هادي جلو مرعي
قد نصل الى مرحلة الهتاف .
كركوك حرة عربية,وربما هتف آخرون,كركوك حرة حرة …وقد ينادي البعض,كركوك مدينة التركمان,بينما يصرخ الأخوة الكورد,كركوك كوردية,أنت عربي أطلعي برو..
ثم يشتد النزاع في صورة محزنة ,ورسم معبر عن مأساة الصراع المتصاعد في العراق حول قضايا المناطق المتنازع عليها ,والثروات ,والطائفة والقومية ,ووووووووو.وسواها من مشاكل عصفت مع دخول أول دبابة أمريكية,دون تجاهل أن أغلب تلك المشاكل كان مؤسسا لها في عهد النظام السابق الذي لم يسمح بالمشاركة وتجاهل حقوق الأقليات الدينية والعرقية دون أن يترك الفرصة لتمثيل عادل للمكونات الأساسية في البنية المجتمعية والعقائدية للعراقيين.
توجه رئيس الوزراء الى مدينة كركوك الثلاثاء الماضي, ووجه خطابا من هناك الى الشعب,وهاجم منتقديه,ووصف المشكلة الحالية بالمصطنعة ,متهما أطراف العملية السياسية بإختلاق الأزمات ,والترويج لسياسات لاتخدم روح الشراكة,وهي ذات الإتهامات التي يوجهها إليه الخصوم عادة.
من كركوك أشار المالكي الى عراقية المدينة, وليس الى كرديتها التي ينادي بها الأخوة الكرد,وأغلق باب طموحاتهم حين وصفها بعراق مصغر ,أي أنه وطن ليس حكرا لأحد,كما يرغب الكرد على الدوام وكما يسعون الى ذلك,ومن تلك المدينة الزاخرة بالثروات والأديان والقوميات,طالب الجميع بالجلوس الى طاولة الحوار بدلا من إفتعال الأزمات والمشاكل ,وهو يشير الى أن مايحدث هذه الأيام يشكل خطرا على البلاد يجب تفاديه.
ولكن ماهي الرسائل التي أراد المالكي أن يبعث بها الى الفرقاء السياسيين خاصة الذين وجهوا سهام نقدهم إليه ومن بينهم الزعيم الكردي مسعود بارزاني,الذي صب جام غضبه من أسابيع على سياسات المالكي وإعترض عليها ,وربما سبب حرجا لحلفائه من التحالف الكردستاني الذين حاولوا رسم صورة مختلفة لطبيعة الصراع ومستواه.
وكأن المالكي يبعث أيضا بالتطمينات للقادة العرب في كركوك الذين يشتكون من تعسف القوات الكردية العاملة في المدينة خاصة بعد مقتل شاب عربي من أسابيع,والضغوط التي تمارس على الأقليات بغرض دفعها للهروب وترك الساحة للمجموعات البشرية الكردية وليكون الأمر مهيأ تماما لإعلان دولة كردية تضم كركوك ومافيها من ثروات هائلة الى الدولة المرتقبة ,دون تجاهل فكرة الإنحياز من بقية المكونات لفكرة الدولة ولعائدية كركوك الى خارطة الأقليم.
المالكي قد يلجأ بعد هذه الزيارة الى أن يبعث برسائل ثقيلة وربما أحاط المدينة في المستقبل القريب بقوات عراقية مدعومة من المناطق العربية ومجموعات عشائرية ,وتعزيزات من بغداد ومايتوفر لديه من أسلحة ومعدات ثقيلة تفي لغرض إحداث نوع من الردع المباشر لأي تحرك كردي تجاه كركوك خلال الفترة المقبلة.
يريد أن يقول ,إنه لن يستطيع التنازل عن المدينة ولن يكون أقل إرادة من قادة سبقوه عبر تاريخ العراق السياسي حين رفضوا الإنصياع للضغوط والمحاولات الكردية المتكررة لإعلان دولة في الشمال,وضم بعض المناطق المتنازع عليها,لكن ذلك كله مرهون بالتطورات القادمة التي لانعلم إلا ما تتجه.