دعونا وقبل الدخول في إشكالية تسمية أحد ما ب”بالمرتزقة” أن نتعرف على المعنى الحرفي للكلمة وبهذا الصدد يمكن الاستعانة بالموسوعة الحرة؛ ويكيبيديا في تعريف المرتزق أو المرتزقة حيث تقول ما يلي: “المرتزق هو كل شخص يقوم بأى عمل بمقابل مادى بغض النظر عن نوعية العمل أو الهدف منه وغالبا يطلق اسم على من يخدم في القوات المسلحة لبلد أجنبي من أجل المال.[1][2][3] استخدمت بلاد فارس واليونان وروما، في الأزمنة القديمة، المرتزقة. وشاع استخدامهم خلال الفترة من القرن الثاني عشر حتى القرن السادس عشر الميلاديين، فقد استأجر كثير من الحكام آنذاك جنودا محترفين مدربين لحماية دولهم، كما أن بعض الحكام ربحوا أموالا بتأجير جيوشهم لدول أخرى للعمل كمرتزقة، استأجرت بريطانيا أثناء الثورة الأمريكية (1775 – 1783) جنودا ألمان، سُموا جنود هسن، لمحاربة السكان الأمريكيين. ومن جهة أخرى، كان الأبطال العسكريون مثل كاسيمير بولاسكي البولندي وبارون فون شتوبن البروسي ـ الذين ساعدا السكان الأمريكيين مرتزقة أيضا. قلل ظهور الجيوش الوطنية إلى درجة كبيرة من الحاجة إلى المرتزقة وفي بعض الأحيان ينقلبون المرتزقة على اسيادهم طمعا في الدولة ويسيطرون عليها، وفي وقتنا الحالي تم استخدامهم بكثرة في بعض الدول العربية من مختلف الجنسيات نظرا للحروب الدائرة في المنطقة وخصوصا في سوريا وليبيا“.
وهكذا وانطلاقاً من التعريف السابق وفق ويكيبيديا، نلاحظ بأن صفة المرتزق تطلق على “كل شخص يقوم بأى عمل بمقابل مادى بغض النظر عن نوعية العمل أو الهدف منه” وبالأخص و”غالبا يطلق اسم على من يخدم في القوات المسلحة لبلد أجنبي من أجل المال” وبدقة أكثر للتعريف السابق فإننا سنلاحظ بأن الصفة ترتبط بحصرية العمل مقابل “أجر مادي” وبالتالي وانطلاقاً من هذا التعريف فأعتقد من الخطأ إطلاق صفة “المرتزقة” على بعض الميليشيات العسكرية مثل “بيشمركة روج” وحتى ما يسمى ب”الجيش الوطني السوري” حيث وعلى الرغم من أن الأول -أي بيشمركة روج- يأخذ رواتبه من إقليم كردستان وساحة عمله خارج روجآفا وهو بالمعنى الحرفي ليس بلد أجنبي وإنما شقيق بحكم الانتماء الهوياتي الثقافي اللغوي أو القومي، بل حتى ما يعرف ب”الجيش الوطني السوري” ورغم إنه مأجور من قبل تركيا وهي دولة أجنبية بالنسبة لسوريا والعروبة ولو أن الإسلام يجمعهم، لكن يبقى بلداً أجنبياً ورغم كل ذلك وبقناعتي يمكن أن تكون صفة الارتزاق ليس مطابقة تماماً عليهم أو على الأقل بالنسبة لهم كمشروع سياسي إخواني عقائدي وليس كأفراد قد نلتقي بهم مرتزقة بين كل الصفوف.
طبعاً إدعائي بأن صفة الارتزاق لا تنطبق على هؤلاء -وأقصد كل من بيشمركة روج والجيش الوطني السوري والذي قد يدعو لاستغراب الكثيرين بحكم مواقفي المعروفة وبالأخص بالنسبة لتركيا والمشروع الإخواني- وذلك لسبب أجده وجيهاً ونافياً لصفة الارتزاق؛ ألا وهو العقائدية التي تجمع “بيشمركة روج” مع إقليم كردستان وتحديداً البارزانيين والفكر الكردي الكلاسيكي عن مفهوم القومية وكذلك بالنسبة لما يعرف ب”الجيش الوطني السوري” و”الائتلاف” الإخواني الذي يجمعهم فكر سلفي ديني مع تركيا وبالتالي فإن قضية عمل هؤلاء مع تلك الجهات؛ الإقليم وتركيا لا تنحصر بقضية “المال” والرواتب والأجور فقط، بل هناك مشاريع وأجندات سياسية عقائدية تربطهم زتدفهم للعمل المشترك بشقيه السياسي والعسكري ولذلك أعتقد بأن يخطأ من يطلق صفة “المرتزقة” اعتباطاً على الفصائل الأخرى.. للتنويه فقط؛ إن ما سبق ليس دفاعاً عن أحد ولا تهجماً ضد طرف أو أشخاص محددين، بل هو محاولة لوضع المفاهيم في سياقاتها الصحيحة والدقيقة كي لا نقع في بعض الاشكاليات اللغوية والثقافية.