نشر موقع “الناس نيوز” لقاءً أجراه الأستاذ وائل السواح مع الدكتور برهان غليون، تناول قضايا متعددة تتعلق بالشأن السوري -نظام ومعارضة- وتدخلات القوى الإقليمية وغيرها من المواضيع.. ومن بين الأسئلة العديدة جاء السؤال التالي: “كيف تنظر إلى مسألة التوتر في الأوقات بين العرب والكرد؟ يبدو أن حزب الوحدة الشعبية -هو يقصد حزب الاتحاد الديمقراطي- يعدل قليلا من خطه السياسي وقد استبعد الانفصال وحتى “الفيدرالية، متبنيا مفهوم “اللامركزية الموسعة”. هل حان الوقت لدمج الحزب ومجلس سوريا الديمقراطية بمعارضة سورية موحدة؟”. وقد جاءت إجابة السيد غليون كما يلي: “ينبغي بالتأكيد فتح حوار معمق مع جميع القوى السياسية الكردية السورية لأن من المفترض أنه لا شيء يحول بينها والعمل على مشروع ديمقراطي. وما برز من خلافات في السنوات السابقة مع قوى المعارضة السورية الأخرى كان ثمرة انحراف بعض الأحزاب الكردية السورية عن الأجندة الديمقراطية الواحدة والعمل على أجندات مختلفة قومية وحزبية، وهو أيضا ما يفسر تشكيلها لقوات عسكرية خاصة، سواء أكانت البيشمركة لدى أحزاب المجلس الوطني الكردي أو قوات حماية الشعب لدى الاتحاد الديمقراطي. وهذه المسألة إلى جانب مسألة نظام الإدارة الذاتية وحدود سلطاتها السياسية والجغرافية شرق الفرات ونمط سيطرة سلطة الحزب الواحد، وبلورة رؤية مشتركة للحقوق القومية الكردية في إطار الجمهورية السورية، من المسائل الرئيسة التي ينبغي التوصل فيها إلى حلول ديمقراطية مقبولة من جميع السوريين”.
إننا ورغم تقديرنا للكثير من المواقف المتقدمة للسيد “برهان غليون” بخصوص مختلف القضايا الديمقراطية والوطنية السورية ومنها القضية الكردية، إلا إننا نلاحظ بأنه ما زال وللأسف يحاول وضع اللوم على الضحية -أي الأحزاب والقوى السياسية الكردية بطرفيها؛ المجلس الوطني الكردي والإدارة الذاتية- حيث يجيب رداً على السؤال بخصوص “دمج الحزب ومجلس سوريا الديمقراطية بمعارضة سورية موحدة؟” لأن يقول: “ما برز من خلافات في السنوات السابقة مع قوى المعارضة السورية الأخرى كان ثمرة انحراف بعض الأحزاب الكردية السورية عن الأجندة الديمقراطية الواحدة والعمل على أجندات مختلفة قومية وحزبية..” حيث نجد هنا بأن قد تم إدانة طرف واحد -وهي القوى الكردية- رغم أن أحد الأطراف مشارك ضمن قوى المعارضة السورية “الإئتلاف”، وأن الطرف الآخر لم يطرح يوماً مشروعاً انفصالياً، كما جاء في سياق السؤال، بل كان دائماً صاحب طرح مشروع فيدرالي ديمقراطي وأعتقد بأن أي متابع للشأن السياسي يدرك جيداً الفرق بين الانفصال -بالأحرى الاستقلال- والدولة الفيدرالية، لكن الأهم من كل ما سبق فهو؛ أي السيد غليون، لم يتطرق للجانب الآخر من الخلاف السوري السوري ونقصد قوى المعارضة السورية -وبالأخص الجناح الإخواني- وخضوعه للإرادة التركية وأجنداتها السياسية وهو السبب الأهم، كما أشرت في أكثر من مقال، بأنها هي من تقف خلف إبعاد الكرد وتحديداً الإدارة الذاتية لتكون جزء من المعارضة السورية وذلك خوفاً من بلورة دور كردي حقيقي في المعضلة والمعادلة السورية، كون تركيا تدرك جيداً بأن من يملك القوة والإرادة يمكن أن يغير من المعادلات السياسية، بينما الضعفاء لن يكونوا إلا شهداء زور على سياساتها الاحتلالية.
عموماً يبقى مواقف الأستاذ غليون أفضل من الآخرين وذلك بالرغم من بعض ملاحظاتنا، وكمثال على موقفه المتقدم، نأخذ من إجابته على السؤال السابق ما جاء بخصوص حل المسألة الكردية، فالرجل يقر بأن؛ “بلورة رؤية مشتركة للحقوق القومية الكردية في إطار الجمهورية السورية، من المسائل الرئيسة التي ينبغي التوصل فيها إلى حلول ديمقراطية مقبولة من جميع السوريين” حيث ورغم مطاطية القول وربطها بمسألة “القبول من جميع السوريين” وهو تمييع للقضية أو بالأحرى إعطاء وعود بما لا يمكن قدرتك على تحقيقه، كوننا ندرك جميعاً بأن “القبول من الجميع” يعني الرفض ب”طريقة ديمقراطية” ولذلك كان من الواجب الإنساني والأخلاقي، قبل أن نقول الوطني والديمقراطي؛ أن يكون مؤيداً لحقوق كل المكونات الوطنية على أساس دولة اتحادية ديمقراطية لا مركزية تقر بحقوق الجميع ومنهم الكرد وفق مبادئ فوق دستورية وذلك على أساس الشراكة الوطنية والحفاظ على النسيج المجتمعي والوطني السوري، أما ربطها بشرط موافقة “جميع السوريين” فهو نوع من الرفض أو بالأحرى “الضحك على الذقون” وتحديداً ذقون الساسة الكرد ولذلك لا حلول حقيقية للمعضلة السورية دون إشراك دولي في وضع دستور اتحادي فيدرالي ديمقراطي و”مناطق ذات حكم ذاتي”، كما يقرها في إجابته على السؤال الذي يليه بخصوص الحل السوري وذلك عندما يقول: “والحل ليس بإدخال الأحزاب الكردية، وإنما بالعودة إلى مفاوضات جدية تحترم قرارات مجلس الأمن ومنها 2254، شكلا ومضمونا، وتبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي تعمل حسب وثيقة دستورية مؤقتة للإعداد، تحت إشراف الأمم المتحدة، لانتخابات ديمقراطية تنجم عنها حكومة تمثيلية هي المخولة بحل المشاكل البنيوية الرئيسة بما فيها شكل الدولة والنظام المركزي أو اللامركزي أو حتى مناطق الحكم الذاتي إذا كانت هناك مطالب مشروعة لإقامتها”.. بالتأكيد هناك ليس فقط “مطالب مشروعة”، بل أسباب مشروعة يا سيد غليون.
– رابط الحوار للمزيد من الاطلاع والقراءة:
وقفة مع الذات: برهان غليون يضع النقاط على الحروف – الناس نيوز (annasnews.com)
https://pirkurdi.wordpress.com/.%d8%a8%d8%b1%d9%87%d8