نـــزار حيدر
في اللّحظة التي اصدر فيها القائد العام للقوات المسلحة الدكتور حيدر العبادي اوامره ببدء المرحلة الاخيرة لتحرير آخر شبرٍ من محافظة صلاح الدين من يد الارهابيين وإعادته الى حضن الوطن، تكون كلّ الاكاذيب والخزعبلات والفبركات التي انتشرت خلال الفترة الزمنية المحصورة بين مرحلتي العمليات العسكرية، الاولى والثانية، قد تهاوت وافتضح أمرها وانكشف زيفها وتعرّت مصادرها ومن يقف وراءها وكلّ الّذين ظلّوا يتناقلونها بسذاجتهم المعهودة وبساطتهم المعروفة!.
لقد كانت الايام القليلة الماضية من أشد الايام ايلاماً على قواتنا المسلحة الباسلة ومجاهدي الحشد الشعبي الأبطال، تحديداً، فلقد تعرّضوا الى ظلم الصديق قبل العدو، الاول ظلَمهم بنشر الاكاذيب والفبركات الإرهابيّة بلا إنصاف، والثّاني ظلمهم بصناعة الاكاذيب والدعايات التي ظلَّ (يُدعبلُها) ويمرّرها للسّذج والبسطاء وبعض الاغبياء من (أصدقاء) الحشد الشعبي ليتناولها ويباشر بنشرها بسرعة البرق وبشكلٍ غريبٍ وكأنّه في سباقٍ مع الزّمن، او كأنّه يقبض من العدو على نشرها! لما أبدى من حماسٍ وشدّة حرصٍ لايصال هذه الاكاذيب الى اكبر عدد ممكن من الناس.
انا هنا لا اعتِب على العدو، فهذه مهمّته في هذه الحياة الدنيا؛ صناعة الاكاذيب وفبركة الاخبار والصور وتوزيع التهم والافتراءات والطّعن بالولاءات والتشكيك بالانتماءات وغير ذلك، انها مهمّته الشيطانية وواجبه الذي ائتمنه عليه ابليس لعنهُ الله الذي خاطب ربّ العالمين بالقول {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ} فالعدوّ، اذن، عهد ابليس الذي قطعه على نفسه يوم ان تكبّر وتمرّد.
انّما العتب كلّ العتب على (الاصدقاء) الذين ابتلعوا الطعم خلال الايام القليلة الماضية فكانوا يتنافسون على نشر اكاذيب العدو وفبركاته بعد ان منحوا عقولهم إجازات غير محددة!.
اتمنّى على الجميع ان يتعلم من درس المرحلة الاولى من عمليات تحرير صلاح الدين، وتكريت خاصة، فانّ أمامنا مشوارٌ طويلٌ طويل مع الارهاب بشكل خاص واعداء العراق بشكل عام، وذلك من خلال؛
اولا؛ ضبط هواتف المقاتلين في كلّ سوح الجهاد ضِدّ الارهاب، ليتم فلترة الاخبار والصور والافلام قبل نشرها والتعامل معها، فلقد حملت بعضها خلال المرحلة الاولى من هذه العمليات اسراراً أمنية وعسكرية، فيما نشر بعضها ما لا يجوز التعامل به بأيّ شكلٍ من الأشكال.
ان ضبط هواتف المقاتلين واجب ديني ووطني وأخلاقي ومهني، فكما يضبط المرء هاتفه ازاء ما ينشر عن بيته، فيتوخى أقصى درجات الحيطة والحذر عند نشر اي شيء يخص أسرته، فلا يتسرّب سراً عنها مثلاً او خصوصيّة من خصوصيّاتها، كذلك جبهة الحرب، يجب ان يحرص المقاتل على خصوصيّاتها وأسرارها، فيحذر أشدّ الحذر من نشر ايّ شيء يضرّ بها، وبأيّ شكل من الأشكال.
ثانياً؛ التوقّف عن نشر الاكاذيب والخزعبلات والفبركات الإرهابية فوراً.
كذلك التوّقف عن نشر كل ما يتعلق بجبهات الحرب من مقالات وتحليلات اذا كانت تضر بِنَا، الامر الذي يتطلّب منّا تريثاً منقطع النّظير، فمن كان منّا خبيراً في التمييز بين الغثّ والسمين، فليتريّث قبل النّشر، امّا مَنْ كان منّا من لا يمتلك الخبرة بذلك، فليسأل ويستشير ولا يستعجل النشر.
انّ الحرف، ولا اقول الكلمة، مسؤولية خطيرة جداً في زمن الحرب، فالله الله بارواح المجاهدين ودماءهم، احفظوها في غيَبتهم، فالحرف المنشور خطأ في لحظة خطأ بمثابة رصاصة تستقر في ظهر المقاتل في سبيل الله تعالى وهو يواجه الارهاب وجهاً لوجه.
ثالثاً؛ لنتذكر دائماً قول رسول الله (ص) للصّحابي نعيم بن مسعود عندما اسلم مبدياً استعداده لنصرة المسلمين في حرب الاحزاب، قائلاً له {خذّل عنّا مزاعمَ القومِ، فانّ الحربَ خُدعة} فبدلاً من ان ننتظر العدو يشنّ علينا حروبه السّوداء، على كلِّ واحدٍ منّا ان يكون جندياً في جيش الحرب النفسية لنطلقها ضِدّ العدو فندمّر معنويّاته ونمكّن منه المقاتلين الأبطال في سوح الجهاد ضِدّ الارهاب.
وصدق امير المؤمنين (ع) الذي يقول {فَإِنَّمَا الْبَصِيرُ سَمِعَ فَتَفَكَّرَ، وَنَظَرَ فَأَبْصَرَ، وَانْتَفَعَ بِالْعِبَرِ، ثُمَّ سَلَكَ جَدَداً وَاضِحاً يَتَجَنَّبُ فِيهِ الصَّرْعَةَ فِي الْمَهَاوِي، وَالضَّلاَلَ في الْمَغَاوِي، وَلاَ يُعِينُ عَلَى نَفْسِهِ الْغُوَاةَ بِتَعَسُّف فِي حَقٍّ، أَوْ تَحَرِيف في نُطْق، أَوْ تَخَوُّف مِنْ صِدْق}.
نصيحةٌ اخيرة، لمن غفلَ لحظةً فمرّت من بين يديه كذبة او فبركة ارهابية شاركَ في نشرها؛
ضع علامة () على كلّ من مرّر لك كِذْبَةً حتى لا تتعامل معه من الان فصاعداً ابداً ابداً ابداً، فكذبةٌ واحدةٌ تكفي للتّشكيك في مصداقيّة المصدر وإسقاطه من حساباتك!.