بناء الجيل .. بين آثار الماضي وتبعات الحاضر .العراق نموذجا .
عباس يوسف آل ماجد
العراق بلد الحضارات القديمة سومر واكد وبابل واشور ، مر عبر عصوره التاريخية بمنعطفات عديدة ابتداء من الحروب والغزوات ومرورا بالتغييرات الديموغرافية التي حدثت للعراق منذ الاف السنين ، ونزوح الاقوام من الجزيرة العربية وبلاد الشام ومختلف البلدان اليه طوعا وقسرا ، هذه المنعطفات أسست لثقافة اخلاقية تميزت بها الشخصية العراقية التي تجمع بين عنصر القوة والارادة من جهة وعنصر التمرد والاستعداد للازمات من جهة اخرى ، وبما ان العراق قد استوعب العديد من الاقوام فلا بد هنا ان تتكون صورة مميزة عن الاطار الاخلاقي العام والذي يتكون من مزيج
من الثقافات المتنوعة من الريف والمدينة والجبل والصحاري ولكل منها خصوصيات تجتمع في المشتركات العامة ان الدور الذي يمارسه المربي الفاضل وهنا لابد من الجمع بين الاب والام من جهة والمعلم والمعلمة من جهة اخرى قد ساهم في ارساء ثقافة رصينة تعتمد على الاخلاق الفاضلة ومبدأ الاحترام وكأن الاخلاق كانت تدرس بدل المناهج بالرغم من ان المناهج كانت ملغومة بأفكار عبودية وشيطانية في بعض مفرداتها ، بعد تلك الطفرة النوعية في التقدم التكنلوجي والتراجع السريع في تحديث المنظومة الاخلاقية وفقا للتطور العام وجدنا انفسنا وسط فراغ شاسع وكبير بين
المنظومتين العلمية والاخلاقية ، الامر الذي القى بأثره الواضح على صورة الجيل الجديد الذي يختلف جذريا عن اجيالنا السابق ، الامر مقلق جدا ، كيف يمكن لجيل يتصف بعضه بالميوعة والتقليد الاعمى لكل شيء متناسيا تقاليده واعرافه ان يؤسس اسرة متكاملة او ان يكون في مركز القرار مستقبلا؟ المسؤولية تقع على عاتق الجميع ، من خلال المراقبة المتواصلة للثقافات السلبية الطارئة والتي من شأنها ان تساهم في تدهور النمو المجتمعي ، اضافة الى تأسيس ثقافة مواكبة لمتطلبات العصر وتتسم بالإيجابية المطلقة لها القدرة على ايجاد نوع من التغيير والتأثير في
المجتمع لتكمل بناء الجيل وتحافظ على القيم والعادات الاصيلة والموروث الثقافي من خلاله .