(النساء)
مراد سليمان علو
أقنعونا، وقالوا، في البدء جاء آدم، ثم كانت حوّاء.
تكّلم آدم أولا، وخرست حوّاء.
قال لها قبل أن تستعيد كامل وعيها: “أنا الكلّ، وأنت الجزء. أنتِ جزء مني، وبكِ تكتمل نفسي”. فصّدقته، ورددّت وراءه: “أنا جزء منكَ يا سيّدي؛ لذا سأتبعك أينما ذهبت، وسأرضى بكَ مهما فعلت”.
وعلمّت الدرّس الأول لبناتها ولحفيداتها، وحفظن الدرّس جيدا، ولا زلن يتذاكرن، ويحفظن واجباتهن البيتية بجدّ.
*
دخلتُ محاريب الأنبياء، وصوامع الأولياء، وزوايا الأتقياء، وقصور الأغنياء، ومساكن الأمراء، ودور الوزراء، ومنازل الأقوياء، وأكواخ الفقراء، وموانئ المهاجرين، وأرصفة الشحاذين. فوجدتها هي التي تقوم بتنظيف القذارة.
وقفتُ أمام آلاف المرايا، ورأيتها تبكي.
ولكنني لم أرها يوما غاضبة وتكسر تلك المرايا.
*
مشيت من النيل إلى الفرات مرورا بالعيون الصافية، ومن الفرات إلى الغانج مرورا بكل الروافد الجارية، ومن الغانج إلى الدانوب. ولم أرها تغسل يديها مرّة؛ لتتبرّأ منه، أو من أفعاله بل تغتسل وتغمر جسدها بالماء لتمُنح جسدا جديدا؛ لطعناته، وهي تدعو أن يضاف خطأه وخطيئته إليها فهي لا تتباهى إلا إذا كانت مثقلة بالآثام والخطايا.
*
يا امرأة إنك تعبدين الضعف، وترتاحين عندما تجدينه في الجانب اليقظ من نفسك، فهلاّ أيقظت جانبك النائم لتري ما فيه.
لأن كلّ ما يفعله الرجل بين الحين والآخر ليبقيك نصف نائمة يذكرك بأنك لا تزالين جزء منه، فتتمادين في الخضوع ظنا منك هو الخاضع.