علي حسن علوان جاسم الجنابي
عضو اتحاد المؤرخين العرب
أسست مدينة الرفاعي عام 1863م وباسم كنية مؤسسها الحاج عباس الكرادي – من كرادة بغداد – وبقيت قرية كبيرة ، وفي الحقب الزمنية المتعاقبة وتحديداً منذ عام 1865م أصبحت منطقة استقطاب للنازحين والوافدين ، إذ تزايدت هجرة أبناء عشائر الفرات وعفك وآل بدير والدغارة بالإضافة إلى وصول من نزح إليها من بغداد من بقية القبائل العربية ، بالإضافة إلى الجموع التي انحدرت إليها من حي واسط ، لذلك أصبحت هذه الناحية تغص بكثافة السكان الذين امتهن أغلبهم العمل التجاري من قبيل تجارة الأقمشة والتمور والحبوب إذ اتخذوها مقراً للهروب من ضرائب السلطة العثمانية المفروضة عليهم عندما كانوا في مناطقهم آنذاك ، وعلى الرغم من كثافة السكان هذه والتي ازدحمت بها هذه المنطقة فقد بقيت مجرد ناحية ضمن حدود محافظة ذي قار الإدارية يطغى عليها اسم الكرادي حتى سنة 1936م ثم تحولت إلى قضاء لاستيفائها شروط القضاء ومقوماته وأصبح باسم قضاء الرفاعي نسبةً إلى مرقد السيد أحمد الرفاعي (512- 578هـ) والذي يبعد مرقده عن مركز القضاء بحدود مسافة (55) خمسة وخمسين كيلومتراً مربعاً .
يحفل قضاء مدينة الرفاعي عبر تأريخه الطويل بالكثير من الأحداث والوقائع التي خطتها يراع الزمن على صفحات بيضاء لتكوّن سفراً خالداً لهذه المدينة الضاربة في جذورها أعماق التأريخ منذ أن سادت على ربوعها أولى الحضارات الإنسانية في العالم ونشأت على أرضها أهم عاصمتين للحضارة السومرية وهما دولة (أوما) ودولة (لكش) وبقية الحضارات التي أعقبتها والتي لاتزال بقايا آثارها شاخصةً ليوم الناس هذا والتي تحتفظ لها أمواج الغراف – الذي شقه الملك انتمينا ملك دولة لكش كنهر لمملكته – بالكثير من المآثر الخالدة .
لذا انبرى ابن المدينة البار المؤرخ الأستاذ ثامر عبد الحسن العامري (1366هـ/1947م) – رعاه الله – إلى توثيق ذلك التأريخ المشرف بإصدار كتابه الجديد المعنون ( مدينة الرفاعي .. تأريخها .. أعلامها .. شعراؤها .. الأسر المؤسسة ) بمجلد حوى (404) أربعمئة وأربع صفحات من القطع الوزيري ، حوى الكتاب بين دفتيه (7) سبعة فصول ، سبقها بسرد (4) أربعة مواضيع متحدثاً فيها بصورة مقتضبة عن (الرفاعي بين الماضي والحاضر) و(قضاء الرفاعي – تأريخ حافل -) و(موقع مدينة الرفاعي) و(التعليم في قضاء الرفاعي) ، تحدث في الفصل الأول عن (رؤوساء البلدية) ، إذ ترجم لـ(6) ستة من الذين تبوؤا هذا المنصب بعد نيلهم ثقة المشايخ والوجهاء ، ونالوا ذلك المنصب بالانتخاب الشعبي مبتدئا بالتسلسل 1- الحاج عبد الصاحب فتيت العامري (1881-1936م) للمدة (1912-1921م) ومنتهياً بالتسلسل 6- الحاج كاظم الحاج عيسى (1921-1991م) للمدة (1965-1967م) ثم تطرق المؤلف في الفصل ذاته إلى (المختارون) ، والمختار كان بمثابة الأب الروحي لأبناء مدينته ورئيساً للوحدة الإدارية فيها ، إذ ترجم لـ(4) أربعة منهم مبتدئا بالتسلسل 1- المختار مراد العباس للمدة (1912-1918م) والذي لم يدون المؤلف تأريخ ولادته ووفاته ومنتهياً بالتسلسل 4- المختار هادي جاسم المختار (1910-1985م) والذي لم تدون مدة مختاريته ، أما موضوع (أعلام مدينة الرفاعي) فكان عنواناً للفصل الثاني الذي ترجم فيه لـ(11) أحد عشر شخصية كان لبصمتها الأثرالواضح من الذكر الحسن المشفوع بجلائل الأعمال مبتدئا بالتسلسل 1- الشيخ إسماعيل السوز (1893-1963م) ومنتهياً بالتسلسل 11- السيد رهيف الزاملي (1912-1972م) أما الفصل الثالث فكان بعنوان (شعراء مدينة الرفاعي) والذي ترجم فيه لـ(13) ثلاثة عشر شاعراً من شعراء القضاء مبتدئا