برنارد لويس والقضية الكردية
مير عقراوي
إستهلال وتعريف : من هو لويس ؛
برنارد لويس 1916 – 2918 : [ ولد لويس في لندن لعائلة يهودية من الطبقة المتوسطة ، ودرس في جامعات لندن وباريس قبل أن يصبح أستاذاً مساعداً للدراسات الإسلامية في كلية الدراسات الشرقية عام 1938 . وخلال الحرب العالمية الثانية عمل في الإستخبارات البريطانية في الشرق الأوسط . ] يُنظر موقع ( بي بي سي ) البريطاني ، القسم العربي ، تأريخ 20 / مايو – أيار / 2018
ثم يضيف ال( بي بي سي ) عن برنارد لويس : [ وفي الفترة بين 1949 – 1974 عمل أستاذاً لتاريخ الشرق الأدنى والأوسط في كلية الدراسات الشرقية ، وقد أصدر العديد من الدراسات المميزة ، وكان من الكتّاب المُفضَّلين لرئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدا مائير ] ينظر نفس المصدر المذكور والتأريخ .
كما أضاف ال( بي بي سي ) عنه : [ في عام 1974 هاجر برنارد لويس الى الولايات المتحدة ، حيث آحتل مقعداً بدراسات الشرق الأدنى ، ليبدأ رحلته في التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية ، وعلى صُنَّاع القرار في واشنطن ] . ينظر نفس المصدر المذكور والتأريخ .
الغريب في الأمر عن برنارد لويس إنه أنكر مذابح الأرمن التي آرتكبتها الدولة التركية – العثمانية عام 1915 من القرن الماضي ، وذلك لشدة علاقاته مع تركيا . نقل موقع ال( بي بي سي ) البريطاني عن لويس في هذا الصدد إنه [ أنكر مذابح الأرمن ، حيث رفض تسمية ما حدث بالمجزرة وآعتبارها أعمال مؤسفة أوْدت بحياة أتراك وأرمن على حدٍّ سواء ، وأدى موقفه هذا الى محاكمته في فرنسا ] ينظر نفس المصدر المذكور والتأريخ .
لأجل مواقف برنارد لويس الإيجابية لتركيا فإنها كرَّمته العديد من الجوائز والأوسمة ، وهي :
1-/ وسام الشرف من وزارة الثقافة التركية عام 1973 .
2-/ العضوية الشرفية في أكاديمية أتاتورك للتاريخ واللغات والثقافة في تركيا عام 1984 .
3-/ جائزة التعليم التركية عام 1985 .
4-/ العضوية النخبوية من أكاديمية العلوم التركية عام 1997 .
5-/ جائزة السلام من جامعة أتاتورك التركية عام 1998 . ينظر في هذا الصدد موقع ( العين الإخبارية ) .
كان برنارد لويس معجبٌ ومنبهرٌ كثيراً بمؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك وأفكاره وسياساته ، حيث يثني عليه ويتحدث عنه كثيراً ويكيل له المديح في كتبه ودراساته ، لعله من هنا وحسب يمكننا التخمين كيف يمكن أن يكون موقفه السلبي وآراءه غير الموضوعية وغير المحايدة إزاء القضية الكردية ، بخاصة في كردستان / تركيا ..؟
برنارد لويس والولايات المتحدة : يذكر موقع ال( بي بي سي ) البريطاني مدى قرب لويس وتأثيره على الإدارة الأمريكية ، بخاصة بعد هجمات الحادي عشر من أيلول الإرهابية : [ يقول السياسي الأمريكي ريتشارد بيرل ؛ إن برنارد لويس كان أكثر المثقفين تأثيراً فيما يتعلق بإدارة النزاع بين الإسلام الراديكالي والغرب . وكان هنري كيسنجر يرجع اليه ] ! . ينظر موقع ال( بي بي سي ) البريطاني – القسم العربي ، تأريخ 20 / مايو – أيار / 2018 .
لقد كان برنارد لويس عالماً ومفكراً ومنظِّراً إستراتيجياً كبيراً وبارعاً ، وكان يجيد عشر لغات ، وله مؤلفات تربو على الثلاثين ، منها :
1-/ ( نشوء تركيا الحديثة ) .
2-/ ( العرب في التاريخ ) .
3-/ ( الحشَّاشون ) .
4-/ ( كيف آكتشف المسلمون أوربا ؟ )
5-/ ( الساميون والّلاساميون ) .
