تحفة معمارية في قلب عاصمة اوربا الثقافية في النمسا
ساحة احتفالات الكورد بعيد النوروز
بدل رفو
النمساغراتس
الأزقة الضيقة التاريخية والشوارع الرومانسية والابنية الساحرة وبصمات من كل الأزمنة والفترات التاريخية وتنوع اساليب فن العمارة عبر التاريخ تركت آثاراً جميلة على الانسان والمدينة القديمة في مدينة غراتس النمساوية،ولأهمية المكانة التاريخية المرموقة للمدينة القديمة في التاريخ الانساني تم ضمها الى ارث التراث العالمي الانساني(اليونسكو) عام 1999، ولكن مكانة المدينة القديمة بدأت تزدهر ثانية بالحركة الفنية والثقافية وخاصة بعد ان رشحت بان تكون عاصمة للثقافة الاوربية لعام 2003 وتكون قبلة للفعاليات والاحتفالات ولقاء عمالقة الفن والثقافة الاوربية في هذه المدينة.
تتكون المدينة القديمة من الشارع الساحر(الأسياد) وفيه يقع تراث الانسانية واكبر متحف للدروع في العالم يضم 40 الف قطعة حربية ومدافع من حروب نابليون بونابرت وقصر الاقليم التاريخي والبيت الملون الذي كان يقضي فيه القياصرة اجازاتهم .
تقع جوهرة ولؤلؤة المدينة في الساحة الرئيسية في المدينة القديمة وهي (دار المحافظة).تعد هذه البناية الجميلة بانها كانت دار المحافظة الاولى وشيدت عام 1450 في الحي اليهودي في المدينة.لقد كانت الدار صغيرة في تلك الفترة وتم تطويرها عام 1550 وفي موقعها الحالي علماً بانها شيدت على اسلوب عصر النهضة ونظراً للظروف الاقتصادية الصعبة في تلك الفترة فقد شيدت من دون زينة كبيرة وكان الطابق الثالث من البناية سجناً.ومنذ عام 1609 يمكن مشاهدة 3 جوانب رائعة من البناية وفي عام 1803 يتم هدم دار المحافظة القديمة ،وخلال الاعوام 1805 ـ 1807 يتم وضع خطط جديدة من قبل المهندس المعماري الغراتسي (كريستوف شتادلر) لتصميم الدار.لقد كلف تشييد الدار ثانية 150 الف (كولدن) تكاليف المبنى الجديد وكانت قد جمعت من خلال الضرائب على النبيذ. حافظت الدار الجديدة على الاسلوب الكلاسيكي ولم يلبي التشييد على رضا سكان مدينة غراتس والاقليم. امام البواية الرئيسية للمحافظة حيث الساحة الرئيسية وتضج بأكشاك الباعة حيث العصائر والمشروبات ومطاعم النقانق والورود وهي مركز التقاء الناس والعشاق تحت ظلال تمثال ارشيدوق النمسا (ارنست هيتزوك يوهان) وكذلك يتم نصب المسرح الكبير امام بوابة المحافظة للاحتفالات وكذلك تعد الساحة مكانا لاجتماع الاعراس والعروس بالزي الابيض والورود والغناء تمنح المكان ألقاً وروحاً وخلفية مثيرة للاعجاب بالاضافة الى الصخب الكبير في الساحة.
لقد كانت الساحة الرئيسية هي المركز التجاري الهام في الاقليم.وكذلك كان يتم اقامة المعارض والاسواق الاسبوعية كالتي هي كانت موجودة عندنا في العراق والتي هي موجودة حاليا في المغرب بالاضافة الى الازقة الضيقة التي لا تبعد عن دار المحافظة والساحة الرئيسية مسافة وكان الباعة المتجولون يعرضون حاجياتهم فيها وبعدها يعودون الى قرى وبلدات وجبال الاقليم التي تحيط بالمدينة بعد شراء الحاجيات من المدينة.
الدور والبنايات التي تواجه دار المحافظة فهي ايضا قديمة فمثلاً بناية الزاوية في الركن يعود تاريخ بنائها الى القرن السابع عشر بالاضافة الى الابنية الاخرى.اليوم تضم البناية (المحافظة) المكان الذي يجلس فيه (محافظ ـ عمدة) المدينة وكذلك اعضاء مجلس المحافظة والذين يتم انتخابهم عبر انتخابات ديمقراطية في المدينة. تتكون البناية من اربع طوابق وذو اعمدة جميلة من الداخل وارضية حجرية رائعة والبناية لها واجهة تجذب النظر ومن الاماكن المحبذة لزيارتها والتقاط الصور امامها ولها ايضا اربع ابراج وهي كما يدعون بانها تمثل الرموز العظيمة للامبراطورية النمساوية وهي الفن والعلم والتجارة والصناعة.
زينت الواجهة على الاسلوب الالماني التاريخي المتأخر فهي غنية بعدد النوافذ والتماثيل وفي الاعلى صورة التنين وهو شعار الاقليم وساعة كبيرة.
تم اعادة تصميم الساحة الرئيسية في غراتس امام المحافظة عام 2002 من قبل المهندس المعماري الغراتسي(ماركوس بيرن تالار) لتكون المساحة كبيرة امام الدار لنصب المسرح العملاق بين فترة واخرى لعرض الاعمال الفنية والاحتفالات الموسيقية وهذه الاحتفالات والفعاليات تكون خاصة للمناسبات الوطنية والاحتفالات الشعبية ويتجمع فيها الالاف من المحتفلين بليلة راس السنة وكذلك يقام فيها سوق عيد الميلاد واما بالنسبة للكورد فهي نقطة التقائهم من اجل ان يوقدوا شعلة النوروز وتكون الساحة احتفالية النوروز والرقصات الكوردية وبالاضافة الى مظاهراتهم واما في ليالي عيد الميلاد فيتم تسليط الاضواء الملونة عليها وبزخارف مختلفة وتنصب فيها شجرة عيد الميلاد العملاقة وتكون الساحة مكاناً للحياة والسعادة.
لقد كان السجن في الطابق الثالث خلال القرن الثامن عشر واما الساحة فكانت مكاناً لمشاهدة قطع رقاب المجرمين. في دار المحافظة صالة لعقد القران في اجواء هادئة وبين ثنايا جدران تاريخية وبحضور الشهود وهذا يسمى بالزواج الحكومي الرسمي واما زواج الكنيسة فيتم في الكنيسة ولنيل بركة القساوسة. بناية دار المحافظة التاريخية عاشت ورافقت عدة اساليب فنية من عصر النهضة والكلاسيك والالماني المتاخر ومكانتها المرموقة والابراج والتماثيل وتاريخ القرون المنصرمة وحكايات السجن واحتفالاتها المتنوعة ومنها الشيقة الوليمة العملاقة وفعاليات ترجع لقرون منصرمة في ساحتها الرئيسية دليل بان الزمن له حكاية . جلس على كرسي المحافظ منذ 12 عاما محافظ شاب يدعى(سيغفريد ناكل) والمتفتح على الثقافات والحضارات وسبق ان التقيته في مناسبات كثيرة وفرح كثيرا حين اهديته يوما مجلة كوردية(هونه ر) وفيها صورته.
اشياء كثيرة فنية تجذب النظر في هذه البناية سواء كانت السقوف ام الاعمدة والسلالم الداخلية وصالات الاجتماعات واعمال المصممين والرسامين الذين تركوا آثاراً في هذه البناية..انها دار محافظة غراتس عاصمة اوربا الثقافية.