المستشارون في التوجيه والتخطيط ومحضر الاتفاق الأولي يناير 2022؟
ماذا تحقق للمستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي الممارسين في الميدان وفق محضر الاتفاق الأولي بين وزارة التربية الوطنية والتعليم والأولي والرياضة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، 18 يناير 2022؟ الجواب هو: لا شيء تحقق من مطالب هذه الفئة التي عمر ملفها المطلبي لسنوات طويلة دون تحقيق ولو مكسب، أو استرجاع حق واحد من الحقوق المجهز عليها.
من خلال الاطلاع على محضر الاتفاق الأولي بين الوزارة والنقابات الأكثر تمثيلية، وخاصة الفقرة التي تخص المستشارين في التوجيه التربوي، يبدوا أنه وقع خلط كبير، بعلم أو بغير علم، بين فئتين مختلفتين. فالفئة التي يتحدث عنها المحضر المذكور والذي صفقت لمخرجاته النقابات الموقعة معتقدة أنه فتح عظيم ونصر مبين، وبشكل عام، هي فئة الأساتذة المقبلين على ولوج مركز التوجيه والتخطيط التربوي، جميع الأسلاك، بعدما كان ولوج هذا المركز، محصورا في أساتذة السلك الإعدادي. كما أن كل الالتزامات الواردة في هذا المحضر ما هي إلا تحصيل حاصل (جعجعة بلا طحين). والأغرب من ذلك، تكريس غير مفهوم للثنائية المفبركة واللامنطقية “مستشار(ة)-مفتش(ة)”، من خلال الالتزام الرابع الساعي إلى “تدقيق ومراجعة مهام المستشارين والمفتشين في التوجيه والتخطيط التربوي…في إطار مشروع النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية”.
يلاحظ إذن، أن المحضر المذكور، ركز في أغلب التزاماته على الأساتذة المقبلين على ولوج مركز التوجيه والتخطيط التربوي، مع ذر قليل من الرماد في عيون المستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي الممارسين. كيف ذلك؟ لأن، القول بمنح أقدمية اعتبارية مدتها أربع سنوات لتسريع وثيرة ترقية المستشارين في التوجيه والتخطيط إلى الدرجة الأولى لا تسمن ولا تغني من جوع، لكون هؤلاء الأطر يستحقون التخرج بالدرجة الأولى من المركز، بعد قضائهم “سنيتن اجتماعيتين ونفسيتين وماديتين ومعرفيتين وتكوينيتين” مرهقتين ومكلفتين، مع تعيين، عابر ومعاكس للتوقعات والطموحات. في حين استفادت، فئات أخرى، رغم قضائها لنفس مدة تكوين أو اقل من ذلك وبشروط ولوج أقل، من امتيازات كبيرة ومحفزة وفق نفس المحضر المذكور.
إلى جانب ذلك، أليس السعي نحو تكريس ثنائية “مستشار(ة)-مفتش(ة)” من خلال تدقيق المهام ضربا من التناقض؟ أولا، لكون المستشار والمفتش لهما نفس التكوين ونفس المسار مع ممارسة نفس المهام التأطيرية والإعلامية والتنسيقية، إلخ. أليس ذلك نوعا من تكريس الحيف الممارس على المستشارين الذين طالما نادوا وناضلوا من أجل استرجاع حق تغيير الإطار إلى مفتش في التوجيه والتخطيط التربوي. الحق الذي أجهز عليه في اتفاق سابق وقعته النقابات التعليمية ذات التمثيلية، وللأسف، لم تناضل من أجل ادراجه ضمن آخر محضر اتفاق، انصافا لهيئة التوجيه والتخطيط التربوي، واعترافا بأدوارها الريادية والمحورية ضمن منظومة التربية والتعليم…
يتضح إذن، أن لا شيء تحقق للمستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي الممارسين في الميدان وفق محضر 18 يناير الموقع بين الوزارة والنقابات التعليمية ذات التمثيلية. ويكفي فقط الرجوع إلى الالتزامات الستة الواردة في المحضر الاتفاق الأخير ومقارنتها بالمطالب المشروعة والعادلة والمنطقية للمستشارين في التوجيه التربوي، وهي المطالب التي كانت موضوع أعوام من النضالات والاحتجاجات والتضحيات، ليتم إقبارها وغض الطرف عنها في المحضر الأخير. وتتمثل هذه المطالب، أساسا، في:
-تغيير الإطار من مستشار إلى مفتش لخريجي مركز التوجيه والتخطيط التربوي ما بعد 2004، كحق مكتسب تم إقباره وحرمان أفواج ما بعد 2004 منه.
