وفاة 1.3 مليون لإنعدام الكهرباء ومياه الشرب وشبكات الصرف مليونان ونصف مليون لاجئ و45% يعيشون بأقل من دولارين
تقرير محكمة بروكسل حول تفكيك الدولة العراقية
حرق 200 وقصف 700 مدرسة ابتدائية وهروب 80% من مدرسي بغداد
اغتيال 221 أكاديمياً وهروب 20 ألف طبيب
ديرك ادريانسنز
عضو اللجنة التنفيذية لمحكمة بروكسل
التقرير الذي أصدرته محكمة بروكسل (المكوّنة من مجموعة من الشخصيات العلمية والأكاديمية والأدبية ذات منزلة عالمية معروفة ومرموقة) عن سلوكية الاحتلال الامريكي في العراق. بعد ايام قليلة من احداث الحادي عشر من ايلول/سبتمبر اعلن نائب وزير الدفاع بول وولفويتز بان التركيز الرئيسي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة سيكون “انهاء الدول التي ترعي الارهاب”. وقد وُصف العراق كونه “دولة ارهابية” وتم استهداف انهائهِ. وقام الرئيس بوش بإعلان العراق كجبهة رئيسية في حملة الحرب علي الارهاب العالمية. وعليه غزت القوات الامريكية العراق بصورة غير قانونية تحت هدف واضح وهو تفكيك الدولة العراقية. بعد الحرب العالمية الثانية ركزت علوم الاجتماع علي دراسة بناء الدول ونموذج التنمية، لكن كُتب القليل حول كيفية تدمير الدولة وتراجعها. يمكننا الان، بعد سبع سنين من الحرب والاحتلال، ان ننَص بأن انهاء الدولة كان هدفاً سياسياً متعمداً.
ان عواقب تدمير الدولة العراقية كان وخيماً علي الصعيد الانساني والثقافي: لاسيما وفاة اكثر من 1.3 مليون مدني والتدهور في البني التحتية الاجتماعية من ضمنها الكهرباء والمياه الصالحة وشبكات الصرف الصحي، اكثر من ثمانية ملايين عراقيين بحاجة الي مساعدات انسانية اضافة الي الفقر المدقع: تقرير الامم المتحدة لحقوق الانسان الصادر في الربع الاول من سنة 2007 نص علي وجود 45% من العراقيين يعيشون بأقل من دولار في اليوم، اضافة الي تشريد 2.5 مليون علي الاقل من اللاجئين ونزوح 2.764.000 في نهاية سنة 2009، حيث وجد ان نسبة المهجرين هي واحد من بين كل ستة افراد عراقيين. كما ان الجاليات العرقية والدينية علي وشك الانقراض. وكالة (السكن) التابعة للامم المتحدة اصدرت مؤخراً بياناً (218 صفحة) بعنوان حالة دول العالم لسنة 2010 ــ 2011، تضمن البيان احصائيات من ضمنها حقائق مفزعة عن معيشة السكان في المدن العراقية. خلال العقود القليلة الماضية، قبل الغزوالامريكي للعراق سنة 2003، تراوحت نسبة السكان الذين يعيشون في الاحياء الفقيرة اقل من 20 بالمئة. اما في يومنا الحالي، ارتفعت هذه النسبة الي 53 بالمئة: وهوما يعادل 11 مليون من قاطني المدن الحضرية من اصل 19 مليون.
تدمير التعليم العراقي
لخص تقرير يونسكو” التعليم في اطار الهجوم” الصادر في 20 شباط/فبراير 2010، بأن ” علي الرغم من تحسن الوضع الامني في العراق، ان الحالة التي تواجهها المدارس والطلاب والاكاديمون لا تزال خطرة”. كما نشر مدير جامعة الامم المتحدة معهد القيادة الدولية تقريرا بتاريخ 27 ابريل/ نيسان 2005 يشرح بأن منذ بدء الحرب سنة 2003، تم حرق ونهب وتدمير 84% من مراكز التعليم العالي في العراق. اضافة الي ان العنف المستمر دمر العديد من المدارس العراقية وان ربع المدارس الابتدائية العراقية بحاجة الي حملة اعادة تأهيل كبري. منذ مارس/ اذار 2003، تم قصف اكثر من 700 مدرسة ابتدائية، وتم حرق 200 منهم ونهب اكثر من 3.000. اما نسبة المدرسين في بغداد قد هبطت بنسبة 80%. خلال الفترة بين مارس/ اذار 2003 واكتوبر/تشرين الاول 2008، تم التبليغ عن 31.598 حالات هجوم عنيفة ضد مؤسسات تعليمية في العراق، وفقاً لما اعلنته وزارة التعليم. منذ 2007 العديد من التفجيرات التي استهدفت جامعة المستنصرية اسفرت عن استشهاد وجرح اكثر من 335 من الطلبة والموظفين وفقا لما ذكرته صحيفة النيويورك تايمز بتاريخ 19 تشرين الاول/اكتوبر، وعليه بُني جدار مضاد للانفجارات علي ارتفاع 12 قدم حول الحرم الجامعي. كما احتلت قوات المتعددة الجنسيات والجيش العراقي والشرطة العراقية اكثر من 70 مبني مدرسي لاهداف عسكرية في محافظة ديالي فقط، وهوما يعد خرقا واضحا لاتفاقية لاهاي. كما ان تقرير يونسكو واضح جدا “الهجمات التي استهدفت التعليم امتدت طوال سنتي 2007 و2008 علي مستوي اقل- لكن مثل هذه الهجمات من شأنها ان تثير قلقا بالغاًً في اي بلد آخر”. اذاً، لماذا لا تشكل اي قلق عندما يرتبط الامر بالعراق؟ اضافة الي ان نسبة الهجمات عادت لترتفع مرة اخري كما تبين في الاحصائية. (في 20 مارس/ اذار 2008، اصدرت جمعية مراسلون بلا حدود بيانا نص علي ان المئات من الصحفيين اجبروا علي المغادرة منذ بدء الغزو بقيادة الولايات المتحدة). القضاء علي الطبقة الوسطي في العراق وبصورة موازية لتدمير التعليم العراقي، ادي القمع الي هجرة الجزء الاكبر من الطبقة الوسطي المتعلمة ــ والتي تعد العامل الرئيسي في التقدم والتطوير في الدول الحديثة. حيث عانت الطبقة المثقفة وذات الخبرات من حملة منظمة ومنهجية من التخويف والاختطاف والابتزاز والقتل العشوائي والاغتيالات المستهدفة. لقد تم تزويد شريحة الاختصاصين ضم اطار الاستهداف الشامل للطبقة الوسطي المهنية، والتي تتضمن اطباء ومهندسين ومحامين وقضاة بالاضافة الي الزعماء السياسيين والدينيين. ويعتقد ان 40 بالمئة من الطبقة الوسطي العراقية قد غادرت البلاد بنهاية2006، وقد عاد القليل منهم. عشرون الف طبيب مسجل عراقي من اصل 34.000 غادروا العراق بعد غزوالولايات المتحدة. منذ ابريل/نيسان 2009، عاد اقل من 2،000 وهو نفس عدد الذين قتلوا خلال الحرب.
