هديل العزاوي
حين نلقي بانظارنا نحو مايدور حولنا من واقع مرير، في زمان تبجَّلَ بالاكاذيب وأزوقة الخداع المقنع كأنياب الذئاب، يعتصر قلبي دما ووجعا، امام هذا المشهد الأليم بعد فقدان بريق صفة الصدق والإخلاص فيه. فأي نفوس تلك التي تسوق وتغرد لمن يسلك طريقها؟ وأي بشع وجشع اتسمت به؟! الصمت هنا سيد الكلام فالساحة التي أمام ناظري قد ارتوت من عفونة سيل اقدامهم وأصبح الغدر تاج ذهبي يكسو رؤوسهم الماردية، حيث لم أعد أرى هبات نسمات الصدق والأمانة التي أوصانا بها الله تبارك وتعالى نحن بنو أدم، وأمرنا باتباعها.
والعجيب في الأمر أن هولاء على دراية كاملة بخطأ الطريق الماضين فيه، ورغم ذلك مستمرين بمهازلهم اللعوبة بين ابناء جنسهم. وهذه هي احدى عقوبات الله على عباده الذين أساءوا “ويمدهم في طغيانهم يعمهون” (صدق الله العظيم). فأين نحن وفي أية متاهةٍ مضينا، وكيف نستطيع أن نتعامل مع هذه النفوس الممتلئة بالحقد والضغينة وكراهية حب الخير للناس قبل ذاتهم!؟ والكثير من التساؤلات، التي تطرح على طاولة الحوار الثقافي الواعي بين ابناء جنس البشر، تعلل وتعزو اسباب ونقاط القوة والضعف الى خلجان تلك النفوس التي لايمكن أن توصف باقل من كونها مريضة!
إذ ليس من المنطق أن نحذو حذوهم دون ايجاد حلول جذرية تتمثل في توعية فئات المجتمع الواحد الى تلك النوافذ السيئة واعتماد صيغ وقوانين جديدة تصاغ في مطوية دستورية تحدها القوانين الانضباطية التي يترتب عليها محاسبة كل من يحيد عنها ويعمل خفاءً تحت سيادة تشريعها القضائي. ومن العيب ان نجد تلك الأرضة تأكل منسأة الحق ونحن ننظر بدم بارد وعيون مارقة لما يحدث من سلب ونهب، والظالم يطغى بظلمه ويقطع اشواطا في دم المظلوم. إذاً، لماذا السكوت عن الحق وقد وصف رسولنا الكريم محمد ( صلى الله عليه وسلم ) صاحبه بانه (شيطان اخرس) وهو من أوصى وفقاً لقوانين السماء الالهية بإنصاف الضعيف والاقتصاص من الطاغي.
إنها حقيقة مريرة وغصات تجترح الروح بشجن حزين، فصوت الضمير الحي كما تراه عيني قد مات إلا مارحم ربي! والرحمة قد رفعت من قاع الارض إلا ماندر، واصبح كل شيء في اخانا المسلم مستباحاً رغم تحريمه في وصية رسولنا الكريم محمد ( صلى الله عليه وسلم ) في حديثه الشريف (كل المسلم على المسلم حرام دمه ، ماله، عرضه) صدق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ). وهذا كله سبب كاف ٍ لان تكون الكرة في ملعب أولئك الجاحدين لتوجيه ضربتهم القاضية سعياً لتحقيق اهدافها وبشتى الطرق وإن كان ظلماً وعتوا!!
لذا أتوجه بالقول الى كل من وجد نفسه في احدى هذه السطور أن يعيد ترتيب حياته ويتفكر مليا ان الحياة رحلة قصيرة كرجل استظل تحت ظل شجرة ثم غادر بعد زواله 00وكما جاء مثلها ايضا في احدى الاقوال المأثورة: ((كن في الدنيا كعابر سبيل واترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا الا ضيوف وماعلى الضيف الاالرحيل )).
فالظلم ظلمات يوم القيامة، فكيف لك ان ترسم نهاية مطاف حياتك في دماسة الظلمة؟! تخيل صورة حالك! فلا اعتقد بل أجزم بالقول أن عنوانك سيكون الندم وشريط ذكريات ذاكرتك تعرض امامك صرخات المظلوم وحرارة دموعه الحارقة من شدة الالم، الذي مزق فؤاده منتحبا على بطش قوة الظلم. فاحصد الفرصة وصحح مفاهيم كينونة ذاتك وأعلم انه سيأتي اليوم الذي تتمنى ان ترجع فيه لترد الحقوق الى اهلها ولكن!! بعد ان فاتك الاوان وما اتمناه حقا ان لايفوتك الاوان حيث الزمان والمكان0