الكرد والخطأ التاريخي المطلوب تصحيحه
سالم أسماعيل
إن التداخل بين الحق والباطل قد أصبح أحد سمات عصرنا ،فالحق عند “س”من الدول والجماعات والأفراد هو الباطل بعينه عند “ص”من الدول والجماعات والأفراد والعكس بالعكس و”الخطوط الحمر”لا تحظى بالاتفاق إلا نادرا ،تلك التي تفصل بين المسموح به والممنوع وفي الصراع الدائر في مناطق العالم أجمع يكاد طرفاه أو أطرافه المتعددة المتضادة تحدد كلا منها مبررات الصراع على هواها فما تعده “س”من الأطراف شرعيا قد لا تعده “ص”من الأطراف كذلك والعكس بالعكس أيضا .بعض الدول تتعامل مع الأطراف الأخرى طبقا لمبدأ الوظيفة “المصلحة”لكنها تتعامل مع أطراف أخرى طبقا لإستراتيجية التحالف ،والرؤية المشتركة للأحداث ،كالتعامل الحاصل من قبل الدول التي ألحقت بها أراضي كردستان مع الكرد وبالصيغة المعروفة وإن كانت ذات مشارب سياسية مختلفة ،تلك الدول التي ألحقت وقسمت أراضي كردستان عليها نتيجة لترتيبات الحرب العالمية الأولى 1914-1918 المجحفة وبشكل قسري دون أخذ رأي الكرد. تعاملت وما زالت مع تطلعات الشعب الكردي المشروعة بالنظرة الدونية السادية فهي تغمط حقوق الكرد والأقليات الأخرى وتريد أن تعيش بسلام مفروض وموهوم!. إن ساسة تلك الدول يريدون أن يتخلى الكردي عن كرديته بكل الوسائل منها البطش واستخدام الحديد والنار ظنا منهم إن ذلك الأسلوب المرفوض يحقق لهم السلام والاستقرار الموهوم!.إن أكثر الإساءات التي لحقت بالشعب الكردي تجلى في رفض تلك الحكومات المتعاقبة الاعتراف بوجود الشعب الكردي المستقل في تكوينه وله خصائصه القومية ولغته وتراثه تختلف بدرجة كبيرة عن شعوب الدول التي ألحقت بها أراضي الكرد قسرا والتعامل مع الشعب الكردي وكأنه شعب من الدرجة الثانية وعليه أن يعيش حياته كما يصممها له الآخرين وينسى جذوره!. إن الحركات التحررية الكردية في كل تلك الدول هدفها نيل الحقوق وهي حركات بمثابة رد فعل لفعل تلك الدول التي تستهدف غمط تلك الحقوق والهوية القومية وهي دول تعاني من مشاكل حقيقية صنعتها لنفسها سياساتها العنصرية أولا وصنعتها لها خطأ ووهما تاريخيا “إلحاق قسري”وكأن الفئات الحاكمة في تلك الدول من حقها أن تسوم الآخرين سوء العذاب وتغمط حقوقهم وما على الآخرين إلا أظهار الرضا والقبول والذوبان في وحدتهم القسرية التي يسعون لتحقيقها على حساب الآخرين. إن الكلام هنا في هذا المقال دائما عن الدول التي ألحقت بها أراضي كردستان نتيجة لخطأ تاريخي مطلوب تصحيحه بطريقة ما وإلا سيظل ذلك الخطأ الذي يتعاملون معه بشكل خاطئ مصدرا لعدم الاستقرار ولمزيد من الخسائر من مبدأ إن طرفي النزاع لابد أن يقوموا بشيء ما باستمرار للتعامل مع ذلك الخطأ ،الطرف المعتدى عليه قدره أن يقدم التضحيات لتصحيحه والطرف المعتدي عليه أن يقدم الخسائر في حال إصراره عليه أو سلوك الطريق السليم لتصحيحه. لا يمكن أن توجد حركة غير طبيعية بدون قسر أو أكراه وعندما يتحرك جسم ما نحو موقعه الطبيعي نعلم يقينا أنه كان في غير مكانه الطبيعي وإلا لو كان في موقعه الطبيعي لبقى ساكنا غير متحركا،لجأت مجاميع كبيرة من الشعب العراقي من العرب والكرد صوب دول الجوار بعد قمع الانتفاضة 1991 لجوء المضطر , عندما يطالب الشعب الكردي في تركيا بحقوقه وفي غيرها من دول المشار أليها ،فهي مطالبة شرعية لتحقيق الاستقرار الحقيقي الذي لا يتحقق إلا بتحقيق المطالب الشرعية وتلك الدول إذا كانت جادة في الوصول إلى الحل عليها أن تفاوض الكرد للوصول إلى صيغة عصرية لا مصادرة المشاكل إلى الغير. بعد قمع الانتفاضة في العراق بالبطش والتنكيل سنة 1991 وتعرض الشعب العراقي بعربه وكرده وأقليات أخرى إلى الإبادة الجماعية قامت دول الجوار وبمناشدة عالمية في مساعدة العراقيين الهاربين من قمع النظام لهم وجميع الدول التي يعيش فيها الكرد والطبقة السياسية منها يعرفون جيدا بأن الحل بأيديهم وفي داخل أراضيهم وعليهم أعطاء استحقاقات الآخرين لكي يسود الأمن والسلام في بلادهم والبلاد المجاورة ولكي لا تحصل حركة غير طبيعية عبر الحدود بين الدول نتيجة القسر والإكراه ،وبهذا الخصوص لابد لهذه الدول أن تحل مشاكلها الداخلية بعيدا عن جعجعة السلاح واستخداماته المشينة و المدانة وهي تعرف طريق الحل. وكلام مفيد:جاء في قصص الأنبياء إن رجلا سأل النبي شعيب(ع)،قائلا لماذا لا يعاقبني الله وقد ارتكبت كل هذه الجرائم؟ فأجابه،أنك واقع تحت اقسي ألوان العقوبات وأنت لا تشعر.