تفجيرات مساجد بابل الاخيرة امر دبر في الظلام .
تفاجأ المواطن الحلي قبل غيره وهو يسمع ويرى تلك الاحداث الطارئة على مدينة الحلة ذات العمق والجذور التاريخية والتي عرف عن هذه المدينة الوديعة والمسالمة تحمل كل تلك الصعاب والمشقات وهي تقع في فم مدفع الطائفية تصد الهجومات عن مدن الوسط والجنوب كون موقعها يحتم عليها ان تكون كذالك ويعرف العراقيين مدى الضرر الذي اصاب المدينة نتيجة هذا الموقع المجاور لمدن تعتبر مدن مقفلة لمجتمعات السنية كالرمادي والفلوجة ناهيك عن ان مدينة بابل هي مدينة خليط لكل المكونات العراقية وفيها السنة يتمركزون في نواحي واقضية كاملة مثل اليوسفية واللطيفية واجزاء من المحاويل وبعض من اجزاء المسيب وفي مركز المحافظة تضم الالاف من ابناء هذه الطائفة ولهم مساجد ومحال ومحلات كبيرة ساهموا ببناء هذه المدينة العريقة وتعاملوا مع أهلها كابناء اصليين لايفرق احد بينهم وبين غيرهم من الاخرين بل أن البعض من هؤلاء الابناء لهم صيت تجاري وصناعي وادباء وفنانين ومؤلفين ومهندسين مرموقين وضباط كبار تشهد الساحة البابلية بولائهم وحبهم لهذه المدينة ولم يقل لهم احد في يوم ما أنكم من طائفة اخرى ويجب عليكم المغادرة ولهؤلاء جوامع ومضافات ومقاهي ولهم آذان يصدح يوميا بالصلاة الخمس في وسط المدينة ومنذ عشرات السنين ..
تعرضت الحلة منذ العام 2004 الى المئاة من الاحداث المؤلمة والمؤسفة واستشهد من ابنائها المئاة نتيجة الفكر التكفيري والسلفي والوهابي ولأن المدينة تعتبر الساتر الاول لمدن الفرات الاوسط والجنوب وتحتوي على عوائل هي الاخرى خرجت من الطريق وأعتبرت حواضن لهؤلاء المجرمين وهم يمرون الى مدينة الحلة وللتاريخ يعتبر تفجير الحلة في السوق المركزي الذي نفذه الارهابي رائد البنا القادم من الاردن من اشد العمليات الارهابية فتكا بأهل الحلة والتي اصابت المدينة بمقتل راح ضحيتها اكثر من 300 شخص بين شهيد وجريح وعاشت المدينة ايام سواد قاتمة وهي ترى عائلة البنا تتلقى التهاني لان ابنها قتل هؤلاء الابرياء في المدينة الجميلة مدينة الحلة العريقة والتاريخية وآخر هذه التفجيرات تفجير سيطرة الحلة بغداد التي اهلكت المئاة من الطلبة والشرطة والجيش والفقراء واصحاب المهن والمصالح في صباح يوم اسود على هذه المدينة حتى ضج الناس بهذا الفعل الدموي الارهابي الذي تعرضت له المدينة وهناك العشرات على شاكلة هذه الاحداث كل ذالك ولم يحدث اي مساس بالنسيج الاجتماعي لهذه المدينة ..
ولو كان ابناء هذه المدينة يريدون ان يفعلوا ويغيروا الخارطة الاجتماعية والسكانية لمدينة الحلة لفعلوا هذا بعد تفجير قبة وضريح الاماميين العسكريين وبانت وقتها بوادر حرب طائفية اوشكت ان تأكل الاخضر واليابس لكن اهالي هذه المدينة ذات الاغلبية الشيعية لم ينجروا وراء هذه الايحائات والتحركات المشبوهة ولزموا الهدوء بفضل حنكة كبارهم وعلمائهم وحسن خلق ابنائهم الذين حموا الجار قبل الدار ..
بالأمس وعقب اعدام الشيخ العلامة السعودي نمر باقر النمر وخروج ابناء الطائفة مستنكرين هذا العمل الاجرامي الذي قامت به السعودية وشاجبين له تعرضت بعض مساجد الحلة بعد ليلتين الى اعتداءات سافرة لتلك المساجد وقامت زمرة ضالة بتفجير مسجدين لمساجد السنة في الحلة دون أي تبرير او سبب يذكر لهذا العمل حتى ان اهالي الحلة استنكروا هذا العمل ومن قام به لا يقل شئنا وارهابا عن داعش وهو يفعل هذه الفعلة الجبانة التي اراد رفع فيها اسم الحلة من خارطة الوداعة والسلام الاهلي ..
علما أن هذه المساجد لم تتعرض لمثل هذه الاعتداءات في اوج الصراع الطائفي ولم تمس يوما ولم ترمى بحجر فلماذا حصل هذا الذي حصل ومن كان وراءه وما هو مبتغاه الذي يريد ان يحصل عليه ؟؟
لعل بعد هذه الاحداث والهزات العنيفة التي مرت بالمدينة وأهلها واستهدافاتها النوعية المتكررة يجعل اي متتبع لحياة هذه المدينة يجزم ان الامر لم ولن يكن بادرا من اهل المدينة وشبابها ابدا وجزما ولو كان في المدينة مثل هذه النزعة العدوانية لحدثت العشرات مثلها منذ العام 2006 وهدمت لمساجد واخرج الناس الى اماكن اخرى لكن كل الذي يجب قوله ويؤكد عليه ان الذي حدث هو من صنع ايادي خفية من خارج المدينة ارادت ان تقول كلمة فاسدة في المدينة فدست او دفعت لمن يفعل مثل هذا الفعل لغايات معلومة ومعروفة الغرض منها التأجيج الطائفي في الحلة التي فشلوا قبل عشر اعوام واعادوا الكرة اليوم ..
استنكر اهل الحلة هذه الفعلة وخرج ناسها عفويا مطالبين الاجهزة الامنية بالقبض على الجناة ومحاكمتهم محاكمة عادلة واعتبارهم عبرة لمن يسول له نفسه مجرد التفكير بالعبث بمشاعر اهالي المدينة والنيل من استقرارها وهدوئها ودعتها .
حمزه—الجناحي