6-/ ( العنصرية والعبودية في الشرق الأوسط ) .
7-/ ( صِدام الحضارات ؛ المسيحيون والمسلمون واليهود في عصر الإكتشافات ) .
8-/ ( الشرق الأوسط ؛ ألفا سنة من التاريخ من فجر المسيحية حتى يومنا هذا ) .
9-/ ( أصول الإسماعيلية والفاطمية والقرمطية ) .
10-/ ( مستقبل الشرق الأوسط ) .
11-/ ( أين الخطأ ؟ ) .
12-/ ( الإسلام والغرب ) .
13-/ ( اللغة السياسية للإسلام ) .
14-/ ( ثقافات متصادمة ) .
كما يُنسب الى برنارد لويس إشكالية صراع الحضارات التي طرحها أول مرة قبل هنتانتون ، وهكذا يُنسب اليه طرحه في تفكيك الدول العربية وغير العربية . لهذا يعتقد البعض بأن ما جرى من الأحداث فيما يُسمى بالربيع العربي هو داخلٌ ضمن ما خطط ونظَّر له برنارد لويس في مشروعه منذ مطلع عام 1980 من القرن العشرين المنصرم .
برنارد لويس والقضية الكردية :
يتحدث برنارد لويس بأن الدول العربية آيلةٌ الى التفكك والإنقسام ، فيقول في هذا الشأن : [ الدول العربية هي الأكثر عرضة لخطر التفكك ، فإنها ليست الوحيدة . فالإتجاه نحوالتفكك سيزداد بتشجيعٍ من الشعور الإثني والشعور الطائفي المتناميين . وقد تسرَّبت الفكرة المُغرية في حق تقرير المصير الى عدد من الأقليات الإثنية التي لم تعد تكتفي بوضعها السابق ] . ينظر كتاب : ( مستقبل الشرق الأوسط ) لمؤلفه برنارد لويس ، الناشر : شركة رياض الريس للكتب والنشر ، بيروت / لبنان ، ط 1 ، كانون الثاني / يناير ، عام 2000 ، ص 80 – 81
الكتاب المذكور أعلاه للويس مطبوعٌ بترجمته العربية عام ألفين وآندلع ما يُسمى بالربيع العربي بعد عقدٍ في تونس ومصر وليبيا وسوريا ، وفي سوريا التنافس والصراع الدولي مازال قائماً وعلى أشده . لذلك يبدو إن نبوءة برنارد لويس ، أوتحليله العميق للمنطقة وبلدانها وشعوبها وإثنياتها وطوائفها قد صدق وتحقق ! .
بعدها يتحدث برنارد لويس عن الشعب الكردي ، فيقول : [ أهم هذه الأقليات على الإطلاق الأكراد الذين يصل عددهم الى عدة ملايين ويتكلمون لغة واحدة ، أو بالأحرى مجموعة لهجات مترابطة تشارك اللغة الفارسية العائلة اللغوية نفسها .
إن الأكراد شعب قديمٌ جداً ، لكنهم لم يحققوا دولة منفصلة في أيِّ يومٍ من الأيام ، ويتوزع وطنهم بين تركيا والعراق وايران ، وهي دولٌ لعب الأكراد فيها دوراً مهماً . وتوجد مجموعات صغيرة من الأكراد في سوريا وجمهوريات عبر القوقاز ] . ينظر نفس المصدر والمؤلف ودار النشر والمكان والزمان ، ص 81
لم يُشر لويس إن الدول الغربية هي التي قسمت كردستان وطن الشعب الكردي خلال وبعد الحرب العالمية الأولى [ 1914 – 1918 ] في إتفاقيات معروفة بعد سقوط الدولة العثمانية ، حيث أشهرها إتفاقية سايكس – بيكو عام 1916 ، وإتفاقية لوزان عام 1923 ، ثم ألحق كل جزءٍ من كردستان بالدول الجارة لها . وبهذا فإنها أقامت حظراً دولياًعلى قيام الدولة الكردية ، ومازال الحظر الدولي ساري المفعول حتى أيامنا هذه . من ناحية أخرى لقد بخس لويس تعداد الشعب الكردي ونسبته السكانية ، فقال بأنه [ عدة ملايين ] ، مع إن تعدد الكرد هو أكثر من ضعفي عدة ملايين التي ذكرها ! .
