تحديد القومية في استمارة التعداد السكاني ضرورة ملحة
جواد ملشكاهي
يعد التعداد العام للسكان امراً ضرورياً في جميع الدول للحصول على قاعدة بيانات ومعلومات مفصلة بالوضع السكاني لأتخاذ قرارات مستقبلية بشأن التخطيط والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ولتوزيع الموازنة السنوية حسب الضرورة للخدمات بشكل عام وبالاخص التعليم والصحة والسكن والبحوث الاكاديمية بغية وضع الخطط الخمسية او العشرية موازية مع عدد السكان سواء في الزيادة او النقصان.
كما يعد الاحصاء السكاني قاعدة بيانات مهمة واساسية لنسبة البطالة والأمية بين السكان ومساعدة القطاع الخاص على اتخاذ قرارات بشان حاجيات المجتمع من السلع المحلية الصنع والاهم الحصول على العدد الأفضل من ممثلي الشعب في البرلمان وكذلك جميع المشاريع التنموية من اجل رفاهية المواطنين.
العراق الذي مر بازمات وظروف صعبة نتيجة الحروب والحصار ومن ثم تغيير نظام الحكم بحاجة ملحة لأجراء تعداد عام للسكان لأعداد الخطط والبرامج العمرانية والخدمية والتنموية لتحديد الأولويات كون تعداد عام 1997 هو اخر تعداد سكاني اجري في البلاد ومنذ ذلك الحين الى اليوم نفتقد لقاعدة بيانات حديثة لمعرفة الزيادة الحاصلة في السكان واعمار الدمار الذي لحق بالبنى التحتية لجميع المرافق الخدمية من مدارس ومستشفيات وطرق وجسور وشبكات المياه الصالحة للشرب والكهرباء وغيرها في جميع المدن والقصبات والقرى.
بعد التغيير الذي حصل في العراق،حاولت الحكومات المتعاقبة اجراء التعداد السكاني ونفذت الخطوات الاولية المهمة والضرورية له و خصصت له الأموال اللازمة ووفرت مستلزماته، الا أنه وبسبب الاوضاع الامنية والسياسية الغير مستقرة والصراع على السلطة و وجود مناطق متنازع عليها بين المركز واقليم كوردستان الغيت قرارات اجراء التعداد وبقي البلد بلا خطط وبرامج وطغت العشوائيات والتجاوزات على الاراض والخدمات العامة،بحيث اصبحت العشوائيات اليوم واحدة من اهم التحديات التي تواجه الحكومة العراقية.
في بداية شهر تشرين الثاني الجاري اعلن المدير العام التنفيذي للتعداد العام للسكان في وزارة التخطيط الاتحادية عن نية وزارته لأجراء التعداد السكاني في جميع انحاء العراق الكترونيا في نهاية تشرين الأول او بداية تشرين الثاني من العام المقبل 2022، مشيرا الى الاستمارة الخاصة بالتعداد تتضمن 75 سؤالا ينبغي للمواطن الاجابة عليها لغرض اجراء تعداد متكامل ورصين يمكن الأعتماد عليه لأغراض عديدة، مضيفا ان هناك اسئلة مخصصة للأسرة واخرى خاصة بالأفراد منها البيانات الديمغرافية والتعليم والعمل والهجرة، مؤكدا في الوقت ذاته ان الأسئلة لا تشمل السؤال عن القومية والمذهب وعراقيي المهجر غير مشمولين بالتعداد.
لا يختلف اثنان على ان اجراء التعداد السكاني ضرورة ملحة للعراق ولكن التعداد ينبغي ان يكون وسيلة لحل المشاكل ،عدم درج القومية ضمن الأسئلة الواردة في الأستمارة الألكترونية هو خلل كبير في العملية ومن دونه سيفقد التعداد واحدة من الغايات الاساسية لأجرائه للأسباب التالية:
اولا / درج القومية في الأستمارة ضروري لحل مشكلة المناطق المتنازع عليها والذي يعد التعداد السكاني في تلك المناطق احد اهم مراحل تنفيذ المادة 140 من الدستور،كون تنفيذ تلك المادة هو حسم جذري لمشكلة اساسية يعاني منها العراق منذ تأسيسه في بداية القرن الماضي الى اليوم.
ثانيا / درج القومية في الأستمارة ينتج عنه اعداد قاعدة بيانات رصينة لنسبة المكونات من مجموع سكان العراق و يساعد على وضوح الرؤية للتعليم بلغة الأم طبقا للدستور العراقي الذي ضمن حق التعليم لجميع العراقيين بلغة الأم كالكوردية والتركمانية والسريانية والأرمنية في المناطق التي تقطنها تلك المكونات والتي تعد ضمانة للحفاظ على هويات تلك المكونات.
ثالثا / تحديد القومية في الأستمارة يحدد النسب السكانية للمكونات في المحافظات المختلطة وهذا الأمر ضروري جدا، لحل أية مشكلة تخص المكونات من الناحيتين السياسية والأجتماعية والحفاظ على التنوع القومي في البلاد الذي انشأ العراق على اساسه.