جعفر الحيدري
أصاب الكاتب أبو فراس الحمداني في مقالته التي نشرها في موقعكم الموقر من إن حوزة النجف الاشرف مازالت تحتل المرتبة الأولى في تسلسل المدارس الدينية في العالم ,لان المرجعية الدينية
هي لطف الهي وامتداد طبيعي للشرع المقدس ولولاها لما حفظ الله البشرية من طوارق الأحداث فهي الطريق المعبد والممهد لقائد الأمل والذي بطلعته تتكحل الإنسانية بنسمات العدل بعدما ذاقت الظلم والجبروت من بني جلدتها .
لكن عندما تخلط المفاهيم وتتشابك مع ماتشتهيه الأنفس الأمارة بالسوء فلا أرضية حينئذ للنوايا الحسنة .
إن النجف بمكانتها المرموقة لم تكن نجفاً ومركزا للعلم لولا إن من يحضنها هو طودا وباباً لأعظم مدينة علمية عرفتها البشرية فذاك علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه ,فلم تكن العاطفة أو الميول والبيوتات أوالعناوين الرنانة والأحزاب هي من سمت بالنجف وإنما كان الدليل العلمي والشرعي والأخلاقي قطبا لرحى الفقه والأصول به يعرف العالم عالما والفقيه مرجعا لان الأثر يدل على المؤثر وحاملا لصفاته الكمالية أو السلبية وهذا سبيل الأنبياء والأوصياء والأئمة الصالحين فعن إمامنا الصادق عليه السلام قال (نحن أصحاب الدليل حيث مامال نميل ) بهذه المقدمة البسيطة دفع الأنبياء حياتهم بالأثر والبرهان فلم يركنوا لأهواء الأمة ولما تشتهيه بل كان الحق معيار الرجال ومن شاء يؤمن ومن شاء كفر ,إن القول (إن مرجعية النجف تعتمد على نظرية الأمة الحاكمة وليس المرجعية الحاكمة فهي لاتتحرك من موقع الحاكم بل تتحرك من موقع الشارع حين يطلب الناس منها ذلك ..؟)هذا القول يعتبر رصاصة النقمة بجبين الرسالات والشرائع لأن السيرة العملية للمتشرعة على طول التأريخ لم تكشف إنها ركنت يوما أو تعكزت على رأي الناس إلا بالبديهيات الواضحات وإلا لو ركنت لأصبحت الشرائع السماوية والأديان لغواً فهذا القرآن يعتبر المصدر الأول والمنبع الأخير للفقيه في استنباطه للأحكام الشرعية كيف لو تعارض مع مايتبناه الناس من رأي ماذا نقدم ..؟
فالناس مثلا في وقتنا تعشق التميع وشرب الخمر وسماع اللغو والناس في عراقنا الصابر ركنت إلى الظالم والسكوت والصمت عن الفاسد فهل المرجع والراعي والفقيه يركن لما يريده العوام ويحرم المظاهرات أم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويبرء ذمته أمام خالقه الملك الحق .؟
ولو عكسنا الصورة من زاوية أخرى نقول مالذي فعله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حتى تطبر هامته الشريفة بسيف الظلم .؟!
مالذي فعله قبلة الأحرار الحسين الشهيد عليه السلام لينحر كما ينحر الكبش .؟!
والجواب بكل بساطة لأنهم أحراراً لم يركنوا لما أراده الناس وقادتهم الكفرة فالناس تركت الإمام علي الإباء والصمود وركنت إلى الذل والخنوع , الناس ركعت ليزيد بن معاوية وطلقت ريحانة الرسول حسين الشهادة والكبرياء .
الناس عشقت السبات والنوم ومحمد باقر الصدر أيقض النوم بدمه الطاهر .
فالمرجع الحقيقي يكون قائدا للمجتمع بينما المرجع الساكت الصامت يكون منقادا للمجتمع وللهوى والنفس والسمعة والواجهة .