ثم يُشيد لويس بتركيا ، فيقول : [ ومن بين كلِّ مَواطن الأكراد ، تملك تركيا لوحدها مجتمعاً منفتحاً ودستوراً ديمقراطياً . ولهذا السبب بالتحديد ، تتعرض تركيا لأكبر مقدار من الخطر الناجم عن تنامي الشعور القومي الكردي .
وقد كان الصراع في تركيا شديد المرارة – عصيانٌ مسلَّحٌ وإرهابٌ من جهة ، وقمعٌ قاسٍ من الجهة المقابلة . لكن هناك بعض المؤشرات التي تدلُّ على تحسن الوضع . ] ينظر المصدر السابق والمؤلف ودار النشر والمكان والزمان والطبعة ، ص 81 – 82
يبدو بوضوح إن برنارد لويس لم يكتب عن الكرد في كردستان / تركيا بحيادٍ وموضوعيةٍ وعدلٍ وإنصافٍ ، إذ هو يعتبر تركيا فقط [مجتمعاً منفتحاً ودستوراً ديمقراطياً ] ، ولذلك السبب بالتحديد تتعرض تركيا لأكبر قدرٍ من الخطر لتنامي الشعور القومي الكردي . بالحقيقة إن ما ذكره لويس بشأن الإنفتاح المجتمعي التركي فهو لا يُصدَّقُ بالمرة حول الكرد وكردستان ، فالترك بغالبية ، هذا ناهيك عن الحكومة التركية لهم حساسية مفرطة وعنصرية مغالية نحو الكرد وكردستان ، وهم تبعاً لحكوماتهم لا يعترفون بالكرد كأمة ولا بكردستان كوطن لها على الإطلاق . ثم الغريب في الأمر يعتبر لويس تنامي الشعور القومي الكردي ، هو أكبر خطر لتركيا . كذلك يعتبر لويس المقاومة الكردية في كردستان / تركيا ، هي [ عصيانٌ مسلَّحٌ وإرهابٌ ] ، وهذا يعني إنه ينظر الى القضية الكردية في كردستان الملحقة بتركيا بمنظار تركيا الرسمية ؛ حكومةً وسلطة ونظاماً ، وهو منظارٌ موغلٌ في العنصرية ، وهو كذلك منظارٌ موغلٌ في الفاشية إزاء كل ما يتعلق بالكرد وكردستان . بل يمكن القول على أساس الحقائق والوقائع والوثائق الدامغة للماضي والحاضر أن تركيا هي أكثر دولة تحارب الكرد وكردستان من بين سائر الدول التي تتقاسم أجزاء كردستان وتنكر حقوقهم السياسية والإنسانية وهويتهم الوطنية وترفضها رفضاً قاطعاً .
يزعم برنارد لويس ويُكرر ب[ تحسُّن الوضع ] بالنسبة للكرد في تركيا ، وهو [ لم يكن هناك أيَّ عقباتٍ أمام تقدم الأكرد في تركيا ، فقد تبوَّأوا أعلى المناصب في البلاد ، لكن الشرط الدائم كان قبولهم الكامل بالهوية التركية ، والتخلِّي عن أيَّةِ هويَّةٍ كرديةٍ ] ! . ينظرالمصدر السابق والمؤلف ودار النشر والمكان والزمان والطبعة ، ص 82
إن برنارد لويس يعلم جيداً مدى العنصرية التركية تجاه الكرد ، ومدى آضطهادها لهم وغمط حقوقهم ، وهوما آعترف به في مشروطية قبول الكرد تركيا يجب [ التخلي عن أيَّةِ هوية كردية ] مقابل القبول الكردي الكامل ب[ الهوية التركية ] ، وهذا هو شرطٌ دائمٌ لقبول الكرد في تركيا [ الديمقراطية ] التي يمتدحها لويس في غالبية مؤلفاته ، بل إن لويس يذهب الى أبعد من ذلك ، وهو تتريك العالم الإسلامي والعربي . واليوم فإن جهود الإخوان المسلمين تصبُّ لصالح عملية التتريك في المنطقة التي يقودها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، حيث نرى التمدد والتدخل التركي المباشر ، أوغير المباشر في العديد من البلدان والدول العربية ، مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن ، أو الأفريقية كالصومال ، أو غير العربية ككردستان . مضافاً الى دعم التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة ، مثل النصرة وداعش وحركة الإخوان المسلحة في ليبيا .
