هادي جلو مرعي
التغيير في العراق آذى كثيرين كانوا منتفعين من وجود النظام السابق في الحكم.لكنه نفع كثيرين أيضا,ومن الذين حصلوا على مكاسب مادية ومعنوية,وإمتيازات لم يسبقهم إليها أحد,لم يكن من أحد له صوت يرتفع في حضرة الإستبداد , وكان على الجميع الرضوخ,ومن كان يرفع رأسه كان يقمع بعنف,وسواء سجن, أو عذب,أو غيب عن الناس,أو أعدم,فلم يكن أحد ليستطيع المجابهة المباشرة,وليس لنا أن نغمط حق من ناضل في تلك الفترة ,وتحمل أعباء جسيمة في المهجر, أو في الداخل,أو عانى في السجون, والزنازين, الرطبة ,والطوامير المظلمة.
التغيير الذي حصل أفاد المواطنين العراقيين لجهة نيل حقوق كانت مضيعة,أو للتعبير عن رأي كان مغيبا,أو للخروج في تظاهرة كانت تشتهيها النفوس الطامحة للتغيير والحرية,وسمح للعديد من الأشخاص بتحقيق مكاسب مادية كبيرة ,وإمتيازات خاصة,وإرتقاء مناصب في مؤسسات الدولة,وبالمقابل حرم الكثير من الناس من تلك الإمتيازات, وصار آخرون يرغبون بوظيفة بسيطة حتى لو كانت بطريق الرشوة ,وبذل ماء الوجه عند أحط الناس.
لا يرغب الذين يحكمون بإحتجاج العامة, وربما عدوه خروجا على روح الرفض للنظام السابق, وكأنهم يصورون من يعمل الإحتجاج جزءا من منظومة تريد تهديم أركان الدولة,وبذلك لانختلف عن النظام السابق في سياسته الرعناء بحجب حرية التعبير والتظاهر,ولهذا صار العديد يخشى المشاركة حتى لو كان يحتفظ بنوايا طيبة.
نحن نعتقد أن الذي يتظاهر ليس ضدا للدولة,أو للحكومة,بل هو شخص حر يرغب في ممارسة حق طبيعي كفله الدستور والمواثيق الإنسانية والدولية,وليس من المفيد منعه ,أو ضربه, أو إهانته بأي شكل من الأشكال,كما يحدث في بعض الممارسات التي تبدر من عناصر في الجيش والشرطة,إذ ليس منطقيا إن كل من يتظاهر قد تلقى أموالا من جهات حاقدة, أو معادية,وكنا في الغالب نخشى من مايردده العاملون في أجهزة النظام السابق عن عمالة قوى المعارضة,وإتهام كل من ينتقد ويطلب التغيير بالإنتماء لحزب الدعوة ( العميل )!!.
من العبارات التي يرددها بعض ناقصي العقول,أو الدجالون,وحتى المنتفعون,والذين يريدون للناس أن لايتنعموا بالديمقراطية وحرية المشاركة في التعبير عن الرأي ,والذين لايقبلون من الناس سوى فعلا واحدا فقط هو الذهاب في صبيحة يوم الإنتخاب للإدلاء بأصواتهم لمرشحين لايمثلون سوى انفسهم ,والمنتفعين من اتباعهم…هذه العبارة تقول (وين كنتوا أيام صدام شو محد كان يفك حلكه ) ؟ بالتأكيد مطلق هذه العبارة لايستحق الرد عليه إلا بالسخرية من قلة عقله ونقص إمدادات الطاقة الفكرية في خلايا دماغه.لكن لابد من توبيخه بالقول ( وإنت جنابك وين كنت )؟ كلنا ياسيدي كنا في عهد صدام تحت سطوة الحكم,وجبروت الحاكم الظالم,ومثلما كنت لاأبوح بما في نفسي خشية القمع,كنت أنت إما متسكعا في بلاد الله ,أو خائفا منزويا في مكان ما.وها نحن نتنفس بعد التغيير ولافضل لك علي.
ورحم الله المغن الذي كان يردد ,تعيرني عجب بالشيب ليلى ,وأخير إثنينه نشيب سوية ….