عامر القيسي
تابعت باهتمام بالغ عملية استجواب السيد أمين العاصمة صابر العيساوي من قبل النائب شيروان الوائلي تحت قبة البرلمان يوم الاثنين الماضي التي استمرت أكثر من خمس ساعات طوال، وهي بطبيعة الحال ممارسة ديمقراطية وحضارية ومطلوبة ، وقرأتها جيدا فوجدتها خارج كل التوظيفات السياسية التي غالبا ما ترافق كل استجواب بقضايا يشم منها رائحة فساد او شكوك معينة فيها .وكان الاستجواب حول مشروع تطوير شارع المطار لاستقبال مؤتمر القادة العرب ، الذي تأجل ،
وكان الاستجواب عن مشروع كلفته 302 (مليار) دينار . موضوعنا ليس المشروع ولا الاستجواب ، موضوعنا هو كيف تعامل السادة النواب الذين كانوا متواجدين تحت قبة البرلمان ؟ كان بعضهم ، للأسف ، كما لو أنه في كافتريا البرلمان وليس في قاعة اجتماعاته ، دخول وخروج دون حتى اذن من رئيس الجلسة أسامة النجيفي ، أحاديث جانبية ونكات على ما يبدو لان الابتسامات كانت واضحة على شاشة التلفزيون ،انشغالات ثانوية لاعلاقة لها بموضوع الاستجواب ،لقد رصدت احد النواب الذي غادر القاعة اكثر من اربع مرات في اقل من ساعة وبالامكان العودة الى شريط التسجيل ، وهي حالة مستهجنة ، نبه اليها النائب شيروان الوائلي الذي اعترض قائلا ، يبدو ان أحدا لا يسمع ، وهو الشيء نفسه الذي نبه اليه امين بغداد العيساوي ، واضطر رئيس الجلسة النجيفي الى ان يدق مطرقته منبها الحضور الى ضرورة الانتباه والاستماع الى ما يجري !!
اسأل سؤالا بريئا عن سبب وجود نائب داخل البرلمان اذا كان لا يستمع الى قضية هي الوجه الثاني للارهاب وقيمتها المالية رقم فلكي ، ليس عن القضية نفسها ، لأنها ما زالت قيد الاستجواب وليس هناك قرار بصحة الاستجواب أو صحة التبريرات . لكن المنطقي ان من واجبات النائب الحقيقي أن يمنح كل وقته وانتباهه وتركيزه ويوظف افكاره للمشاركة الفعالة في القضايا المطروحة تحت قبة البرلمان ، لأن هذا من صميم واجباته التي يتسلم من اجلها ملايين الدنانير ، وبسبب هذا الواجب لديه الحمايات والحصانة البرلمانية والامتيازات الملحقة بكرسي البرلمان الذي حصل عليه بأصوات الناخبين .من المخجل جدا ان ينبه رئيس الجلسة النواب بمطرقته ، كما لو كانوا أولادا في الصف الأول الابتدائي ، يضطر المعلم بين فترة واخرى الى تنبيههم الى الدرس .
لو كنّا في وضع استرخاء سياسي واقتصادي وأمني واجتماعي ، ربما يكون الأمر مبررا ، وان كان غير مقبول.
المطلوب من النائب في النهاية أن يصوت على قرار يتعلق بالقضية المطروحة للنقاش ، وعليه حين يرفع يده رفضا أو قبولا أن يكون عارفا عن أي شيء يصوت ، وهي قضية تتعلق بالضمير وحلف اليمين والتأثيرات السياسية للتصويت . الذي لم يتابع نقاش الوائلي والعيساوي وما طرح فيه كيف سيكون قادرا على أن يرفع يده مرتاح الضمير ؟
السؤال الذي نطرحه هو ، ماهي انشغالات السادة النواب الكرام ، ان لم تكن منها مناقشة قضية كلّفت ميزانية الدولة 302 (مليار) دينار ؟
الجواب طبعا عند السادة النواب الحاضرين الغائبين دائما !!