كما بالمقابل معلومٌ التمدد والتوسع الإيراني في البلدان المذكورة بشكل مباشر ، أوغير مباشر ، بخاصة في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرها من البلدان التي تنشط فيها ايران ، أو عبر التنظيمات والميليشيات المسلحة التابعة لها والتي تمولها .
يتضح مما أشرنا اليه الى ان تركيا من خلال زحفها وتوسعها بالمنطقة إحياء الإمبراطورية العثمانية ، كما إن القادة الأتراك لا يخفون ذلك . هكذا فإن ايران من خلال زحفها وتوسعها بالمنطقة تهدف الى إحياء الإمبراطورية الصفوية وفرض الشيعية الصفوية على شعوب المنطقة . في هذا الصدد أيضاً فإن القادة الإيرانيين لا يخفون طموحاتهم خارج بلاد فارس أبداً ، أو ايران كما سُمِّيت خلال الثلاثينيات من القرن الماضي . وقبل أعوام صرح وزير الأمن والإستخبارت الإيراني الأسبق علي فلاحيان ، وهورجل دين أيضاً بأن بغداد العاصمة العراقية ، هي عاصمة الإمبراطورية الإيرانية ! .
معلومٌ إن الصفوية الجديدة التي تقودها ايران لا تكتفي بالعراق وحسب ، بل لها مشروعٌ إستراتيجيٌّ مذهبيٌّ – سياسيٌّ في السيطرة على شبه الجزيرة العربية وأقطار الخليج العربي . لذلك فإن ايران منذ إنتصار الثورة الخمينية عام 1979 من القرن الماضي أقدمت على التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان المذكورة من خلال بعض أتباعها من الشيعة لتلكم البلدان . في هذا الصدد إن القيادة المركزية للحرس الثوري الإيراني أسست تنظيمات وميليشيات مذهبية شيعية بآسم العراق والسعودية والكويت والبحرين ولبنان وغيرها ، وذلك كمقدمات تمهيدية لتفعيل آستراتيجيتها الآنفة الذكر .
على هذا فإن ذروة المشروع الإستراتيجي للصفوية الجديدة ، هي الإستيلاء على الحرمين الشريفين لكي تتمكن من التحكم بالعالم الإسلامي والعربي وشعوبه . وكان قاسم سليماني قائد فيلق القدس للحرس الثوري الإيراني السابق الذي آغتيل في العراق ، في بداية العام الحالي كان يُمثِّل عملياً وبأمرٍ من المرشد الإيراني علي خامنەای رأس الحربة للمشروع الإيراني والإستراتيجية المذهبية – السياسية الإيرانية ، حيث تنفق عليها ايران أموالاً ضخمة وطائلة منذ نحو أربعة عقود مضت .
بالعودة الى برنارد لويس وتركيا وآهتمامه المتميز بها وكيل المديح لها والإشادة بديمقراطيتها ، يقول لويس : [ فاللغة الكردية تستعمل بحرية وعلى نظاق واسع والكتب الكردية تباع في المكتبات ، بما فيها تلك الواقعة في أنقرة وآسطنبول ] . ينظر المصدرالسابق والمؤلف ودار النشر والمكان والزمان والصفحة .
إن الحرية التي يقصدها لويس ويشيد بها ، هي محدودة وتقتصر على جانب من الكتب الذي تتناول الشعر والأدب أو المناحي الدينية ، مثل التصوف . أما التي تتناول المناحي الأخرى كتاريخ الكرد وكردستان وما شابه فإن تركيا حتى اليوم ليست مخالفة لها فقط ، بل تحاربها بضراوة ، لا بل إن السلطات التركية تعتقل النواب الكرد لأسباب عنصرية وغريبة ، مثل حديثهم في البرلمان بلغتهم الأم الكردية كما حدث للزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش الذي مازال يقبع في السجون التركية . مضافاً الى سجن الزعيم الكردي المعروف عبدالله أوجلان منذ عام 1999 من القرن الماضي وحتى أيامنا هذه ، هذا ناهيك عن الإغتيالات التي تقوم بها الإستخبارات التركية ضد الكتاب والمثقفين الكرد في كردستان / تركيا وتركيا نفسها ، بل في خارج تركيا أيضاً .
