بناء الثقة لمواجهة الاشاعة
زهير كاظم عبود
مع مرور الزمن تراكم شعور انعدام الثقة بين المواطن و الحكومة ٬ انعدام الثقة لم يكن وليد اليوم انما كان حصيلة سنوات عديدة اثبتت الأيام ان اغلب تصريحات الحكومات والمسؤولين بعيدة عن الواقع ٫ أجهزة السلطة تمارس دورا في اعتماد منهج غير واقعي وبعيد عن المصداقية في الإعلان عن قضية معينة ٬ يتميز الموقف دوما بعدم الدقة ومحاولة النفي او التبرير والابتعاد عن الحقيقة والمصداقية ما يجعله متعارضا ومتناقضا مع الثقة ٬ وهذا الامر يعود اما الى عدم تقدير المسؤول لما يطرحه للناس امام الاعلام خصوصا بعد ان اصبح متاحا ومنتشرا بشكل علني ٫ او انه لا يمكن له التصريح بشكل واضح ومنطقي لأسباب عديدة ٬ وفي اغلب الأحوال ونتيجة انعدام الثقة بين المواطن والحكومة تنتشر الاشاعات والتخمينات غير المبنية على أسس واقعية او حقيقية ٬ والاشاعة كما نعرف تعتمد اخبار غير حقيقية تنتشر بين أوساط المجتمع دون وجود مصدر لها بسبب غياب الخبر المؤكد والحقيقي وتنتشر بسرعة .
ملفات عديدة تهم حياة الناس وامنهم وحرياتهم تخضع للتحقيق والتدقيق ثم تختفي دون ان نتعرف على ما توصلت اليه اللجان التي تشكلها الحكومة ٬ ملفات الفساد الذي يتهم فيها مسؤولين كبار في الدولة ٬ والصفقات المشبوهة التي ينفضح بها أسماء الضالعين بها ٫ الأموال العراقية المهربة الى الخارج ٬ العقارات التي تم الاستيلاء عليها وفق عمليات شراء صورية ٬ تصدير الكهرباء الي دول الجوار ٬ صفقات الأسلحة التالفة والتي ليس لها فائدة في العمل العسكري ٬ ملف سقوط الموصل ومجزرة سبايكر ٬ عمليات سرقة و تهريب النفط الخام ٬ بيع المناصب الحكومية وملفات البنك المركزي العراقي ٬ التحقيقات والمحاكمات التي تنهي قضايا جرائم القتل العمد للمحتجين والمتظاهرين ٬ الميزانيات التي لم تتم مناقشتها واختفت من جداول الإقرار ٬ جرائم الاختطاف والحجز التي تقوم بها مجموعات مسلحة لمواطنين عراقيين قضية السلاح المنفلت ٬ تزوير الانتخابات وحرق صناديق الاقتراع ٬ وامام السكوت والصمت الذي تمارسه الحكومة دون ان تبين الأسباب الوافية مما يجعل عدم التحكم وعدم القدرة على تعزيز الثقة ومواجهة الشعب بالحقائق .
قبل فترة صدرت عن الحكومة تصريحات تقضي بالكشف عن شبكة تحترف الابتزاز الالكتروني والتلاعب بنتائج الانتخابات القادمة وتغيير نتائجها والإساءة لمختلف الشخصيات السياسية والاجتماعية في الدولة العراقية ٫ تم القبض على ثلاثة متهمين اعترف منهم اثنان بشكل تفصيلي ومعزز بالأدلة المعتبرة.
هذه الشبكة تتخفى تحت أسماء مستعارة وتتصدى بالتعرض لكل قلم وطني وصوت حر يدافع عن رايه وتتعمد الإساءة للشخصيات السياسية التي تختلف مع المسؤول السياسي النافذ ٫ وتعد الاعمال التي يقومون بها تقويضا للعملية السياسية وبث الفوضى والتحريض بين الشخصيات والفصائل السياسية وهي من الجرائم الكبيرة والخطيرة التي تدخل ضمن نطاق الجرائم الماسة بآمن الدولة الداخلي والمقترنة بالظروف المشددة.
تعزيزا للثقة وكبادرة من بوادر تعزيز العلاقة والمصداقية بين الشعب والحكومة ننتظر جميعا الكشف عن أسماء من يتم اتهامهم والتحقيق معهم واحالتهم على المحاكم المختصة بعد ان تم تجريمهم وصدور قرارات الحكم الباتة بهذا الصدد لخطورة الاتهامات وحسما لما يتداول في الشارع العراقي ومنصات التواصل الاجتماعي وتعبيرا جديا وواضحا عن التصدي بحزم وبصدق ضد الفاسدين وسراق المال العام وقوت الفقراء ٫ ومصداقية ان يكون القانون فوق الجميع وان القضاء العراقي مستقلا لا سلطة عليه غير القانون ٫ فهل يمكن ان نلمس ذلك قريبا ؟ وان نلمس أيضا انجاز التحقيقات بأسرع وقت ممكن حتى يمكن إحالة من تراه محكمة التحقيق الى المحاكمة في حال توفر الأدلة الكافية للمحاكمة.
لم تلتفت الحكومة الى مسالة بناء الثقة مع الناس ٫ وبقيت لا تعطي أهمية لهذا الجانب مع حاجتنا الماسة لبناء الثقة بالاطلاع على النتائج ٬ وان يكون الشعب على اطلاع بالحقائق مع توضيح قدرة الحكومة على المعالجة دون اللجوء الى النفخ والتزويق والوعود التي ليس لها حظ في التنفيذ ٬ وان تلجا الحكومة على عرض الامر وفقا لصورته الحقيقة ٬ بهذا الشكل ستجد ان المواطن حين يقتنع بهذا الامر تتعزز لديه الثقة بما تقوم به الحكومة من خطوات تساهم بشكل اكيد على ترصين جبهتنا الداخلية واستقرارنا الداخلي.
وضعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بحاجة ماسة لمواجهة شجاعة لمنظومة الاشاعة التي تشيع القلق وتفقدنا الثقة ٬ ننتظر الى ما يعزز ثقتنا بعمل الحكومة ووعود المسؤولين التي ينبغي ان تحكمها كلمة الشرف والضمير والمسؤولية .