حتي يومنا هذا، لم يُنَظَم اي تحقيق حول هذه الظاهرة من قبل مسؤولي الاحتلال. ولم يتم التبليغ عن اي اعتقال بصدد ترهيب الطبقة المثقفة. ان النزوع الي معالجة الاستهداف المنظم للمهنيين العرقيين بوصفه لا يفضي الي شيئ، هذا النزوع ينسجم مع الدور العام لقوي الاحتلال في استنزاف المجتمع العراقي.
تدمير المجتمع العراقي
ومحو الذاكرة الوطنية
تتفاقم هذه الخسائر الي مستويات غير مسبوقة من الخراب الثقافي، حيث الهجمات التي استهدفت المحفوظات والمعالم الوطنية التي تمثل الهوية التاريخية للشعب العراقي. من خلال امريكان واتش امكننا ان نعلم بأن الاف من القطع الاثرية اختفت خلال “عملية تحرير العراق”. تحتوي هذه القطع علي ما لا يقل عن 15.000 قطعة نفيسة تعود الي حضارة وادي الرافدين التي كانت موجودة في المتحف الوطني في بغداد، بالاضافة الي العديد من القطع المأخوذة من 12.000 موقع تأريخي الذي تركته قوي الاحتلال بدون حراسة. بينما كان المتحف يجرد من قطعه الثمينة،كانت المكتبة الوطنية التي حافظت علي الاستمرارية والفخر قد دُمِرت عمدا. ان مسؤولي الاحتلال لم يقوموا بأتخاذ اي اجراءات لحماية المواقع الوطنية، بالرغم من تحذيرات المختصين الدوليين. وفقا لاخر التطورات حول عدد القطع المسروقة قال المختص التاريخي فرانسيس ديبلاوي، يبدوان حوالي 8.500 قطعة لا تزال في عداد المفقوديين، بالاضافة الي 4000 قطعة سيتم استرجاعها ولكن لم تعد الي العراق حتي الان. ان التهريب وتجارة القطع اللاثرية العراقية هي واحدة من اكثر الاعمال ربحاً في العراق الحالي.
كانت ردة فعل الولايات المتحدة لهذا النهب الحاصل هواللامبالاة في احسن الاحوال او اسوأها في احيان اخري. وقد فشلت الولايات المتحدة امام القانون الدولي في ان تتحمل مسؤلياتها وان تأخذ موقفاً ايجابياً ووقائياً وضاعف من فشلها اضطلاعها المباشر بأعمال فظيعة اضرت التراث العراقي بصورة كبيرة. منذ الغزو في مارس/آذار 2003، قامت قوي الولايات المتحدة بتحويل سبعة مواقع اثرية علي الاقل الي قواعد اومعسكرات للجيش، من ضمنها اور، واحدة من اقدم المدن في العالم وهي ايضا مسقط رأس النبي ابراهيم عليه السلام، اضافة الي بابل الاسطورية حيث اسفر معسكر قوات الولايات المتحدة عن اضرار لا يمكن اصلاحها في هذه المدينة التاريخية.
تدمير الدولة العراقية
تفشي الفوضي والعنف يعرقل اعادة الاعمار، مما يترك اسس الدولة العراقية في حالة خراب. الاغلبية العظمي من الصحفيين والاكاديمين والسياسيين الغربيين يرفضون الاعتراف بضياع الحياة علي هذا النطاق الواسع وان التدمير الثقافي الذي يتبعه هوناتج متوقع لسياسة الاحتلال الامريكي. حيث تعتبر هذه الفكرة غير واردة علي الاطلاق، بالرغم من العلنية التي نفذ فيها هذا الهدف علي اساسه.
لقد حان وقت التفكير فيما لا يمكن التفكير فيه. ان الهجوم الذي قادته امريكا ضد العراق يجبرنا الي اعتبار ان معني تدمير الدولة ونتائجه كان هو هدف السياسة الامريكية. كما ان مهندسي سياسة العراق لم يفصحوا عن ما سيتضمنه تفكيك واعادة تركيب العراق، الا ان اعمالهم، علي اية حال، تصورها بصورة واضحة. ومن خلال هذه الاعمال،يمكن قراءة تعريفا دقيقا لما يعنيه انهاء الدولة. ان حملة انهاء الدولة العراقية تضمنت علي، ازاحة واعدام الرئيس الشرعي صدام حسين والقاء القبض وطرد اي شخصية بعثية. بل واكثر من ذلك، عملية انهاء الدولة امتدت الي ما بعد تغيير السلطة الحاكمة. فأنها ايضا تضمنت التفكيك المتعمد لجميع مؤسسات الوطنية الكبري وبدء حملة مطولة لاعادة التشكيل السياسي.