-ترقية جميع المستشارين القابعين في الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى، وتغيير إطارهم إلى مفتش، دون قيد أو شرط، إسوة بفئات لها نفس المسار أو نفس مدة التكوين أو أقل من ذلك.
-إعادة النظر في التعويض الهزيل عن الإطار الذي لا يتجاوز 170 درهم عن الإطار بعد خضوعه للضريبة.
-منح تعويضات، نظامية وجزافية، عن المهام والتنقل والأتعاب المرتبطة بالعمل والتكوينات والتأطير والمشاركة في اللجان والاجتماعات والامتحانات للمستشارين، إسوة بفئات أخرى لها نفس المهام أو أقل، أو لها نفس المسار والتي تتمتع بتعويضات نظامية محفزة.
-توفير شروط وظروف وعدة العمل الضرورية للمستشارين إسوة بباقي الفئات (حاسوب، طابعة، الولوج إلى النسخ، هاتف مهني، ربط بالأنترنت، نقل المصلحة…).
لا شك إذن أن الالتزامات التي جاء بها المحضر الأخير الموقع بين الوزارة الوصية والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية بخصوص المستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي لا تمس أي مطلب من المطالب النضالية والترافعية المحورية والجوهرية للمستشارين المزاولين في الميدان، وإنما هي التزامات جد سطحية وعادية، لكون بعض أبعادها مجرد “تحصيل حاصل”، وفي أبعاد أخرى، تهم الأساتذة المقبلين على ولوج مركز التوجيه والتخطيط التربوي، وليس المستشارين الممارسين فعليا.
وختاما، هناك أسئلة تزداد توهجا عند كل “نكسة/ردة مطلبية” وفي كل “نكوص مكسبي” وأثناء كل “خفوت نضالي”:
-لماذا لم يتم تحقيق أي مطلب من المطالب الأساسية والمحورية للمستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي الممارسين في الميدان، في حين، ستستفيد أغلب الفئات الأخرى من تحقيق ملفها المطلبي؟ هل ذلك يعود إلى صيغ النضال والترافع وأشكالها ودرجة الانخراط فيها؟
-هل الأيادي النقابية والقنوات الترافعية التي تحمل ملف المستشارين فعلا جادة في الدفاع عن هذه الفئة التي عمرت مطالبها لأعوام انتظارية وانفراجية طويلة، لتتبخر الجهود والتضحيات، ولا تلد ولا فأرا (مكسبا) نحيفا/هزيلا؟
-ألم نرى أغلب الفئات التي حققت مطالبها وفق المحضر الأخير ملتزمة ببرامجها النضالية وتوظيف القنوات الإعلامية والترافعية أحسن توظيف؟ هل يمكن عقد مقارنة نقدية بينها وبين فئة المستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي، نضاليا وإعلاميا وترافعيا؟
-أليس النضال بالوكالة والاتكالية مع الرغبة الشديدة في نيل المكاسب والحقوق أمور تفقد أي ملف حركيته وجاذبيته وتحققيته (من التحقق)، بل وحتى، “مصداقيته” أمام الرأي العام، رغم مشروعيته ومنطقيته (حالة اللامبالاة)؟
رابط محضر اتفاق مرحلي بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والنقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية بتاريخ 18 يناير 2022 :
https://taalim.org/wp-content/uploads/2022/01/Syndicats-Benmoussa-accord-pr%C3%A9liminaire-18-1-2022_220119_145000.pdf
حمزة الشافعي
تنغير/المغرب