د. عادل محمد عايش الأسطل
في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، بأن القدس عاصمة لدولة إسرائيل، تمكّن الرئيس الفلسطيني “أبومازن” وكردّة فعل ساخنة، من اتخاذ قرار صارم، يقضي بإقالة الولايات المتحدة من منصبها كراعية للسلام، وإعفائها من جملة مهامّها الموكلة إليها، لاعتباره بأنها جنحت عن الجادة الصحيحة، التي كان الفلسطينيون يعلقون آمالاً كبيرة نحو بلوغ أهدافهم المصيرية، وقد ساعده على اتخاذ هذه الخطوة، الإجماع الدولي، الذي بادر إلى التنديد بالقرار الأمريكي فور وقوعه، وبدا كمن وضع اسم الولايات المتحدة على قائمة ترقب الوصول.
بالتوازي مع القرار السابق، فقد سارع “أبومازن” ودون التخلي عن فكرة السلام القائمة، إلى الإعلان عن بدء البحث عن (مرجعيّة جديدة) كوسيط للسلام، وتوضح من نبرة كلامه، بأنه يميل إلى ترشيح منظمة الأمم المتحدة كبديل جيّد، لا سيما، وأنها أثبتت مرّة تلو أخرى، بأنها أكثر إدراكاً لأوضاع الفلسطينيين ولقضيّتهم العادلة.
الأمم المتحدة، والتي أعلنت عن موقفها من القدس، باعتبارها جزءاً من مفاوضات الوضع النهائي، تلقفت خطوة “أبومازن” منذ الصباح الباكر باعتبارها فرصة تاريخية، لنيل شرف رعاية العملية السياسية – الأكثر شهرةً- حيث أعلنت عن استعدادها العاجل لتبّؤ هذا المنصب، حتى برغم عدم وجود أي رؤية لديها أو أي مبادرة لأجل تنمية العملية السياسية،.
وكما المتوقع، فقد أوردت الأنباء، رفض الإدارة الأمريكية لطلب الإقالة باعتباره تعسفاً، وتأكيدها بأنها باقية في منصبها، وماضية في عملها من أجل إحلال السلام كالمعتاد، وإعلانها في نفس الوقت، بأن قرار “أبومازن” لم يُشكّل أي مفاجأة لها، بسبب توقعاتها المُسبقة، والتي بنتها على أن نهجه المتشدد، هو سبب عدم التقدم نحو حل القضية الفلسطينية، باعتبار هذا النهج يدفع ضد السلام، وقد ساعدها على المماطلة في قبول الطلب، رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتانياهو”، الذي أشاد بالولايات المتحدة، وأصرّ على بقاء دورها عالياً، باعتبارها المتحكّمة، ليس في رعاية السلام وحسب، بل في قيادة العالم.
كما أنها، ليست محل ثقة، لا في نظر الولايات المتحدة ولا نظر إسرائيل أيضاً، بل إنهما بصدد اتهامها بالانحياز إلى الفلسطينيين، من خلال اعتمادها قرارات سياسية ودبلوماسية لصالحهم، ولديهما نوايا بمعاقبتها، من خلال أنهاء دورها السياسي حول العالم، واسقاط دعمهما المالي عنها وعن المؤسسات التابعة لها.
وللحقيقة، وكما توضّح من قبل، فإن ضعف الأمم المتحدة، كان معلوماً للكل، ليس منذ الآن، وإنما منذ اللحظة الأولى التي تشكلت خلالها (اللجنة الرباعية الدولية)، باعتبارها كانت جزءاً منها، والتي اشتهرت منذ إنشائها قبل 15 عاما من الآن، باعتبارها الوسيطة الشاملة في عملية السلام، إلى أن رفعت الراية البيضاء، في شأن مواصلتها تلك العملية،
لذلك، فإننا لا نعلم بالضبط فيما إذا كان الميل الفلسطيني، وسواء كان صوب تلك المؤسسة، أو أي جهةٍ دولية أخرى، سينجح، أم لا، لا سيما وأن الكل يعلم، بأن العالم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي وحتى الافتراضي، يخضع للولايات المتحدة وإسرائيل، بالتأكيد قليل من التوقعات تفيد بذلك، ربما ينجحون بالفكرة فقط، عند قبولهم بالمملكة السعودية، لتكون الوسيط الأمثل لرعاية السلام، خاصة وأن آل سعود مرحّب بهم دائماً، وسواء من قِبل الولايات المتحدة التي تجد نفسها أكثر هدوءاً، نسبة إلى مسيرتهم السياسية، أو من قِبل الإسرائيليين، باعتبارهم محل ثقة فائقة اديهم، وفي ضوء إعلانهم، عن أن بمقدورهم رعاية مبادرة سلام حقيقية.