لقد حولت قوانين بريمر المئة العراق الي جنة السوق الحرة، ولكن نتائجه كانت ككابوس جهنمي للعراقيين. فقد استعمرت الراسمالية البلاد وتفشي النهب علي اوسع نطاق. خفض القانون الاقتصادي الجديد الضرائب بنسبة 100% للمستثمر الاجنبي للممتلكات العراقية، اضافة الي الحق في مصادرة جميع الارباح، والاستيراد الغير محدود، والايجارات والاتفاقيات الممتدة الي 30 ــ 40 سنة، كل هذا يجرد العراق من جميع موارده.
يتمثل العراق المعاصر بمزيج من القوي الطائفية مع تزويقات رسمية للديمقراطية الليبرالية والهياكل الاقتصادية الليبرالية الجديدة. نحن نسمي هذا عملية فرق تسد المستخدمة لكسر واخضاع المناطق المتماسكة ثقافيا. ان النظام الحاكم الموضوع من قبل قوات الاحتلال اعاد تشكيل البلاد بما وفق تقسيمات طائفية، مفككا الوحدة، المكتسبة بشق الانفس، والتي هي جزء من مشروع بناء الدولة الطويل. حيث ادي ذلك الي سياسة التطهير العرقي
وثائق ويكيليكس
ان وثائق ويكيليكس نُشرت لاول مرة بتاريخ 22 اكتوبر/تشرين الاول 2010، موضحةً كيف ان قوات الولايات المتحدة اعطت امرا سريا بعدم التحقيق بقضايا التعذيب التي ارتكبتها السلطات العراقية وكشفتها القوات الامريكية. وتكشف لنا هذه الوثائق عن مقتل المئات من المدينيين الغير مبلغ عنهم علي يد قوات التحالف، وايضا عن مئات المدنين العراقيين: نساء حوامل ومسنين واطفال الذين قُتِلوا في نقاط التفتيش. هناك العديد من الشكاوي حول الاعتداءات في السجون من قبل قوات التحالف حتي بعد فضيحة ابوغريب. حيث تبعث لنا هذه الوثائق صورة قاتمة عن تفشي التعذيب في مراكز الاعتقال العراقية. هناك معلومتان تنتظران قراء ويكيليكس، خصوصا الجزء الذي يتعامل مع القتلي من المدنيين في الحرب علي العراق: اولا، ان العراقيين مسؤولون عن معظم هذه الوفيات، ثانيا، ان عدد الخسائر بين صفوف المدنيين هواعلي بكثير مما ابلغ عنه سابقا. توثق هذه البيانات الانحدار الي الفوضي والرعب بعد ان سقطت البلاد بما يدعي بـ “الحرب الاهلية”. كما توثق هذه السجلات الاف الجثث، العديد منها عانت من تعذيب وحشي، ملقاة في شوارع العراق. من خلال الويكيليكس يمكننا ان نري مدي تأثير الحرب علي الرجال والنساء والاطفال العراقيين. وللمرة الاولي، تم الاعتراف هنا رسميا بالحجم الهائل من الوفيات والاعتقالات والعنف ضد المواطنين العراقيين. البحث المستفيض في هذه الوثائق يمكنه اعطائنا نظرة ثاقبة حول الفضائع المرتكبة في العراق. ان سجلات الويكيليكس من شأنها ان تُستخدم كدليل في المحاكم. انها مواد مهمة للمحامين لاصدار اتهامات ضد الولايات المتحدة بسبب اهمالها ومسؤوليتها عن مقتل الآلاف.
ان التعويضات العادلة والاعتراف بمعاناة عوائل الضحايا من شأنها ان تساعد في التأم الجروح. في الرد الرسمي الاول لوزارة الخارجية الامريكية لما سربه موقع الويكيليكس من معلومات السرية هائلة عن حرب العراق، قام المتحدث الرسمي بي. جي. كرولي بتجاهل جميع الادلة التي تكشف بأن الوحدات الامريكية استلمت اوامر بالتغطية علي تعذيب العراقيين المحتجزين من قبل الحكومة العراقية، مشددا علي ان هذه الانتهاكات ليست من شأن الحكومة الامريكية. ان هكذا رد يثير الغضب، حيث ان مرتكبي هذا العنف واولئك الذين امروا الجنود بغض النظر عن حالات التعذيب اوالقتل خارج نطاق القضاء يجب ان يدانوا بتهمة جرائم الحرب. ان حكومة الولايات المتحدة وبريطانيا ترفض بصورة واضحة ان تفي بواجبتها امام القانون الدولي كقوة محتله بحكم الامر الواقع.
علي اية حال، هذه السجلات تفصح عن الاعمال المهمة في هذه الحرب “كما وصفها جندي من الجيش الامريكي”: تقارير “عادية” عند جيش ، الولايات المتحدة. هذه السجلات لا تنقل اي شيئ جديد، انها تؤكد وتنقل بصورة رسمية ما يحاول قوله العراقيون والصحفيون الغير مرافقين للاحتلال منذ سنوات. بينما انشغلت الصحافة بما نشره موقع الويكيليكس، عاد القليل من القنوات الاعلامية الي التغطية الخاصة بهم معترفين وبفشلهم لنقل الاخبار حول الجرائم بمصداقية.
لكن ما لا تفصح عنه هذه الوثائق هواضطلاع الولايات المتحدة مع “قوات غير نظامية” في حرب مكافحة التمرد ولارتباطها بأنشطة فرق الموت. متي ستُكشَفُ وثائق “الحرب القذرة”؟ ان محكمة بروكسل تقوم برصد هذا الاحتلال البشع منذ سنة 2003، وقد وجدت ان هكذا معلومات متسربة تخدش سطح هذه الحرب الكارثية علي العراق فقط. ما يمكننا استخلاصه من الويكي ليكس هوليس الا نقطة في بحر، وقد حان الاوان ان نغطس في الماء العكر للحرب علي العراق وان نكشف الحقائق المخفية هناك.
