قصة قصيرة – د. عبدالله يوسف الجبوري- المانيا.. 2018
أفاقت قبل طلوع الفجر رغم ان صداعا قويا قد جثم على صدغيها،، وبعد ان حاولت ليلة الامس ان تتجاهل كلامه الذين ملأ عالمها عموميات دون ان تدرك ماذا يريد ان يقول،، بل لا زالت غير متأكدة من معاني كلماته المجوفة مرة والعفوية مرة أخرى.
كل ثقل رأسها لم يثنها عن الاستمرار في التفكير به فهو رغم بعده عنها لكنها احست بشيء يشدها لحديثه الذي يخرج عما ألفته ممن حولها او حتى أولئك الذين ربما رشحتهم ليكونوا جزءا من لحظات عاطفتها لو قررت ان تدخل نفسها في معادلة الحب والعواطف.
فبين ان تتسارع بخطواتها لترتب اشياءها وبين وقوفها المعتاد امام المرآة لتزين وجهها وتغرق رمشيها بالكحل، ، لكنها كلما اشاحت بأفكارها التي تجده وسطها ما ان تطل على المرآة حتى ترتسم امامها صورة خيالية تطرزها كلماته التي حين ينطق بها تجد هناك نغمة قد لا تتخلص منها حتى تعيد استذكارها بمخيلتها المتعبة من ليلها الماضي ومن زمن بات يجر اذياله مغادرا في لمسات شبه تجاعيد على رقبتها.
فما أن لملمت حقيبة يدها حتى اطلت من باب غرفتها لتغادر ممر البيت فإذا بالممشى المطرزة بزهورها التي تعشقها ومسرب لأقدام المارة بين اعشاب القرية الممتدة على ملامح قديمة كان قد حدثها أنه كان يمر منها قبل عقود من الزمن.. فبدلا من ان تسرع الى حافلتها وقفت مسمرة لتستعيد شريط خيالها وذكريات اختلطت بين رغبة اليه وبين تردد من موضوع عابر قد لا يتحقق منه ما كانت تتمناه.
صور تتكرر بين باب غرفتها وباب الدار وبين صوت الحافلة وذلك الأفق الذي يرسم شريطا ملونا لذكريات قد تجهلها او لا تستطيع تجميعها.. وظلت واقفة بين الورد وبين غبار الاجواء وبين المخيلة التي عجزت ان ترسم ملامحه بصدق.. فطافت بمخيلتها بين قديم تجهله وأفق بعيد بين طيات غيوم تنذر ببرد ومطر ربما موعود لكن كل ذلك مزقه صوت الحافلة وزعيق السيارات على الطريق المحاذي لبيتها فلم يبق سوى ملامح الطريق المرسوم بين بقايا حقول واشجار ووجوه قروية متعبة.
ترانيم القلب المتوحش ..
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا