تحركت الحكومة العراقية لاضعاف السيطرة الكردية على مدينة كركوك وخاصة للتوثق من حماية المناطق التي تمر بها انابيب النفط من كركوك الى الجنوب الغربي فجرى ترحيل الكرد الذين يقطنون قرب الانابيب والاستعاضة عنهم بعرب موثوقين اكثر . بعدها نفذ المزيد من استراتيجيات التعريب ، وابتداء من منتصف ثلاثينات القرن الماضي بدأت الحكومة العراقية بناء مشروع اروائي ضخم حول سهول الحويجة جنوب غربي كركوك – مناطق يطالب بها الكرد بوصفها مراعي تقليدية يتشاركون فيها احياناً مع عشائر عربية من الرحل بينها العبيد والجبور الذين نزحوا من الجنوب . وبعد انجاز المشروع وزعت مساحات من الارض على زوار المنطقة العرب الطارئين بدلاً من سكانها الكرد بالاضافة الى سهول قراج جنوبي محافظة اربيل وسهول قرة تبه جنوبي قضاء كفري ، وبذلك مد جسر عربي من الناحية الفعلية يحمي انابيب النفط ويغير التوازن الديموغرافي في محافظتي اربيل وديالى ، والاشد اهمية في محافظة كركوك لصالح السكان العرب . كانت فترة الحكم العسكري في العراق خلال السنوات الممتدة من 1963 الى 1968 فترة عصيبة بحق على كرد كركوك . وبعد النجاحات العديدة التي حققتها الثورة الكردية ضد قوات الجيش العراقي في جبال المنطقة الشاهقة ، كان نظام الحكم اشد تصميماً من اي وقت مضى على التأكد من بقاء سيطرته على كركوك راسخة ، وسعى الى الانتقام من كرد كركوك تعويضاً عن عجزه عن خوض المواجهة مباشرة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني نفسه . فهدمت احياء كردية في كركوك (لا سيما حي كوماري) ودمرت قرى كردية قرب المدينة . وفي دبس هجرت عائلات كردية لتوطين عشائر عربية بدلاً منها في نحو 35 قرية وطرد كرد يعملون في صناعة النفط او نقلوا خارج المحافظة واستخدم عرب للعمل في الشرطة المحلية ، وجرى تغيير اسماء شوارع ومدارس كردية الى اسماء عربية . من جهة نظر الكرد ، شكلت ستينات القرن الماضي نقطة انعطاف في علاقتهم مع الدولة العراقية فان تعريب كركوك تعريباً صارخاً ترافقه عملية نزع الهوية الكردية عنها ، اصبح استراتيجية واضحة تعتمدها الدولة وتنفذها بشراسة فتاكة . كما شهد عقد الستينات توتر العلاقة بين الكرد والتركمان بصورة متزايدة عقب مجزرة 1959 لكن ستينات القرن الماضي لم تكن بالنسبة للكرد ذروة معاناتهم على يد الدولة بل كان الآتي اسوأ .