التطهير العراقي
لقد بدا واضحا بعد الغزو سنة 2003 بأن الجماعات العراقية المنفية ستلعب دورا مهما في الرد العنيف للمعارضة في العراق المُحتَل. في الاول من يناير/كانون الثاني 2004، أفيد بان الحكومة الامريكية خططت لانشاء وحدات شبه عسكرية مؤلفة من رجال الميليشيات الكردية والجماعات المنفية من ضمنها كتائب بدر، حيث قام المؤتمر العراقي الوطني والوفاق الوطني العراقي بشن حملة من الارهاب والقتل خارج نطاق القضاء، تماما كما حدث في برنامج فينكس في فيتنام: حيث الارهاب وحملة الاغتيالات التي راح ضحيتها الالاف من المدنيين. حيث شملت الـ 87 مليار دولار، المخصصة للتجهيزات التكميلية، 3 مليار لبرنامج سري، وهورأس المال الذي سيمول الوحدات الشبه عسكرية للسنوات الثلاث قادمة. ضمن هذه المدة، سيطرت علي الانباء الصادرة من العراق بصورة تدريجية اخبار فرق الموت والتطهير العرقي، والتي سُميت في الصحافة بـ “العنف الطائفي” حيث استُخدِم هذا المصطلح كسبب جديد لتبرير الحرب واستمرار الاحتلال. يمكن لقسم من هذا العنف ان يكون عفوياً، لكن هناك دلائل هائلة علي ان اغلبيه اعمال العنف هذه كانت نتيجة لخطط وصفها العديد من الخبراء الامريكان في ديسمبر/كانون الاول 2003. علي الرغم من المحاولات الامريكية المتوالية لفصل سياسة الولايات المتحدة عن النتائج المرعبة لهذه الحملة، انطلقت هذه الحملة بدعم كامل من صانعي الرأي العام المحافظين في الولايات المتحدة الامريكية، معلنتاً ان “الاكراد والمؤتمر الوطني العراقي لديهم مخابرات ممتازة ز يجب علينا ان نسمح لهم بأستخدامها… خاصة من اجل مكافحة التمرد في المثلث السني” كما نشرته صحيفة الوول ستريت.
في يناير/كانون الثاني 2005، وبعد سنة من البلاغ الاول حول اغتيالات البتاغون المنظمة وتشكيل الوحدات الشبه عسكرية، ظهر ” سلفادور اوبشن” في صفحات مجلة النيوز ويك وبعض من الصحف الكبري. حيث يتضمن جلب مصادر خارجية لترهيب البلاد ولتتكفل بالقوي المحلية، وقد اعتبرت هذه السياسة العنصر الرئيسي الذي منع الهزيمة الكاملة للحكومة المدعومة من قبل الولايات المتحدة في السلفادور. لذلك قام البنتاغون بتعيين المرتزقة امثال داينكورب الذي ساعد الميليشيات الطائفية المستخدمة لترهيب وقتل العراقيين وجر العراق الي الحرب الاهلية.
في عام 2004، نشر اثنان من كبار ضباط الجيش الامريكي مقال مؤيد حول الحرب الامريكية بالنيابة في كولومبيا: “الرئيسان ريغان وبوش دعما حرباً صغيرة ومحدودة في حين تحاول الولايات المتحدة ان تبقي التدخل العسكري سراً عن الرأي العام الامريكي ووسائل الاعلام. ويبدوان السياسة الامريكية الحالية تجاه كولميبا تتبع نفس”المنهج السري والخالي من الضجة والبعيد عن الاعلام”.
حيث تتوضح لنا الطبيعة الرئيسية لـ “الحرب القذرة”، كما حدث في امريكا اللاتينية وفي اعنف تجاوزات في حرب فيتنام. ان الهدف من الحرب القذرة هوليس لتشخيص المقاومة ومن ثم ايقافها اوقتلها، بل ان هدفها يتركز علي السكان المدنيين. انها اسراتيجية تُتَبع لترهيب البلاد وللعقاب الجماعي ضد عامة الشعب بهدف ترويعهم واجبارهم علي الخضوع. حيث تم استخدام نفس الاستراتيجية في امريكا اللاتينية وكولومبيا والعراق. حتي ان نفس خبراء هذه الحرب القذرة في السلفادور (السفير جون نيجروبونتي وجيمس ستيل) وفي كولومبيا (ستيفين كاستل) تم نقلهم الي العراق للقيام بنفس الاعمال القذرة. حيث قاموا بتدريب وتعيين “مغاوير الشرطة الخاصة” ذوي السمعة السيئة، الذين ضموا اليهم لاحقا في سنة 2006 فرق موت مثل كتائب بدر ومليشيات اخري. قامت القوات الامريكية بنصب مركز عمليات ذي تقنية عالية لمغاوير الشرطة الخاصة في مكان “غير معروف” في العراق. وقد قام خبراء الجيش الامريكي بنصب هواتف اقمار صناعية واجهزة الكومبيوتر ذات الاتصال بالانترنيت وشبكة الانترنيت الخاصة بالقوات الامريكية. اضافة الي ان مركز المغاوير لديه اتصال مباشر بوزارة الداخلية العراقية واي قاعدة عسكرية فعالة في البلاد. وكلما تداولت الاخبار في الصحف عن الاعمال الوحشية التي تقوم بها تلك القوي في العراق، يلعب كاستيل دورا حاسما بأتهام “المتمردين” بالقتل دوتصريح قضائي من خلال سرقة زي الشرطة ومركباتهم واسلحتهم. وهوايضا يدعي بأن مراكز التعذيب كانت تحت سيطرة الفاسدين من اعضاء وزارة الداخلية، حتي عندما تم كشف ان بعض اعمال التعذيب كانت تُمارس في مقر وزارة الداخلية حيث كان يعمل بالاضافة الي العديد غيره من الامريكان. ان مكاتب المستشارين الامريكان العاملين في وزارة الداخلية كانت تقع في الطابق الثامن من مبني الوزارة، مباشرة فوق الطابق السابع حيث كانت اعمال التعذيب. وقد منع انعدام التدقيق الاعلامي الغربي في ما يقوله الضباط الامريكان امثال ستيفين كاستيل اثارة اي احتجاج دبلوماسي ومحلي علي صعيد الحرب القذرة في العراق خلال 2005 و2006، وهوما يتوافق مع “المنهج السري والخالي من الضجة والبعيد عن الاعلام” المذكور اعلاه. عندما نُشرت هذه القصة في مجلة نيوز ويك في يناير/كانون الثاني 2005، صرح الجنرل داوننج، قائد القوات الخاصة الامريكية السابق، علي قناة الـ ان بي سي قائلاً: “ان الامر تحت السيطرة من قبل القوات الامريكية والحكومة العراقية المؤقتة، لا داعي للتفكير بوجود اي حملة قتل تستهدف الابرياء من المدنيين” وبعد اشهر من هذا التصريح انطلقت حملة قتل من هذا النوع تحديدا في العراق. شملت هذه الحملة اعتقالات تعسفية وتعذيب وقتل بدون قرار قضائي والهجرة الجماعية للملايين داخل وخارج البلاد. اختفي الاف العراقيون خلال اسوأ ايام من الحرب القذرة التي امتدت من 2005 الي 2007. وقد شوهد البعض منهم معتقلا ومحملا علي ظهر شاحنة من قبل مليشيات ترتدي زي الشرطة، واخرون اختفوا ببساطة. حيث صرحت وزيرة حقوق الانسان وجدان ميخائيل بأن وزارتها تلقلت اكثر من 9000 شكوي من عراقيين حول اختفاء اقاربهم خلال سنتي 2005 2006 فقط . وقد احصت العديد من المنظمات الانسانية عددا اكبر من ذلك بكثير. ان مصير العديد من العراقيين المفقودين لا يزال مجهولا، والعديد منهم لا يزال قابعا في احدي سجون العراق السرية.
قُتل الصحفي د. ياسر الصالحي”بغير قصد” بتاريخ 24 يونيو/حزيران 2005 علي يد قناص امريكي. بعد ثلاثة ايام من وفاته نشرت نايت ريدر تقريرا قام به حول مغاوير الشرطة الخاصة وعلاقتهم بعمليات التعذيب والقتل بدون تصريح قضائي واختفاء العديد في بغداد. بحث الصالحي ومرافقه بثلاثين قضية منفصلة،علي الاقل، تتعلق بالاختطاف المنتهي بالتعذيب والقتل. في كل قضية، افصح شهود العيان عن وجود غارات لعدد كبير من مراكب مغاوير الشرطة الخاصة والعديد من المسلحين باسلحة المغاوير والمرتدين زي المغاوير اضافة الي مضادات الرصاص. وفي كل قضية يكون مصير المعتقل الموت بعد ايام من اعتقاله، هذا ويحمل جميع معتقلي مغاوير الشرطة الخاصة نفس علامات التعذيب وغالبا ما يقتلون برصاصة في الرأس.
التستر الاعلامي
عن الجرائم الامريكية
ان اخفاء العلاقة بين الولايات المتحدة ومليشيات فيلق بدر المدعومة من ايران، ودعم الولايات لفيلق الذئب ولمغاوير الشرطة الخاصة ومدي اضطلاعها بعملية تعيينهم وتدريبهم وتحكمها بهذه الوحدات كان له تأثيرا بعيد المدي. حيث انها تشَوهة الاحداث التي تلت الحرب في العراق، حيث خلقت انطباعا لا معني له بأن هذا العنف كان علي يد العراقيين انفسهم وساعد علي اخفاء اليد الامريكية المتورطة بالتخطيط والتنفيذ لاكثر اعمال العنف وحشية. وان التستر الاعلامي للجرائم الامريكية لعب دورا مهما في تجنب غضب الرأي العام الذي يمكنه ايقاف استمرارية هذه الحملة.
يجب اجراء تدقيق شامل لحجم التدخل المباشر للولايات المتحدة في مختلف عمليات التعذيب والاختطافات التي تشرف عليها فرق الموت. فليس من المعقول ان ضباط الجيش الامريكي ابرياء من الالاف من هذه الحوادث. حيث يشير المراقبون العراقيون بأن فرق الموت التابعة لوزارة الداخلية تتحرك بحرية بين صفوف الجيش الامريكي ونقاط التفتيش العراقية، حيث يعتقلون ويعذبون ثم يقتلون الالاف من المواطنين.
وكما هوالحال في العديد من الدول الاخري التي تضمنت التدخل الامريكي بما يسمي بـ”مكافحة التمرد”، كان الجيش الامريكي مسؤولا عن تعيين وتدريب وتسليح قوي محلية التي شنت العديد من حملات ترويع الدولة ضد الاغلبية العظمي من السكان المصرين علي رفضهم ومعارضتهم لغزوواحتلال بلادهم.
لقد كان واضحا من درجة التدخل الامريكي في تعيين وتدريب وتسليح وادارة مغاوير الشرطة الخاصة، بان المدربين الامريكان لديهم شروط معينة، تعمل عليها مغاوير الشرطة الخاصة. من المؤكد ان العديد من الايرانيين والعراقيين مذنبون بأرتكاب جرائم فضيعة التي تصب في صالح هذه الحملة. ولكن المسؤولية الكبري، التي تتضمن هذه الجرائم، تقع علي عاتق افراد هيكل الادارة المدنية والعسكرية لوزارة الدفاع الامريكية، وكالة المخابرات المركزية والبيت الابيض، الذين وافقوا علي تنفيذ عملية الارهاب “فينكس” او”السلفادور” في العراق. وكان تقرير مكتب حقوق الانسان التابع لـ يونامي (بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق) الصادر في 8 سبتمبر/ ايلول 2005، الذي كتبه جون بيس، واضحا جدا. حيث ربط حملات الاعتقال والتعذيب والاعدام بدون تصريح قضائي، مباشرة بوزارة الداخلية العراقية وبصورة غير مباشرة الي قوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة.
