حسام عبد الحسين
“دراما” العالم العربي قد نثرت العدالة والنزاهة والنجاح…على جبين الأنظمة والحكومات العربية وهي تطل علينا كل عام في رمضان من مسلسلات وبرامج ولقاءات وإعلانات. وتتسابق القنوات الفضائية على أكثر الإصدارات لعرضها وعلى مدار ٢٤ ساعة، ضمن متابعة كبيرة للعوائل والأفراد بحرص ودقة.
لقد نجحت الأنظمة السياسية والحكومات في فرض إرادتها على “الدراما” عن الطريق “الربح الدعم الحماية”
وعن طريق التحولات الإقتصادية والسياسية والتدخلات العسكرية وفرض القومية والعشائرية والإعتماد على تاريخ مزيف قد أثر وبمرور الزمن على “الدراما” وحولها الى وسيلة لإنعكاس أخلاق السلطة على المجتمعات، ثم أفرغوها من محتواها الرفيع الهادف في تغيير وتطوير المجتمع وتوعيته في كسب حقوقه من السلطة الحاكمة الى جره للإسفل، بترويج غير مباشر؛ بأن تدهوره من فقر وجوع وإضطهاد ومأساة وتخلف وفوارق طبقية قاتلة للإنسان كلها نابعة من المجتمع ذاته وليس من السلطة، وبالتالي؛ خلقت السلطة حالة من الصراع داخل الطبقة المحرومة والمضطهدة ذاتها، لتكون هي (السلطة) في حماية مع رموزها ومستفيديها. ثم أعطت سقف منخفض لحرية التعبير ليتبجح به إعلامها المزيف.
فمثلاً؛ دَسَّ التخلف والرجعية والتجهيل، وإهانة وإضطهاد وضرب المرأة والتجارة بجسدها والترويج للخيانة الزوجية وزنا المحارم، وإعطاء صبغة وردية لعفة وإخلاص السياسيين ونزاهة الأغنياء وعدالة القضاة، وتقديس الرموز ورب الأسرة وعدالة الإعدام وتبرير القتل وتسويق المخدرات…الخ. هذا من جهة. ومن جهةٌ أُخرى قامت بضرب تدريجي لإنهاء النقد الأدبي الذي كان مؤثراً جداً في الستينات على غرار النقد الفرنسي للدراما ذات الطابع واسع التأثير ليس في فرنسا وحسب بل على “الدراما” العالمية عموماً.
وعليه؛ أصبح “الأقتباس” من الروايات والأفلام والمسلسلات الغربية هو المتبع في “دراما” العالم العربي. إضافة الى بعض العادات التي ترضي المجتمع. وبعبارةٌ أُخرى: حينما نرى أن المخرج والمنتج والكاتب لدراما معينة واحد نستنتج مدى تأثير السلطة في تحريك “الدراما” إقتصادياً وسياسياً.
لذا لابد من التحريض من قبل الطليعة الإجتماعية من كتاب ونقاد ومثقفين وعمال وأساتذة جامعات وأفراد ومنظمات..الخ، لرفض سياسة الحكومات بالسيطرة على “الدراما” التي تحاول بنجاح جر المجتمع الى الأسفل من أجل بقائها ومكتسباتها. ومن ناحيةٌ أخرى لا يمكن الإرتقاء بالفن بمجمله إلا بالتغييرات السياسية.