للأسف، رغم السنوات الطوال من الدمار والكوارث؛ لاحظنا أن خطاب رئيس الإتلاف (نصر الحريري) قبل أيام بحق الكورد من خلال الإدارة الذاتية، لم يختلف عن خطاب الثلة المعارضة العنصرية، ولا عن ثقافة البعث سابقا ولا عن خطاب النظام الأسدي تجاه الكورد. فكلمته إلى ما سبقها من موبقات شريحة من المعارضة العربية، زادت من قناعتنا على أن أحد أهم أسباب تخلي أصدقاء سوريا عن المعارضة، ودعم روسيا للسلطة الإجرامية وفشل الثورة السورية، وقرب زوال المعارضة، هي نوعية وصفات الشخصيات الذين شكلوا وترأسوا الإتلاف، والمنظمات العسكرية، المدرجون ما بين الخيانة، والانتهازية، والارتزاق إلى جانب العنصرية والكراهية تجاه الأخر غير العربي وغير السني.
فمن الغرابة أن تتملق قيادة الإتلاف، وعلى لسان رئيسها الحالي نصر الحريري وبشكل مبتذل لأمريكا، وتعرضها كصديقة، في الوقت الذي تحرم علاقاتها مع الكورد، ومن الأغرب أنهم يستخدمون نفس منهجية تركيا والسلطة في محاربة الشعب الكوردي، يتهمون الإدارة الذاتية بالإرهاب، والبشرية تعلم من حارب داعش ومن دعمها، وكيف سكت الإتلاف وقياداتها في الأيام التي هاجمت شنكال، وسبوا النساء الكورد الإيزيديات، ويوم كانوا يدمرون كوباني، إلى جانب مساندتهم لتركيا بتقديم مرتزقتها، واليوم يدعمون وبنفس الأساليب المنظمات العسكرية التكفيرية الأخرى في عفرين وما بين كري سبي وسري كانيه.
للإدارة الذاتية أخطاؤها، لكن ولأنها تتبنى الأممية منهجا، فهي كثيرة بالنسبة للشعب الكوردي دون العربي، مع ذلك ومن البعد العنصري، وبغياب الروح الوطنية، تتلقى كل أنواع التهجم من معظم قادة المعارضة السورية، على بعدين: أولا يفرزونهم كإدارة كوردية ومن خلالها يهاجمون الشعب الكوردي، بنفس المصطلحات التي تعودنا عليها منذ ما يقارب النصف قرن. ثانيا يستخدمون كل أنواع الكلمات البذيئة بحق الشعب الكوردي، وعندما يتلقون الرد، يتهمون الكورد بالتعصب والعنصرية، وهذه من ضمن الطرق الحديثة التي بدأ المتربصون بالشعب الكوردي وقضيته استخدامها في هذه المرحلة، خاصة بعدما لم يعد بإمكانهم التعتيم على قضيتهم في المحافل الدولية.
البعض يقول ليس دفاعا عن الإدارة الذاتية، ولكنني أقول دفاعا عنها وعن الحقيقة، وللمصداقية، رغم أخطائها؛ إن نصر الحريري، وأمثاله، يتناسون، أن الإدارة الأممية أو الكوردية:
1- تحتضن وتحمي ضمن المنطقة الكوردية؛ حتى اللحظة، ما يقارب مليوني مهجر سوري بكل أطيافهم، من مدن وأرياف الداخل إلى جانب أبناء محافظتي الرقة ودير الزور، وغيرهم.
2- أن قواتها العسكرية والمدنية، لم يقتربوا يوماً من المستوطنات الغمرية التي غرزها البعث في المنطقة الكوردية، ولم يجردوهم من آلاف الهكتارات المستقطعة من أراضي الشعب الكوردي، في الوقت الذي تقوم فيه المنظمات المدعومة سياسيا من الإتلاف بنهب أملاك الشعب الكوردي في عفرين، وقاموا بتقطيع الألاف من أشجار الزيتون. والانتهاكات اللاإنسانية بحق المواطنين الكوردي في مناطق الاحتلال التركي، حدث ولا حرج، إلى درجة أصبحت جرائمهم حديث أعلام منظمات حقوق الإنسان اليومية.
3- لم تفرض على قرى المكون العربي المنهاج الدراسي الكوردي، في الوقت الذي يفرضها اليوم تركيا والجيش اللاوطني السوري في مناطق عفرين وسري كانيه والباب وجرابلس وغيرها اللغة التركية والعربية على الكورد، وقطعت عنهم التدريس باللغة الكوردية التي كانت قد أصبحت لها عدة سنوات.
4- لم يحدث أن تم في منطقة الإدارة الذاتية أخلاء أي مواطن عربي؛ مهاجر، أو ملتجئ، أو غمري، من بيوتهم وأسكنوا فيها الكورد. في الوقت الذي تم فيه أخلاء الكورد من قراهم، وحاراتهم في منطقة ومدينة عفرين، وأجرت لعائلات عربية للارتزاق.
5- لم تنهب قوات الحماية الشعبية أو قسد، أية قرية عربية في المنطقة الكوردية، في الوقت الذي نهبت فيها قوات المعارضة العربية العشرات من القرى الكوردية في عفرين.
6- لم يحدث أية حالة اعتداء على المكون العربي في المنطقة الكوردية، نستثني خلايا داعش النائمة أو المتحركة والتي لا تزال واضحة بين بعض القبائل العربية في المنطقة. في الوقت الذي لا يمر يوم إلا ويتم اكتشاف جثث لفتيات كورد قاصرات، أو رجال طاعنين في السن أو أطفال دون سن البلوغ، تم قتلهم من قبل المنظمات الإرهابية العربية كالجيش الوطني أو الحمزات أو غيرهم، للترهيب أو لانعدام أمكانيات الأهالي تقديم الفدية المفروضة.