التقرير الاخير لحقوق الانسان التابع للامم المتحدة لسنة 2006 وصف عواقب هذه السياسات علي المواطنين في بغداد، في محاولة لاخفاء جذورها المؤسساتية في السياسة الامريكية. ان “العنف الطائفي” الذي اجتاح العراق في 2006 لم يكن نتيجة غير مقصودة للغزوالامريكي بل جزءا لا يتجزء منه. لم تفشل الولايات المتحدة في اعادة امن واستقرار العراق لكنها كانت تشيع العنف عامدة في محاولة يائسة منها لفرض سياسة “فرق تسد” لتحكم الدولة ولتختلق مبررات جديدة للعنف الغير محدود ضد العراقيين الذين يواصلون رفضهم للغزووالاحتلال غير الشرعيين لبلادهم.
ان طبيعة وحجم تدخل افراد وجماعات مختلفة ضمن تركيب الاحتلال الامريكي لا زال سرا غامضا قذرا، لكن هنالك العديد من الادلة التي يمكن ان تُتَبع في اي تحقيق جدي.
في يناير/ كانون الثاني 2007، اعلنت القوات الامريكية عن استراتيجية جديدة، “سيرج” التي نفذتها القوات الامريكية القتالية في بغداد والانبار. حيث صرح معظم العراقيون بأن تصعيد اعمال العنف جعل الحياة اليومية اسوء من قبل، حيث انها ضافت الي الدمار المتراكم لاربعة سنين من الاحتلال. قدم تقرير حقوق الانسان التابع للامم النتحدة وصفا للحياة اليومية للمواطنين العراقيين. العنف الناتج عن عملية “الموجة” قلص عدد الاطباء بنسبة 22% مخلفا 15.000 فقط من اصل 34.000 في مطلع سبتمبر/ايلول 2008، اما عدد اللاجئين والمهجرين داخليا فقد ارتفع بحدة خلال الفترة بين 2007 و2008،
بما ان وزارة الداخلية العراقية، تحت سيطرة الولايات المتحدة، مسؤولة عن جزء كبير من القتل بدون امر قضائي، فأن مسؤولي الاحتلال كانت لديهم القدرة علي تخفيص اورفع نسبة هذه الاعمال الوحشية. لذلك فأن التقليل من القتل بعد بدء “الخطة الامنية” لم يكن صعب التحقيق. في الحقيقة، ان تخفيضا طفيفا في اعمال العنف يخدم دورا مهما في الدعاية الامريكية لفترة من الزمن حتي تعاود فرق الموت نشاطها، مسنودة علي الهجوم الامريكي الجديد.
وكان القصد من تصاعد القوة العسكرية الامريكية في 2007، بما في ذلك زيادة قدرها خمسة أضعاف في الغارات الجوية واستخدام طائرات مزودة برشاشات ومدفعية بالاضافة الي ان عملية “الموجة” كانت معدة لتكون الذروة المدمرة للسنوات الماضية الاربعة من الحرب والعقاب الجماعي التي يعاني منها الشعب العراقي. وسيتم ايضا استهداف جميع المناطق التي تسيطر عليها المقاومة بأستخدام قوة ساحقة لاطلاق النار، السلاح الجوي علي وجه الخصوص، الي ان تتمكن القوات البرية الامريكية من بناء جدران حول ما تبقي من كل حي وعزل كل منطقة. ومن الجدير بالذكر أن الجنرال بتريوس قارن القتال في الرمادي مع معركة ستالينغراد دون ان يتورع عن تبني دور الغزاة الالمان في هذا التشبيه. حيث دمرت الرمادي والفلوجة بالكامل في نوفمبر/تشرين الثاني 2004 Escuchar.
پ وذكرت تقارير حقوق الانسان في الأمم المتحدة من عام 2007 الهجمات العشوائية وغير القانونية ضد المدنيين والمناطق المدنية، وطالب التقرير تحقيقا في الامر. استمرت الغارات الجوية يوميا تقريبا حتي أغسطس 2008 وقد انخفض ما يسمي بـ “العنف الطائفي” اضافة الي انخفاض الخسائر الامريكية. في حين ان جميع الحوادث المبلغ عنها احتوت علي قتل المدنيين والنساء والأطفال، أعلنت القيادة المركزية الامريكية المكتب الصحافي ان القتلي هم “ارهابيون” أو”تنظيم القاعدة” أو”دروع بشرية اجبارية”. بطبيعة الحال، عندما يتم أمر القوات العسكرية بمهاجمة المناطق المدنية بصورة غير قانونية، يكون الكثير من الناس في محاولة للدفاع عن أنفسهم، خصوصا اذا كانوا يعرفون أن عدم القيام بذلك قد يؤدي الي الاعتقال التعسفي وسوء المعاملة والتعذيب، أوالاعدام باجراءات صورية لهم أولأقاربهم .
وثمة جانب آخر لعملية “سيرج” أو لعملية التصعيد، وهو علي ما يبدو زيادة في استخدام فرق اغتيال الامريكي الخاص القوات. في نيسان/أبريل 2008 أعلن الرئيس بوش : “بينما نحن نتحدث، تشن القوات الخاصة الامريكية عمليات متعددة كل ليلة لاعتقال أوقتل قادة القاعدة في العراق”. وقد نشرت نيويورك تايمز تقريرا بـتأريخ 13 مايو/حزيران 2009 “عندما تولي الجنرال ستانلي ماكريستال قيادة العمليات الخاصة المشتركة في عام 2003، ورث في نفس الوقت، قوة كوماندوس غامضة ومنعزلة ذات سمعة لطرد شركاءالمنظمات العسكرية والاستخبارات الأخري. ولكنه عمل بجد علي مدي السنوات الخمس المقبلة لبناء علاقات وثيقة مع وكالة المخابرات المركزية ومكت التحقيقات الفيدرالي(…) في العراق، كما قال زملاؤه. حيث أشرف علي عمليات فدائية سرية لمدة خمس سنوات، كما يقول مسؤولين سابقين في الاستخبارات انه كان لديه موسوعة معرفية، حد الهوس، عن حياة الارهابيين، وانه دفع صفوفه بقوة لقتل أكبر عدد ممكن منهم. (…) وان معظم ما قام به الجنرال ماكريستال خلال فترة عمله 33 عاما ما زال سريا، بما في ذلك الخدمة بين عامي 2003 و2008 كقائد لقيادة العمليات الخاصة المشتركة، وهي وحدة النخبة السرية حتي ان البنتاجون رفض الاعتراف بوجودها لسنوات”. ان السرية التي تحيط بهذه العمليات تمنع انتشارالتقارير علي نطاق واسع، ولكن كما هوالحال مع العمليات السرية السابقة للولايات المتحدة في فيتنام وأمريكا اللاتينية، فإننا سوف نعلم المزيد عنها علي مر الزمن.