بالأمس القريب كانت صلاة الجمعة فريضة معطلة في عهد المجرم صدام من بعض العناوين والرموز الرنانة وكم حورب السيد الشهيد الصدر عليها فلماذا نراهم اليوم يتكالبون على صلاة الجمعة وتنقل مباشرة على الفضائيات هذه هي الانتهازية عندما يسير المرجع مع يتبناه ويريده المجتمع حتى ترتفع أسهم البورصات في نشرات الأخبار يوميا ؟؟؟؟؟
لذلك عندما تقول إن السيستاني أو الخوئي وتلاميذهم يعتبرون إن الظروف غير ملائمة ومؤتية لإنشاء دولة الإمام كلامك هذا يدل على انتكاسة عقائدية وثلمه أما في عقيدتك أو في عقيدة من يعتقد بذلك لأنه خلاف القانون الفطري العقلي العدلي وما خلقنا الجن والإنس إلا ليعبدون فكل حركة إصلاحية منذ خلافة أبينا ادم عليه السلام إلى وقت الظهور المقدس يكون لها مدخليه وتأثير وتأسيس وتهيئة لدولة العدل الإلهي الموعودة لأنه مثلا لولا التضحية الحسينية الكبرى لتمكن يزيد اللعين من طمس كل المعالم الإسلامية فالثورة الحسينية أرغمت يزيد نفسه على ادعاء الإسلام والتظاهر به.
إن تقسيم الحوزة والمرجعية إلى ثلاثة جهات هذا فقط في مخيلت الكاتب فلا يوجد هناك مرجع حزبي وإنما هناك حزب يتبنى نظرية مصلح وقائد عبقري ثم أي شياع يعتمد عليه المجتمع في تحصيل نوعية المرجع .؟
الشياع هو كما يعبرون أهل المناطقة انه ظن راجح والظن هو احد أقسام العلم في قبال اليقين , إذن الأساس هو العلم والدليل والملكة في علم أصول الفقه , والملكة أمر شعوري وجداني كامن في خلجات صاحبها فهل المجتمع مثلا فتح مخ أو رأس المرجع الفلاني وعرف أعلميته على رأس مرجع الأخر مالكم كيف تحكمون؟؟!
الم ينطق القران ويقول (هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) مَنْ مِنَ العرب لم يكن يعرف محمد بن عبد الله وأخلاقه وطيبه وصدقه عند قريش ولكن افترق واختلف القوم بل جعل محمد في قريش فتنه كما يسميها الكاتب الحمداني لان قريش كانت عاكفة على الأصنام والأمور ممتازة وجاءه محمد وجعلها فرق وحروب ومعارك وغزواة ..؟
ثم لماذا كل هذا الميل على المرجعية العراقية العربية وأنت بكلامك توضح إن إيران ومرجعيتها هي لوبي تريد تسقيط حوزة النجف ألان أنت تحاول خلط الأوراق فمن من الكتاب وأنت المفروض أمين على شرف المهنة وحاذق صادق في نقل الخبر لأنك صحفي وإعلامي فهل لا تعرف مدعوا اليماني ظلما وعدوانا انه لايعترف بعنوان المرجعية كمفهوم بل يدعي إنها بدعة بل يقول أنا الإمام المهدي بن الحسن …؟
وفي المقابل نرى السيد الصرخي الحسني مرجع عراقي عربي تخرج من يد أساطين العلماء كالسيد الصدر والشيخ الفياض ووو, له رسالة عملية من 14 جزء ويؤمن بمبدأ التقليد والاجتهاد عكس مدعي المهدوية اليماني فهو لايؤمن بالمبدأ الفطري الاجتهاد والتقليد ولكن المصلحين من أنبياء وأئمة وأولياء صالحين على مر التاريخ لايتهيأ لهم التطبيق والمصداق الخارجي على ارض الواقع من سلطة وحكم وأوامر ونواهي نافذة وفاعلة بقوة دولة ومؤسساتها هذا بلحاظ التطبيق أما بلحاظ النظرية والفكرة فان النظرية والمنهج النظري الإصلاحي دائما تكون له الغلبة والسطوة ويمثله ويشمله قانون ( الحق يعلو أو القول الثابت )ويكون الطرف المقابل في ذل وخنوع وخضوع وخسران ويشمله قانون (فبهت الذي كفر أو زهق الباطل ).