القصة الومضة وجدلية المصطلح
لقد بدأت القصة الومضة تشغل حيزا كبيرا في سماء الأدب قياسا بعمرها الصغير وتعتبر من مستجدات الفنون السردية.
وتعرف بأنها:”لحظة زمنية أو احساس شعري خاطف يمر بالذهن ويصوغه القاص بكلمات قليلة”.
وقد أطلقت عدة تسميات و مصطلحات على هذا اللون القصصي الجديد مثل : القصة اللحظة، القصة الجديدة، القصة الكبسولة، اللوحة القصصية وخواطر قصصية ،القصة النتفة والقصة المكثفة، القصة المركزة، القصة البرقة، إيحاءات قصصية، القصة القصيرة القصيرة…..الخ.
إلى أن استقر المصطلح على القصة القصيرة جدا ولكن هل تتناسب التسمية طردا مع هذا اللون الجديد؟
يرى الناقد الباحث الدكتور محمد رمصيص: أن تسميتها بالقصة القصيرة جدا تسير عكس الحذف و التكثيف وعن تسميتها بالومضة اعتبرها أكثر ملائمة و احتواءا لطبيعة هذا اللون الجديد لأن مصطلح القصة القصيرة جدا لا يجعل منها نوعا مستقلا، وأن التآلف الاصطلاحي بين عبارة القصة القصيرة و عبارة جدا لا يسهم في فض الاشتباك بين الومضة والقصة القصيرة جدا بل يغذي فكرة التماهي المفاهيمي والنوعي وهذا المصطلح الرجراج نجم عنه اخفاق المقاربات التي تحاول ربطها قسرا بالقصة القصيرة انسياقا مع الفهم الخاطئ للمصطلح.
ويرى الكاتب الأديب مجدي شلبي مؤسس القصة الومضة أن القصة الومضة طبقا لما أرساه من دعائم وأسس وما حدده من عناصر وأركان وما وضعه من معايير وضوابط هي نص أدبي مبتكر يتكون من شطرين وطبقا لهذا القول أن كل نص لا يتكون من شطرين لا يمكن اعتباره قصة ومضة.
بدن القصة الومضة أدب الحكمة ،صوت العقل سحر البيان سلامة الفكرة وبلاغة التعبير هدفها ابراز مفاتين النص الذي هو الأصل.
كل نص لا يراعي زمن الومضة(البرقة) ويعتمد على تفاصيل السرد الحكائي حتى ولو جاء في شطرين لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره قصة ومضة.
البرقة تنتج عن اصطدام بين شطرين أو سحابتين إحداهما شحنة موجبة والأخرى شحنة سالبة وتتوقف قوتها على قوة الشحنة وشدة الاصطدام وعلية كل نص لا يتوقف على المفارقة القوية و الادهاش الشديد لا يمثل ابداع قصة ومضة.
يومض البرق ويقصف الرعد فتحدث صاعقة وطبقا لهذا كل نص لا يترك أثرا قويا لا يعتبر قصة ومضة.
يعقب الصاعقة هطول المطر وطبقا لهذا كل نص لا يفتح بابا للتأويل و تعدد القراءات لا يكون قصة ومضة.
هذه هي شروط التي وضعها الدكتور محمد شلبي للقصة الومضة ويعترف بشرعية واستقلالية هذا اللون الجديد ولكن من منظور المصطلحية هناك مجموعة من القصاص يكتبون في القصة الومضة و النتفة و اللحظة فهل يمكن اعتبار كثرة المصطلحات مجرد مترادفات أم هي في الواقع مجرد مشتقات للقصة الومضة وإن كانت كذلك فكيف يفرق بينها المتلقي؟
أمال محمدي الجزائر