القوي الأخري المشاركة في”العمليات الخاصة”
ــ اشار تقرير السندي تلغراف الصادر بتاريخ شباط/فبراير 2007 الي وجود براهين واضحة علي ان القوات الخاصة البريطانية عينت ودربت ارهابين في المنطقة الخضراء لتصعيد التوتر العرقي.حيث حصلت نخبة جناح الساس، والذين يدعون “فرقة العمل الاسود”، ذوي التاريخ الدامي في شمال ايرلندا، علي حصانة لاداء اعمالها ويتلخص عملهم علي توفير متفجرات ذات تقنية عالية. حيث يلقي اللوم علي الايرانيين والسنة وبعض الخلايا الارهابية امثال القاعدة.
فرق سوات (الأسلحة والتكتيكات الخاصة)، وتستخدم علي نطاق واسع في عمليات مكافحة التمرد. تتضمن مهمة سوات اجراء العمليات ذات الخطورة العالية التي تقع خارج نطاق قدرات ضباط الدوريات النظامية لمنع وردع والرد علي الارهاب وأنشطة المتمردين. وأفيد أن “ان الشراكة بين فرق الامن الداخلي الاجنبية مع قوات التحالف تخلق علاقة مهنية بين قوات الامن العراقي وقوات التحالف حيث يبني التدريب قوات كفوءة”. ان جنود التحالف يعملون جنبا الي جنب مع فرق سوات، سواء في مجال التدريب اوالمهمات”. في 7 أكتوبر 2010 ذكر الموقع الرسمي للقوات الامريكية في العراق ان” فريق سوات في البصرة قد تدرب مع مختلف وحدات القوات الخاصة، بما فيها قوات سيل التابعة للاسطول وقوات ساس البريطانية، 1 والفيلق الاول ووفوج 68 الموجود حاليا تحت امرة قوات الولايات المتحدة في الجنوب وفيلق المدفعية الاول قد قامت جميعها بمهمة تعليم فريق سوات. خدمة حماية الخدمات حيث يتم التعاقد مع “مقاولين من القطاع الخاص” أومرتزقة مثل بلاك ووتر، في عمليات مكافحة التمرد .Escuchar
ــ قوات العمليات الخاصة في العراق، هي حتما اكبر عدة قوات خاصة مبنية من قبل الولايات المتحدة، وهي ايضا خالية من الكثير من الضوابط التي توظفها معظم الحكومات لكبح جماح مثل هذه القوات الفتاكة. بدأ هذا المشروع في الاردن بعد فترة قصيرة من احتلال بغداد في أبريل/نيسان 2003، لانشاء نخبة وحدة عمليات سرية فتاكة، والمجهزة بشكل كامل بالمعدات الأمريكية، التي من شأنها أن تعمل لسنوات تحت قيادة الولايات المتحدة ولا تكون مساؤلة امام الوزارات العراقية والعملية السياسية العادية . ووفقا لسجلات الكونغرس، توسعت القوات العراقية الخاصة الي تسع كتائب، والتي تمتد الي أربعة اقاليم “قواعد فدائية” في انحاء العراق. حيث اصبحت في ديسمبر 2009 جاهزة بالكامل، كل تعني بـ”الخلية المخابراتية العميلة” الخاصة بها، والتي تعمل بشكل مستقل من شبكات المخابرات العراقية الأخري. تحتوي القوات الخاصة علي عناصر قوية لا تقل عن 4.564 عنصر، مما يجعلها تقريبا بحجم القوات الخاصة الامريكية في العراق. وتشير سجلات الكونغرس أن هناك خططا لمضاعفة القوات الخاصة في “السنوات القادمة”.
الخلاصة: “الحرب القذرة” في العراق لا تزال مستمرة. حتي بعد اعلان الرئيس باراك أوباما نهاية العمليات القتالية في العراق، حيث استمرت القوات الامريكية في القتال جنبا الي جنب مع المتواطئين معهم من العراقيين. مهام القوات الامريكية المتبقية التي تحتوي علي 50000 جندي، منهم 5800 من الطيارين، هي “تقديم المشورة”، وتدريب الجيش العراقي و”توفير الأمن” وتنفيذ مهمة “مكافحة الارهاب”.
وعلمنا أن في يوم الثلاثاء 26 أكتوبر/تشرين الاول قام مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان نافي بيلاي بِحث العراق والولايات المتحدة للتحقيق في مزاعم التعذيب والقتل غير المشروع اللذين كانا جزءا من الصراع في العراق الذي كشف عنه في وثائق ويكيليكس. اننا نستغرب جدا من هذا البيان. هل يعتقد المفوض السامي انه من المناسب للمجرمين التحقيق في الجرائم الخاصة بهم؟ بما ان ادارة أوباما لم تظهر أي رغبة في كشف أي من الجرائم التي ارتكبها المسؤولون الأميركيون في العراق، اذا، من المطلوب ان يتم اجراء تحقيق دولي تحت رعاية المندوب السامي لحقوق الانسان في الامم المتحدة. وينبغي اشراك خبراء مختصين مختلفين: فهنالك الخبير الخاص المعني بحالات الاعدام بدون امر قضائي أوالاعدام التعسفي، والخبير الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الانسان أثناء مكافحة الارهاب، والخبير الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أواللاانسانية أوالمهينة أوالعقاب. وينبغي أن يعين الخبير الخاص المعني بحالة حقوق الانسان في العراق علي وجه السرعة.