بالتسلسل 1- الشاعر الشيخ الحاج مانع الحميدة (1874-1950م) ومنتهياً بالتسلسل 13- الشاعر عبد الحسين محمد جواد الصراف والذي لم يدون المؤلف تأريخ ولادته ووفاته ، فيما تطرق في الفصل الرابع إلى موضوعين الأول (عوارف مدينة الرفاعي) ترجم فيه لـ(8) ثمانية من الذين كانوا يعدون من المراجع الأساسية التي تحتفظ بأنساب العشائر وأفخاذها ورؤسائها ، وكانوا بمثابة المرشد لشجرة كل قبيلة وما يتبعها من فروع بحيث عدوا من الحفظة للحلقات النسبية للأجداد وانحدارهم وانتمائهم العشائري مبتدئا بالتسلسل 1- الحاج علاوي بن فتيت العامري (1881-1961م) ومنتهيا بالتسلسل 8- الحاج كاظم كاطع الخياط (1927-2006م) ، فيما كان الموضوع الثاني من الفصل ذاته هو (دواوين ومضائف الرفاعي) ، إذ تحدث فيه عما يمثله الديوان والمضيف في سالف الزمان مؤسسة لحل المشاكل الاجتماعية متطرقاً فيه لـ(59) تسع وخمسين ديواناً ومضيفاً مبتدئا بالتسلسل 1- ديوان آل السوز ومنتهياً بالتسلسل 59- ديوان الحاج محمد الصفار ، أما الفصل الخامس فقد كان بعنوان (الرفاعي بين قبيلة الشويلات وقبيلة بني ركاب) ، إذ تطرق فيه للحديث مقتضباً عن تأريخ القبلتين ونسبهما ثم ترجم لبعض زعماء القبيلتين ووجهائها والذين منهم الشيخ جابر الخير الله وولده الشيخ يوسف وذراريه الشيخ موحان والشيخ مجيد والشيخ أركان موحان الخير الله والشيخ مزعل حمادي الحميدة وولديه الشيخ حربي والشيخ شلاكة والشيخ هلامة حمادي الحميدة والشيخ عبد الرحيم الحاج مانع ، فيما تطرق في الفصل السادس إلى (الأسر المؤسسة لمدينة الرفاعي) متحدثاً فيه عن أوائل الأسر التي سكنت القضاء وكان لها دور مؤثر في الحياة الاجتماعية للمدينة ، إذ تحدث عن (78) ثمانية وسبعين أسرة مبتدئا بالتسلسل 1- أسرة آل السوز ومنتهياً بالتسلسل 78- أسرة آل زاير مهاوش ، أما الفصل السابع فكان من نصيب (مجالس الطرب في الرفاعي) ، إذ تحدث فيه عن مجالس الطرب التي كانت ملتقى الشعراء والأدباء والمطربين وعشاق الغناء الذي كان متجذراً في أعماقهم ، بالإضافة إلى هوايتهم إذ كان طربهم معبراً ومتنفساً من الهموم الحياتية والمعاشية ، إذ ترجم فيه لـ(12) اثني عشر من مطربي القضاء مبتدئا بالتسلسل 1- المطرب إبراهيم كلنار (المتوفى عام 1952م) ومنتهياً بالتسلسل 12- المطرب عبد علي كاظم (المولود عام 1924م) ، وبعد تلك الرحلة الممتعة بين أروقة الكتاب التي أخذت من المؤلف الوقت الكثير والجهد الكبير نستطيع القول : إن الموثق لايستطيع أن يلم بكل حالة نشأت في ذلك القضاء المترامي الأطراف مالم يجهد نفسه في البحث والتقصي والزيارات الميدانية المتواصلة للاستفادة من كل صغيرة وكبيرة حرصاً على دقة البحث وصدق التوثيق ، ومن هنا كانت الرحلة المرهقة التي أنتجت هذا الكتاب الرائع .
يذكر أن المؤلف المؤرخ الأستاذ ثامر عبد الحسن العامري (1366هـ/1947م) – رعاه الله – هو من أهل البحث والتحقيق لأنساب العشائر العربية والأسر العلوية الذين يشار إليهم بالبنان من حيث كثرة نتاجه العلمي والتي أصبحت مؤلفاته من المراجع التي لايستطيع أي باحث تخطيها لما لها من عمق وتحقيق واستدراك بالإضافة إلى ميدانية بحثه ، أما كتابه هذا فيحمل الرقم الرابع والثلاثين من بين مؤلفاته والتي منها موسوعة العشائر العراقية (9) تسعة أجزاء وأعلام القبائل العراقية (3) ثلاثة أجزاء وموسوعة أنساب العشائر العراقية – رحلاتي – (5) خمسة أجزاء وموسوعة العامري للعشائر العراقية (14) أربعة عشر جزءاً ومعجم العامري للقبائل والعشائر والأسر في العراق وموسوعة المراقد والمزارات في العالم الإسلامي وغيرها .