تلاقح المبادئ الانسانية والثورية في روحية البيشمركة
جواد كاظم ملكشاهي
عندما نتصفح تاريخ الثورات وحركات الكفاح المسلح لمختلف شعوب العالم من اجل الحرية والخلاص من العبودية نقرأ قصصا كثيرة ومختلفة تحكي لنا مواقف التضحية والفداء والايثار في ساحات الوغى للمقاتلين الذين يحملون مبادئ انسانية سامية وعظيمة ورقياً اخلاقياً تضاف الى شجاعتهم في مقارعة العدو وتحديهم للصعاب في الشدائد واحيانا تبدو تلك القصص خيالية ، ولكن اغلب تلك القصص هي حقائق شهدها التاريخ الانساني للشعوب ، منها ما دون ومنها ما لم يدون لأسباب تتعلق بظروف ومناخ تلك المواقف.
العلماء يعرفون الايثار والتضحية على انه صفة لتصرف معين يقوم به شخص يضحي بحياته او ماله او مايملك ويعود بالفائدة على الاخرين وهذه الصفحة تعتبر تقليداً راسخاً في العديد من الاديان والمعتقدات كالاسلام والمسيحية والبوذية والكنفوشسية والهندوسية وغيرها، أي بمعنى ان تفضيل الانسان للاخرين على نفسه ومصلحته ، يعد قمة النبل والاخلاق الانسانية الراقية والثقافة الحضارية التي نحن احوج لها في عصرنا الحاضر الذي فقدنا فيه الكثير من القيم والمبادئ السامية لأسباب مختلفة لامجال لذكرها في هذا المقال المتواضع.
على سبيل المثال لو نتصفح تاريخ الثائر (تشي جيفارا) نرى انه كان يحمل روحا ثورية عالية للدفاع عن المظلومية وتحدي الظلم والاضطهاد ليس في بلده فحسب بل في بلدان مجاورة لبلده وراح يدافع عن حقوق الطبقات المسحوقة والفقيرة من المجتمعات في امريكا اللاتينية اينما وصل الى مسمعه صراخ لمضطهد وانين لمظلوم وعويلٌ لثكلى ، حيث لم يحسب حساباً للحدود السياسية ، بالرغم من انه طبيب وكاتب وقائد ميداني منقطع النظير في الكفاح المسلح وحرب العصابات ، ولكنه فضل التضحية والفداء من اجل حرية شعبه وكرامته على العيش المرفه خلف المكاتب المجللة والترف والبذخ والى ذلك كانت يداه مفتوحتان لمساعدة الفقراء ومن كان بحاجة الى مساعدة وبذلك اعطى نموذجا راقيا للثائر المثقف الذي دافع عن قضية انسانية يؤمن بها الى اخر ساعات حياته .
لو نعود لتاريخ الكفاح المسلح لشعبنا الكوردي وما امتاز به شبابنا في مراحل الكفاح المسلح والان عندما تعرض الوطن لحملة همجية من الدواعش ، بالتاكيد هناك امثلة كثيرة ونماذج رائعة ربما تفوق حتى الثوار الكبار الذين يشهد لهم التاريخ بالشجاعة والنبل والمواقف الانسانية الراقية التي تنسجم مع المبادئ والقيم والاهداف التي حملوا السلاح من اجلها.
ما استفزني لكتابة هذه المقدمة الطويلة التي قد تبدو مستفيضة نوعا ما ، موقف مشرف وانساني لاحد قوات البيشمركة البطلة الا وهو المقاتل الشجاع شهاب احمد الذي قاتل النفس الامارة قبل ان يقاتل عدوه الهمجي المجرم المتمثل بجهلة القرن الحادي والعشيرين الذين عاثوا في الارض قتلا وفسادا، هذا الرجل اعطى مثالا رفيعا من التضحية والفداء عندما باع مايملكه وما ادخره خلال حياته كلها وهي سيارته التي ربما هو وعائلته بحاجة ماسة اليها حيث باعها ووزع ثمنها بين رفاقه المقاتلين الذين لم يتسلموا رواتبهم منذ اشهر وهم يتحدون العدو في السواتر الامامية ويتحملون حرارة الصيف اللاهب وقساوة البرد والثلوج والامطار في الشتاء القارس جراء الازمة المالية التي يمر بها الاقليم نتيجة سقوط اسعار النفط وقطع رواتبهم من قبل الحكومة الاتحادية.
فتحية لشهاب احمد المقاتل الشجاع الذي يعد انموذجا رائعا للتضحية والفداء من اجل القيم والمبادئ السامية ، لذلك اقترح على حكومة اقليم كوردستان وخاصة وزارة البيشمركة ان تكرم هذا البطل الذي تحدى الازمة الاقتصادية والعدوان الداعشي في آن واحد لكي يكون قدوة لجيل الشباب الثوري.
تلاقح المبادئ الانسانية والثورية في روحية البيشمركة
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا