د.خالد ممدوح العزي
تخلى الرئيس بوتين عن المشاركة في قمة الدول الصناعية الكبرى المنعقدة في الولايات المتحدة، وهذه الدول تتميز بالنفوذ السياسي والاقتصادي في العالم .لقد تدرع الرئيس الروسي بوتين بضرورة تشكيل حكومته الجديدة في مبر لم يبد مقنعا لاحد وخاصة في اطار المواجهة الجديدة الامريكية –الروسية الجارية حول العديد من الملفات الدولية العالقة وفي مقدمتها ملف منظومة الدرع الصاروخية ،وحول الحركة الاحتجاجية الشعبية في روسيا .
لم يحضر الرئيس بوتين قمة الدول الثماني المنعقدة في الولايات المتحدة برئاسة الرئيس باراك اوباما صاحب المكان ،بل اوفد رئيس وزراءه الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف ليمثله في القمة ،وهذه القمة كانت ستكون الرحلة الاولى للرئيس بوتين بعد توليه سدة الرئاسة في 7 ايار “مايو”2012،لتساعد في حلحلة مواضيع ومشاكل مختلفة عالمية.
ويذكر بان روسيا قاتلت بكل إمكانيتها من اجل ان تكون الدولة الثامنة في تلاقي هذه الدول الكبرى ،ولاتزال الصحف والاعلام الغربي يميز في تعبيره بالقول بان الدول السبعة زائد روسيا.
ويشير المحللين و السياسيين الروس بان وارسال ميدفيديف الى قمة الثماني ، هي رسالة من قبل بوتين بانه دليل على استمراره بنفس السياسة الخارجية التي كانت متبعة بعهد سلفه التي كانت متبعه.
اضافة الى هروب الرئيس بوتين من الانتقاد من قبل زملاءه في تعاطيه مع حركة الاحتجاج الشعبي المستمرة منذ الشتاء الماضي، اضافة الى تفادي الرئيس بوتين الاجابة عن اي سؤال من قبل الاعلاميين العالميين المشاركين في تغطية القمة .
في بيان الكرملين الذي قال فيه: “بان الرئيس بوتين ابلغ نظيره الامريكي باراك اوباما هاتفيا بانه لن يتمكن من المشاركة في قمة دول الثماني ،لأنه من المرجح بانه لا ينتهي من تشكيل الحكومة بحلول موعد القمة المحدد بتاريخ 18-19 ايار” مايو” الحالي كما اشار الرئيس بوتين لنظيره الامريكي .
فان الجانب الامريكي تلقى هذه الانباء من الكرملين بجانب من التفهم، كما ذكرت وكالات الانباء لكن امريكا سيكون ردها المناسب وفقا للاعراف والاصول الدولية والدبلوماسية المفترضة كدولة كبرى مثل امريكا .
فالرئيس بوتين يزعم السفر في او حزيران “يوليو” القادم الى الصين ، الدولة التي باتت حليفا استراتيجيا لروسيا في هذه الاوقات ، لكن مساعد لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي “مجلس الدوما” ليونيد كلاشنيكوف يقول:”بان الزيارة تأتي الى بلاد يفترض تطوير علاقات مميزة معها”.
مشكلة بوتين وامريكا:
لاتزال مشالك كثيرة عالقة بين روسيا وامريكا واهمها الدرع الصاروخية التي فشلت محادثها مما ساعد في توثير المواقف بين البلدين والتي ادت بوزير الدفاع الروسي اناتولي سرديكوف بالتصريح في 3 مايو ايار، بان طريق المفاوضات بالنسبة الى الدرع الصاروخية اضحت في حائط مسدود مما يتيح للدولة الروسية باستخدام حق القوة وتدمير قواعد الصواريخ قبل تنصيبها .
فالرئيس بوتين الذي تغيب عن حضور قمة الدول الثماني لا يريد سماع اي نقد يتعرض له من قبل قادة الدول الغربية حول الديمقراطية ومفهومها،ولا يريد ان يكون عرضة لانتقادات الاعلام العالمي، وخاصة على اثر اعتقال المعارضين الروس خلال التظاهرات الاخيرة في موسكو والتي ادانة واشنطن هذا التصرف مع المعترضين .
طبعا غياب بوتين لم يكن مبرر بعذره الغير مقنع بكونه يتبع تشكيل الحكومة الجديدة الروسية ،وارسال رئس وزراءه بهذا الوقت بالذات التي يناقش ملات عديدة قريبة من روسيا ،مما يؤدي الى تعزيز انطباع الخلاف بين روسيا والعالم . فالرئيس الفرنسي الجديد لم تمنعه القمة من تشيل حكومته ،بل كان زائرا مشاركا وصاحب راي مميز في القمة. ان غياب بوتين عن الحضور بظل فتح ملف سورية وايران الحليفتان لروسيا ،فالاجتماع الذي توقف امام المعالجة السياسية للازمة السورية والتي تعتبر الحد الادنى من التوافق على ان يتم الانتقال السلمي لسلطة من خلال دعم مهمة عنان التي اضحت في خبر كان ،اما بالنسبة لايران ،فالاستمرار بالتفواض السيسي مع الدولة الاسلامية ،مع الاستمرار بفرض العقوبات الاقتصادية .
عزلة روسيا الدولية :
فالخوف الفعلي من الانتقاد كان وراء تعذر بوتين عن الحضور ،فالرئيس تحاشى ان يسمع اي نقد من الغرب حول الديمقراطية فيروسيا على اثر اعتقال العديد من المعارضين الروس خلال التظاهرات الاخيرة،المعترضة على تنصيب الرئس بوتين في سدة الرئاسة ،والتي انتقدت الولايات المتحدة انتقدت مرات عديدة هذا التصرف الروسي ،
وبالتالي بوتين حذر جدا من اي سؤال يوجه له اثناء القمة من الاعلاميين الغربيين المشاركين في القمة من خلال تتبعهم للاحداث الداخلية والمهزلة الانتخابية وعملية تداول السلطة الذي تم من خلالها التجديد للرئيس بوتين وتسلمه لهذا المنصب مجددا لولاية ثالتة بظل رفض شعبي متزايد ،فالشعب الروسي المحتج والمعترض على وصول الرئيس بوتين لولاية ثالتة ،من خلال التزوير وعدم الشافية يرى بان بوتين يلتف على الديمقراطية من خلال تداول السلطة وحصرها بحلقة ضيقة من اصحاب القرار السياسي الضيق في فريق عمل بوتين المشكل من مدينة سنات بطرسبورغ مدينة بوتين”،لبناء ديمقراطية وجهه مبنية على القمع ودكتاتورية السلطة .فعملية الالتفاف على الديمقراطية في روسيا تواجه نقدا من قبل الغرب وواشنطن ومن العلام الغربي بشكل عام .
فالانتقادات الامريكية المستمرة لسياسة بوتين بسبب توليه السلطة المشكوك يها شعبيا ،والمطعون بشرعيتها،لكونها نقطة جدال قادمة البلدين ،ومفتاح حلول بين واشنطن وموسكو ،ضمن مفاوضات قادمة بين الدولتين ،وخاصة بان بوتين يتهم واشنطن بمساندة الحركة الاحتجاجية الروسية المتواصلة منذ الشتاء الماضي في روسيا، والتي لم تسبقها متيل قبل سقوط الاتحاد السوياتي في العام 1990، وحتى تولي بوتين مقاليد السلطة عام 2000،فالوايات المتحدة ترب دوما عن قلقها الدائم ازاء صورة العنف التي تمارسها الشرطة الروسية نحو المتظاهريين السلميين ،فالغايب المفتعل يدل على مدى عزلة روسيا الدولية ،ومدى محاولة بوتين الدؤوبة في التواصل الى اي حل مع الغرب وتحديدا امريكا في الكف عن موضوع التشكيك بشرعية الانتخابات الروسية ،وغض النظر نهائيا عن فترة بوتين الكاملة من العام 2000 وعدم فتح ملفات الساد ،والتزوير وانتهك حقوق الانسان والتلاعب بالديمقراطية من خلال المسرحية الهزلية لتداول السلطة ،لكي يقوم بالافراج عن ملفات عالقة واسيرة في جعبته ،و يعلن بعدها بانه سجل نصرا كبيرا لروسيا ،في سياسة الكباش مع امريكا والذي اضحى هو بحاجة لها كي تخرجه من عزلته الدولية .
كاتب إعلامي، ومختص بالشؤون الروسية ودول الكمونولث .