القيم تفرضها الثقافة على جميع نشاطات الفرد اليومية كما إنها تؤطر التوافقات الاجتماعية التي تكوِّن نظم المجتمع بكل انواعها السياسية والاجتماعية والثقافية والإقتصادية , ولكي تحصن معاييرها أقر لها المجتمع الزاماً مفروضاً على الجميع , لكن هذا الإلزام طوعي تحكمه الذات الاجتماعية ( الضمير ) أي انه داخلي وليس خارجي , والقيم تكون أما قيم شخصية وهي معتقدات الشخص وانماط محددة من سلوكه وأهداف غائية مفضلة شخصياً واجتماعياً دون سواها , أو قيم منظمية وهي مجموعة قواعد تعد الدليل الشخصي الذي يملي السلوك في نطاق العمل ويؤمن بها العاملون في نطاق المؤسسة أو المنظمة , أو قيم عمل وهي المعتقدات التي يؤمن بها الافراد في نطاق العمل أيٍ كانت طبيعته , فمتى ما شعر الفرد إن المعيار لا يتوافق مع القيمة لأن الأخيرة اهتزت بمنظاره وارتبكت يمكنه أن ينحي المعيار جانباً ويبتدع معيار اً يقنع به نفسه انه على صواب وينحرف عن قيم مجتمعه , هكذا حالات إذا كانت فردية تحكم أعراف المجتمع عقاباً لها وهو في أغلب الأحيان يكون موسوم مسبقاً , لكن عندما تأخذ الحالات طابع الظاهرة يصبح العلاج صعباً , هذه الحالة تصيب الأفراد عندما يتفكك المجتمع وتتحلل الروابط الاجتماعية فيتحلل الفرد عن التزاماته وينحرف تملصاً من الزام معايير القيم , وبهجران القيم سترتبك وتضطرب نشاطات الفرد ويتخلى عن توافقات المجتمع وترتبك النظم الاجتماعية , وهنا لابَّد أن نوضح واجب السلطات تجاه موضوع إلزام القيم , فالقيم بدون تنفيذ الإلزام لا فائدة ولا وظيفة ولا دور يبقى لها , ولنأخذ مثال الأسرة , أبتداءً الأسرة مسؤولة عن تنشئة أطفالها على التمسك بقيم ثقافة مجتمعهم , ثانياً السلطة بالأسرة هي بيد رب الأسرة , فهو مسؤول عن تطبيق القيم الشخصية ضمن أفراد أسرته , فإذا انحرف أحد أفراد الأسرة عن السلوك القيمي أن يعيده إلى السلوك الصحيح بواسطة الإلزام المتفق عليه ضمن الأسرة , ولنأخذ مثال آخر , المصنع , تكون السلطة فيه بيد مدير المصنع وهو المسؤول بأن تطبق قيم العمل , من استغلال كل مدة العمل بدقائقها , إلى تطبيق جودة الإنتاج , الى الحرص على استغلال طاقات آلات الإنتاج على الوجه الأكمل , إلى الحرص على سلامة المواد الأولية من التلف أو التبذير , إلى سلامة المنتج من الإهمال والضرر , و مثال آخر ينطبق الحال على مدير المدرسة فهو السلطة في مدرسته وهو مسؤول عن تطبيق القيم الوظيفية للعملية التربوية التي تحقق أهداف التربية وأهداف التعليم ……. وهكذا البقية كلٌ من موقع سلطته , وانا أعتقد إن هذا لا علاقة له بطبيعة أداء السلطات السياسية سواء أكان سلبياً أو إيجابياً لأن الأخيرة تشكل جزءً بسيطاً من عموم سلطات المجتمع ككل , وفي وضعنا الحالي بمجتمعنا العراقي يتطلب الأمر من السلطات بكل اشكالها (سلطة الأسرة , سلطة العشيرة , سلطة رئيس الدائرة , سلطة المعلم بالمدرسة , سلطة رئيس الجمعية , سلطة مدير المصنع , سلطة رئيس النقابة …… وغيرها من السلطات متابعة تنفيذ الزام القيم بحرص وجدية واعتقد سيكون لذلك دوراً ملموساً في علاج الفساد الإداري والمالي على المدى المتوسط إذا صدقت النوايا وعزمت الإرادة ….. مع الشكر
د.شاكر حسين الخشالي