ثم يضيف لويس :[ ينتاب بعض الأكراد شعور متنام بأن إتصالهم بالعالم الخارجي لايمكن أن يتم إلاّ عبر إحدى هذه الدول . ومن بين الدول الثلاث ، تقدم تركيا ، بديمقراطيتها ومظهرها الغربي ، الإمكانية الأكثر جاذبية بأشواط لتحقيق ذلك ] . ينظر المصدر السابق والمؤلف ودار النشر والمكان والزمان والطبعة ، ص 82 – 83
الإشكالية في برنارد لويس ، هي إنه لا يقرُّ بالمعاملة والسياسة الفاشية والعنصرية التي تنتهجها الحكومة التركية ضد كل ما يتعلق بالكرد وكردستان ، وهو دوماً – كما قرأنا – يُسوِّق ويشيد بالديمقراطية التركية وبمظهرها الغربي . على هذا فإن لويس يأمل : [ بحصول بداية تسوية بين الأتراك والأكرد في السنوات المقبلة . لن تشمل التسوية دولة كردية ، فالدول الثلاث ستعارضها بعناد . لكن يمكن للتسوية أن تتضمن مقداراً مهماً من الإستقلال الذاتي الثقافي وربما بعض الإستقلال الذاتي الإقليمي ، ما يسمح للأكراد بتعزيزهويتهم الثقافية وتطويرها مع بقائهم مواطنين مخلصين ومنتجين في الجمهورية التركية . ويمكن لترتيب مشابه للتعايش القائم بين الإنجليز والإسكتلنديين والويلزيين في المملكة المتحدة أن يقدم الحل المطلوب ] . ينظر المصدر السابق والمؤلف ودار النشر والمكان والزمان والطبعة ، ص 83
إن أوضاع الإسكتلنديين والويلزيين لا يمكن مقارنتها بالأوضاع التي عاشها ويعيشها الشعب الكردي في كردستان / تركيا . ذلك إن تركيا لا تقر بوجود القومية الكردية ولا بوطنها كردستان بأيِّ شكلٍ من الأشكال ، ثم هي – أي تركيا – من خلال العنصرية العرقية تتعامل مع الكرد وكردستان وتحاربهم وتضطهدهم إضطهاداً قَلَّ مثيله ونظيره في التاريخ . في ذلك يشهد التاريخ الماضي والحاضر والكرد أنفسهم ، ويشهد بذلك المستقلون المنصفين من العلماء والصحفيين والكتاب الغربيين ، وبعض المنصفين الأتراك أنفسهم ، في مقدمتهم عالم الإجتماع التركي المعروف الدكتورإسماعيل بيشكجي الذي تعرض للإضطهاد والسجن أكثر من مرة بسبب كتبه القيمة ومواقفه الموضوعية الجريئة نحو القضية الكردية . ومن ناحية أخرى فقد مضى عقدٌ كاملٌ على أمل لويس في تحسُّن أوضاع الكرد في كردستان تركيا ، لكنها لم تتحسن فقط ، بل إن تركيا ضاعفت في عنصريتها وآضطهادها للشعب الكردي .
بعدها يضرب برنارد لويس بالدفِّ والمزمار لتركيا كما هو عادته ، قائلاً : [ ولا تملك الأقليتان الكرديتان في العراق وايران أملاً مماثلاً في مستقبلٍ زاهرٍ في الوقت الراهن . فهذا المستقبل مرتبطٌ بوضوحٍ بالمستقبل المنظور لتطور الأحداث في هذين البلدين ] . ينظر نفس المصدر المذكور والمؤلف ودار النشر والمكان والزمان والطبعة ، ص 83 – 84
الجدير بالذكر والّلافت للنظر إن لويس وأمثاله من المثقفين والسياسيين والصحفيين والكتاب في الغرب دوماً يتحدثون بتركيزٍ عن مظلومية الشعب الكردي في العراق وقلما تحدثوا وتطرقوا الى الأوضاع البئيسة التعيسة للشعب الكردي في تركيا وايران ، على وجه الخصوص تركيا . على هذا الأساس نتساءل : هل إن العراق وحده يتقاسم كردستان ويضطهد الشعب الكردي ، ولماذا لا يتم الحديث والتركيزعلى تركيا وايران وأوضاع الشعب الكردي المنكوبة فيهما ، لأن تركيا وبعدها ايران تتقاسمان أكبر جزئي كردستان من حيث المساحة والسكان ، بالتحديد تركيا …؟