّاء الخُضْر
وسأقرأُ أمَامَ المَلإ دُسْتُورِي الجَدِيد
وأسنُّ قَوَانِينَ حَدِيثَة للِعِشْقِ وَالمَحَبّةِ
لا مَكَانَ فِيهَا لِمَواثِيقِ الطّاعَةِ بَيْنَ التلْمِيذِ والمُعلّم
وَلا لِبْرُوتُوكُولَاتِ اسْتِعْبادِ القَدَمِ للنّعْل
ولا لِإتيكِيتِ تَحَرُّش الجِلْبَابِ بالجَسَدِ
*
سَأثورُ عليكَ هَكَذَا وبِدُونِ مُقَدّمات
وَلَا مَواقِيتَ ولاَ حُجَجَ أوْ بَرَاهِينَ
لأنّي أنا النُّقطَة التِي هي كُلّ يَوْمٍ فِي شَأنٍ
أنا الكاشفةُ لعَنْجَهِيَتِكَ
أيُّهَا الحَرْفُ المُدَثّرُ بِخِرْقَةِ الكِبْر
والمُكلّل بِتَاجِ الخُيَلاءِ وَجُنُونِ العَظَمَةِ.
سأثور عليكَ لأنني مللتُ منكَ ومن هذيانكَ
وإن لم تصدّقني فاسأل عنّي الحلاج والسهروردي.
*
سأثور عليكَ كيْ أعِيدَ ترتيبَ حُرُوفِ الأبْجَدِيّة
وأعِيدَ إلى العُشّاق نُقْطَةَ رَبِيعِهِمُ المَفْقُود
ونُقْطَةَ شَمْسِهِم الدّامية وَسَط القُلوب
وأضَعَ نُقطَة نِظَامٍ جَديدَة وَسَط مُجَلّدِ التارِيخِ
المُطَرّز بالتّرّهَاتِ وَالأكَاذِيبِ.
*
سأثور عليكَ لأنّي أنا نُقْطَةُ قَلْبِكَ الحَمْراء
التي لمْ تَكُفّ يوماً عَنْ عِشْقِهَا يَا حَبِيبِي
وإن لمْ تُصَدّقْنِي فاسْألْ عَنِّي أسْمَاءَ وَرَابِعَةَ وَتِيرِيزَا
اسْألْ أقْحُوانةَ الجَمَال، وجَرّةَ الطّين والإزَارَ الأزرق
واسألْنِي أنا، إيزِيسَ الجَدِيدَة.