ضمد كاظم وسمي
ان العمل الادبي ليس موضوعًا يسيرًا الى حد التبسيط .. بل هو تنظيم
ينطوي على درجة عال ية من التعقيد والتركيب .. مع تعدد في المعاني
والعلاقات .. وافراط وهوس في جمال المباني اللغوية ..يصح القول بان
الادب .. لايجوز ان يقاس بقيمة مادته بل بدرجة تماسكه وقوته الفنية ..
كما يظهر على انه موضوع للمعرفة (( ذاتي التكوين )) .. ذو وضع
انطولوجي خاص – هناك مسألة في نظرية المعرفة غاية في الصعوبة تلك
هي ( الموقع الانطولوجي لعمل ادبي ذي طبيعة فنية ) – .. فلا يمكن
اعتباره واقعًا محسوسًا من جهة .. ولايمكن عده وجودًا ذهنيًا نفسيًا من
جهة ثانية .. اما جعله مثاليًا حسب فأمر لايقبله ذو مسكة . وبذلك
تكتنف الادب اشكالية جدلية العلاقة بين النص والمعنى من جهة ومن
جهة اخرى ثمة اشكالية انتاج المعنى التي يتصدى لها المتلقي القاريء /
الناقد حيث لايمكن التسليم ان المعنى قار في النص .. لان الاشارة الى
معنى محدد لم يكن بريئا على مر العصور ، لكن يمكن الوقوف على جانب
من معنى النص في العلاقة المعقدة والمركبة بين كل اشكال ومحددات وعي
الانسان في تعامله مع النص . لذلك فان المعنى قد يحدده جدل العلاقة بين
المتلقي والنص،الامر الذي يفضي الى تعدد القراءات للنص الواحد .
وهذا يعني ان المعنى يكون في عقل الانسان الذي ينطوي فيه العالم ..
ولقد اصاب الامام علي في وصف الانسان ( ذي العقل ): (( وتحسب
انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر )) .
وفي الاساطير الشرقية ، اذا امتلات كأس الملك جمشيد بالشراب ظهر
فيها كل مايحدث في الكون . وكان عماد الدين نسيمي (( 1370
1417 م )) مؤسس الشعر التركماني ، كثيرا ما يطلق على عقل الانسان
اسم كأس جمشيد .
وفي منتصف القرن التالسع عشر يزدهر الفكر التفاؤلي حول علاقة
الانسان بالطبيعة .. متجسدًا في مقولة (( راف والدون امرسون ))
الرومانسي الامريكي : ( ان تلك الفكرة المسماة انا هي
القالب الذي يصب فيه العالم كشمع منصهر) .
وزبدة القول اننا لا يمكن ان نسلم بأن المعنى قار في العالم المادي المحسوس
فقط كما عند الماديين وكذلك لا يمكننا قبول ان المعنى موجود في العقل
المحض فقط كما عند المثاليين .. لكن على أي حال ما مطلوب من النقد
هو اضاءة بنية النص ولقد تعددت ادوار الناقد فمرة هو انارة النص من
داخل النص فقط .. واخرى يقال ان النص لا يمكن فصله عن ذات
مبدعه .. وثالثة يقال ان النص لا يمكن فصله عن الواقع المادي .. ورابعة
يقال ان الوصول الى المعنى يتطلب موت المؤلف وتغييب النص ذاته ،
لكن من المتفق عليه ، منذ افلاطون حتى الان او على وجه التحديد حتى
ظهور مدارس الحداثة ، فان الناقد وسيط بين النص والمتلقي وان وظيفته
انارة النص سواء جاءت الاضاءة من الداخل او الخارج وتقريبه للقارىء
. في أي حال يمكن القول ان العمل الادبي هو بنية في اطار ضوابط وقيم
لتصورات مثالية متداخلة ذاتية ضمن ايديولوجية جماعية تتغير بتغيرها ..
يتم التوصل اليها من خلال خبرة فردية ذهنية تعتمد النظم الصوتية للغة
المبدع .
النص والمعنى
اترك تعليقا