علي الرغم من أن الأمم المتحدة لم تأذن بالغزو، الا أنها قامت بتشريعه في قرار لاحق لمجلس الأمن 1483 (22 مايو/حزيران 2003)، ضد ارادة الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي، التي لم تقبل مشروعية أوشرعية قرار الامم المتحدة هذا. وقد قام موقع الويكيليكس بتسليط الضوء علي جرائم الحرب في العراق تحت ظل الاحتلال. وعليه فأن الولايات المتحدة والامم المتحدة ملزمة بواجب أخلاقي وقانوني للرد.
ان لدي المجتمع الدولي الحق في معرفة الحقيقة الكاملة وغير المتحيزة حول مدي ومسؤوليات التورط الأمريكي في مجال القتل في العراق وتطالب بالعدالة للشعب العراقي. ووفقا لتقرير الأمم المتحدة لحقوق الانسان،وبناء علي طلب توضيح من قبل بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق، اكدت القوات متعددة الجنسيات أن ” حكومة الولايات المتحدة لازالت تعتبر الصراع في العراق علي انه نزاع دولي مسلح، الذي تتوافق اجراءاته حسب اتفاقية جنيف الرابعة” ولا تتوافق اجراءاته مع الحقوق المدنية للعراقيين التي تنص علي وجوب حكم العراق تبعا للمعاهدة الدولية المبنية حول الحقوق المدنية والسياسية وبعض من حقوق الانسان، لان من شأن هذه المعاهدة ان تعزز حقوق العراقيين المحتجزين من قبل القوات الامريكية والقوات العراقية بتسريع محاكمات عادلة. ان الاعتراف بأن الولايات المتحدة الامريكية لازالت مضطلعة بـ “نزاع دولي مسلح” حتي سنة 2007 اثار ايضا بعض التساؤلات الجدية حول شرعية الدستور والتغييرات السياسية في العراق التي ادارتها الولايات المتحدة وعملاؤها خلال الحرب.
تشريع التعذيب
عند نشر فضيحة التعذيب الحاصل في سجن ابوغريب الذي اثار ضجة وجيزة في العالم، قامت اللجنة الدولية ومنظمة حقوق الانسان اولا ومنظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش وغيرهم من منظمات حقوق الانسان بتوثيق العديد من الجرائم المنهجية علي نطاق اوسع التي ارتكبتها الولايات المتحدة ضد معتقلين بغير امر قضائي في العراق. وفي العديد من هذه الوثائق تم التأكيد علي ان مسؤولية هذه الجرائم تمتد الي اعلي المستويات داخل الحكومة الامريكية وقواتها المسلحة.
وشملت أشكال التعذيب الموثقة في هذه التقارير تهديدات بالقتل، وعمليات اعدام صورية، وعمليات الاغراق الوهمية، واوضاع غير مريحة، بما في ذلك أشكال مبرحة وأحيانا قاتلة من انخفاض حرارة الجسم، والتعليق، والحرمان من النوم، والجوع والعطش، والامتناع عن العلاج الطبي، والصعق بالصدمات الكهربائية، ومختلف أشكال الاغتصاب والاعتداء المثلي، والضرب المتواصل، والحرق، والقطع بالسكاكين، واستخدام الأصفاد المرنة المؤذية، والخنق، والاعتداء الحسي و/ أوالحرمان، وأكثر من أشكال التعذيب النفسي مثل الاذلال الجنسي والاحتجاز وتعذيب أفراد الأسرة. وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان انتهاكات القانون الدولي الانساني الذي سجلتة اللجنة كانت منتظمة وعلي نطاق واسع. وقال ضباط عسكريون للجنة الدولية للصليب الاحمر ان “بين 70% و90% من الأشخاص المحرومين من حريتهم في العراق أُعتقِلوا عن طريق الخطأ”.
بعد معرفة جميع هذه الحقائق، تم معاقبة اعضاء الجيش الاقل رتبة اقل عقاب. وقد كشف تقرير “مسؤلية المشرفين” ان الفشل في ادانة ضباط ذوي رتبة اعلي في الجيش هوالنتيجة المباشرة لـ “الدور الرئيسي” الذي لعبه بعض الضباط “لتقويض فرص المسائلة الكاملة”، من خلال تأخير وتقويض التحقيقات الجارية حول حالات الوفاة للسجناء في عهدتهم، ومما يضاعف من مسؤولية الضباط الكبار الجنائية هووجود نمط مشترك من التعذيب والقتل واعاقة العدالة. لقد اساء ضباط الجيش الامريكي استخدام القوة الهائلة ووضعوا انفسهم فوق القانون، من خلال اعطاء الاوامر لارتكاب جرائم شنيعة. وقد وضعت اتفاقية جنيف من أجل جرائم من هذا النوع تحديدا، ولهذا فأن اتفاقية جنيف بالغة الاهمية في يومنا هذا. ان مسؤولية هذه الحرائم لا تقع علي عاتق الجيش الامريكي وحده، حيث ان بعض التقارير المنشورة تتضمن وثائق تدين الحكام المدنيين للحكومة الامريكية لموافقتهم علي انتهاك اتفاقية جنيف، ولاتفاقية 1994 لمناهضة التعذيب وللقانون الامريكي لجرائم الحرب لسنة 1996، لأذلك لاان الولايات المتحدة الامريكية مسؤولة عن هذه المأساة الرهيبة التي الحقتها بالاف المواطنين العراقيين ويجب اجبارها علي دفع تعويضات ملائمة لضحايا هذه السياسة الاجرامية.
ونحن نناشد جميع الدول أن تسائل الولايات المتحدة خلال المراجعة الدورية الشاملة في 5 نوفمبر عن كل هذه الجرائم ضد الشعب العراقي.
ونحن نطالب ايضا بوضع اجراءات لتعويض الشعب العراقي والعراق كدولة عن جميع هذه الخسائر والدمار والاضرار التي تسبب بها الحرب والاحتلال لهذا البلد