الى الشباب الكورد… توقفوا عن حرق العلم العراقي .
شهدت الايام القليلة الماضية ظاهرة جديدة عكست ما وصل اليه الوضع السياسي العراقي من تازم , وذلك في قيام اجهزة رسمية في مدينتي بغداد وكربلاء (التي يفترض انها مقدسة) باهانة العلم الكوردستاني من قبل مواطنين عرب وتدنيسه باحذية المواطنين على قارعة الطرق .. وكرد فعل طبيعي من الشباب الكورد المتحمس لجا البعض منهم الى حرق العلم العراقي واهانته لما يمثله العلم الكوردستاني من قدسية عندهم . فالعلم الكوردستاني الذي استشهد تحت ظلاله ومن اجله الكثير من الكورد طوال سني الثورة الكوردية لا يمكن ان يقارن بعلم تشرب من دماء الابرياء, وقتل تحت ظلاله الكثير من العراقيين ونكل بهم .
ومع ذلك فالموضوع لم يكن يفترض ان ينحو المنحى الذي شهدناه , وان ينزل الشباب الكورد للمستوى الذي نزل اليه الحكومات المحلية في بغداد وكربلاء .
ان ظاهرة حرق الاعلام وصور زعماء العالم ليست بالظاهرة الجديدة على الشارع العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص , ولكن السؤال هنا .. هل يمكن لنا ان نشهد هذه الظاهرة في المجتمعات المتقدمة في العالم ؟ وماذا جنى العراقيين من حرق اعلام الدول التي عادوها طوال تاريخ العراق ابتداء من علم اسرائيل وسورية وايران مرورا بعلم السعودية والكويت وانتهاءا بعلم امريكا ؟ الجواب لا شيء ..
ان هذه الاعمال الصبيانية لا تعبر سوى عن الشعور بالضعف واللاحيلة تجاه الجهة التي يحرقون علمها . فكلنا نتذكر صورة جورج بوش التي رسمت على ارضية ملعب الشعب الدولي وكان العراقيون يدوسون عليها بفخر ويشعرون بالنصر ازاء ما يفعلون , فهل كان هذا هو الواقع … هل انتصروا بذلك ؟ لقد كان في الحقيقة شيئا مضحكا يشير الى الهزيمة التي كان يشعر به من رسموه تجاه امريكا ( بغض النضر عن سلبيات وايجابيات امريكا) .
وكلنا يتذكر حادثة الحذاء التي رماها صحفي يفترض انه من الشريحة المثقفة على الرئيس الامريكي في بغداد , وراينا ردة فعل الرئيس لامريكي جورج بوش على ذلك . يومها احتفى كل الشارع العربي بهذا الصحفي وبهذا الحذاء , مع ان ردة فعل جورج بوش ومعه الشارع الامريكي كان ردا ساخرا جدا على هذه التصرف , واعتبروه نابعا عن مجتمع محبط … وقد كان كذلك . هذا هو الفرق بين المجتمعات المتقدمة والمجتمعات المتخلفة , فهل يمكن ان نقارن المجتمع الكوردي بمجتمع ثقافة الحذاء ؟
ندرك ما يمثله العلم الكوردستاني من معاني سامية عند الكورد في كل اجزاء كوردستان , ولكن هناك ما هو اهم من العلم , هناك الانسان الكوردستاني الذي حاولنا طوال الثلاث عقود الماضية بناءه من جديد , وانشاء مجتمع بعيد كل البعد عن شطحات المجتمعات الشرق اوسطية , انسانا كورديا ناضجا لا يتاثر بسفاسف الامور وصغارها , كل ما يهمه هو تطوير وازدهار مجتمعه من جميع النواحي السياسية والاجتماعية والثقافية . انسانا كورديا لا يعاني من فوران العاطفة التي دمرت الشعوب العربية التي نجاورها … فهل من الحكمة ان نهدم كل ما بنيناه في وهلة من الزمن ونهوي الى مستوى مجتمعات ما زالت تعيش على اطلال التاريخ وتتقاتل على من كان الاحق بالخلافة … علي ام معاوية ؟ … هل يعقل ان نقارن الشارع الكوردي بعصابات الحشد الشعبي التي تمثل الصورة الاكثر تخلفا في الحضارة الانسانية المعاصرة ؟… اذا فما الفرق حينها بيننا وبينهم ؟
ان رد كرامة العلم الكوردستاني لا يكون بحرق علم العراق واهانته و لا تسترد كرامة الشعب الكوردي بهذه الطريقة . بل بوحدة الصف الكوردي شعبا واحزاب , فقد اتضح لجميع الاحزاب الكوردية بان هؤلاء لا يعادون حزبا معينا او توجها كورديا معينا , بل يحقدون على كل ما هو كوردي , فعلم كوردستان يمثل جميع الكورد بمختلف احزابهم .
وهنا اسجل عتبي على الجهات الرسمية في اقليم كوردستان على انها تركت مبادرة ردة الفعل للشارع الكوردي بدلا من ان تتحرك هي في الاتحاهين التاليين : –
الاول … ان تقف وقفة حازمة حيال هذه الاعمال كي لا تتحول الى ظاهرة في مجتمعنا الكوردي الذي اعتبره مجتمعا متطورا وسط صحراء قاحلة من المجتمعات في المنطقة .
الثاني … ان ما جرى في محافظتي بغداد وكربلاء لم يكن بمعزل عن موافقة الجهات الرسمية فيهما , وكان يفترض بحكومة اقليم كوردستان والنواب الكورد في برلمان بغداد ان يتصرفوا بشكل قانوني ورسمي تجاه ما حدث وعلى النحو التالي : –
– رفع قضايا رسمية ضد مؤسسات المدينتين في المحاكم العراقية ذات العلاقة والمطالبة بمحاسبتهم .
– انزال العلم العراقي من جميع الدوائر الرسمية في كوردستان لغاية الحصول على اعتذار رسمي من الحكومة العراقية عما حصل .