يقال: إن لم تخجل فأفعل ما تشاء، السيد نصر الحريري، نصب من قبل تركيا كرئيس للإتلاف الوطني السوري، وفي مرحلة حساسة من مسيرة الصراع مع السلطة الإجرامية، ليس لخدمة المجتمع السوري، بل لينفذ أجنداتها، وبالطرق التي تخططها، وكلمته الأخيرة عن الإدارة الذاتية خير مثال. فطريقة تلاعبه بعرض الأخطاء، والتهجم، ومن ثم اتهام قوات الحماية الشعبية وقسد بالإرهاب، وتصريفها على الشعب الكوردي بطريقة غير مباشرة، واضحة على أنها صياغة تركية، مستخدمة على مدى ما يقارب نصف قرن، فقط الحريري أدرجها على الحراك الكوردي في جنوب غرب كوردستان، تحت غطاء محاربة الـ ب ي د، والـ ب ك ك، والدعوة على تحويل إدارة الجزيرة للإتلاف.
كان الأولى برئيس الإتلاف، السيد نصر الحريري، في سياق كلمته، التحلي ببعض الوطنية، والتي لا تزال فتات منها غير مندثرة في أذهان البعض من المعارضة الشريفة، والعمل على التقليص من النعرات القومية بين الكورد والعرب، التي نشرتها سلطتي البعث والأسدين، والابتعاد عن توسيع شرخ الكراهية بينهما، والتي وللأمانة تحاربها الإدارة الذاتية بكل إمكانياتها منذ السنوات الأولى من سلطتها، إلى درجة هجر على خلفيتها الألاف من العائلات الكوردية، وأسواق المدن الكوردية خير شاهد على هذه الحقيقة، فقد أصبح من المعروف للجميع أن الإدارة من كثرة مراعاتها للمكون العربي تعفي مخازنهم من الضرائب، وقرى الغمريين لا تنقطع عنها الكهرباء والماء مثلما يتم في القرى الكوردية، لذلك كان بودنا سماع كلمة فيها القليل من المصداقية والإنصاف.
بودنا أن نقول ليس فقط لنصر الحريري، بل لكل قيادة الإتلاف، العنصريين والحاقدين منهم، الذين تركوا سلطة بشار الأسد، وأصبحوا يحاربون الكورد، أن إبراز الذات لا يحتاج إلى العبث في المفاهيم، ولا يتطلب إعادة صياغة ثقافة البعث بأوجه أخرى، ولا بنشر العنصرية العروبية بأغطية وطنية، فهذه تضر بالشعب العربي قبل الكوردي، وستدمر ما تبقى من مستقبل سوريا، أو بالأحرى ستكون السبب في عدم بلوغها إلى إي استقرار.
فمن أهم واجباتكم، يا سيد نصر كرئيس للإتلاف، إنقاذ ذاتكم والقيادات السابقة والمنظمة من الخيانة، خيانة بيع أجزاء من أرض الوطن، والتعامل مع أعداء الأمة، والتي أصبحت بادية للجميع، فما فعلتموه في السنوات الماضية، والتي سيحاكمكم عليها الشعوب السورية يوما ما، تجاوزت مسألة التعامل مع الدول الأجنبية لمكاسب خاصة، فالصفقات التي تمت على حساب المهاجرين الذين عاشوا الويلات في المخيمات التركية، إلى أن جعلتهم مرتزقة يموتون في ليبيا وما بين أذربيجان ويريفان، وأغرقت الألاف منهم في البحار، وأضاعت مثلهم في الغابات الأوربية، وقدمت المئات منهم طعما لتجار الأعضاء البشرية، مع ذلك ظل الصمت مخيما عليكم وعلى القيادة الفاسدة، وكما تعلمون الساكت عن الحق شيطان أخرس، في الوقت الذي كان أرض الوطن هؤلاء الشباب. كما أن المجتمع السوري لن ينسى بيعكم لثوار درعا الأبطال، يا أبن درعا، وكذلك ثوار الزبداني الذين ماتوا جوعا، والغوطة الشرقية وحلب الشرقية سابقا، وغيرها، فخيانة شريحة من قيادة الإتلاف أصبح يعلمها كل سوري. لقد شاركتم، وصادقتم على الصفقات التي تمت في قاعات المؤتمرات المتتالية التي جرت في أستانه وسوجي.
الخيانة ليست صعبة تحديدها، سقطت فيها منظمة الإتلاف الوطني مرات ومرات، وقد كنتم يا سيد نصر الحريري أحد أعضائها منذ البداية، واليوم عوضا عن العمل في تنقية المجاري الملوثة في أروقتها، وتوجيه كلمتكم إلى الدول التي تؤجر السوريين كمرتزقة، والتي تدعم الإرهاب وتتاجر بالثوار الحقيقين، تزيد الفساد عمقا في جسد المعارضة الموبوءة، وتضيف الأوبئة على حقول الخيانة.
الإرهاب لا يوجد بين الكورد، بل هو حولكم، حيث القوى التي تملي عليكم الأجندات، وهنا نتحدث عن إرهاب الدولة، تركيا وقطر تحديدا، وهي أخطر أنواعها، وهي لا تقل إجراما عن سلطة بشار الأسد، فالأولى تحتل جزء من سوريا وتطمح في أجزاء أخرى، وكأنها في صراع مع دولة أئمة ولاية الفقيه عرابة النظام الإجرامي، مثلما كانا عليها في زمن الصفويين والعثمانيين. أصحى يا رجل، وحاولوا أن توقظوا ضمائر قيادة الإتلاف الذين لم يعد لهم ضمير أمام مصالحهم.
برسم الخيانة (نصر الحريري) مثالاً
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا